الصباح اليمني _ متابعات |
وسط نحيب يهد الجبال ودموع منهمرة وجسم يرتعد كما لو كانت أصيبت فجأة بشلل رعاشي قالتها “خالدة. ب” بصوت تخنقه العبرات “أتمنى لو كنت مت”.
ويبدو الموت أهون بكثير لهذه العشرينية المسلمة من مشاعر الذل والهوان وهي تسترجع ذكريات اغتصاب جماعي بشع من أغراب بوذيين تحمل منه ثم لا تجد من وسيلة إلا التخلص من بطنها في عملية إجهاض غير شرعية وترى ابنيها وهما يُلقيان إلى نيران مستعرة.
وتسرد وقائع هجوم مباغت للجيش الميانماري مستخدما المروحيات على قريتها تولاتولي في إقليم أراكان ذات صباح أسود من أواخر أغسطس 2017 وتقول “أشعلوا الحرائق في البيوت ورموا الأطفال فيها.. قتلوا زوجي ضمن إعدام جماعي لرجال الحي الذين بلغوا أربعة آلاف ورموا اثنين من أولادي في النيران”.
ويروي احد الكاتب قوله: تعرضت خالدة للطعن في البطن وبعد اغتصابها من خمسة ضباط هربت وهي تنزف إلى الغابة ومن هناك فرت باثنين من أولادها الأربعة ونجوَا بأعجوبة إلى بنغلاديش المجاورة.
وحسب ماذكر مركز الجزيرة للحقوق والحريات: تقول في شهادتها للمركز إن الضباط حسبما سمعت يقومون بعمليات الاغتصاب في وقت يتولى الجنود الحراسة وأحيانا يغتصبون كبيرات السن أو من لا تبدو عليهن سيما الجمال.
وفي شهادة مماثلة تقول زهرة بيغام ذات 21 ربيعا وهي تنحدر من حي بيرموم في منطقة “أيكب” في أراكان إنها تعرضت لاغتصاب جماعي بعد قتل زوجها وابنها ذبحا بسكين في هجوم عسكري من ذات الأيام في أغسطس 2017.
وتوضح بأن زوجها حاول الدفاع عنها بعد عمليات اغتصاب مروعة شاعت في الحي وتقول وهي تطرق خجلا وتنتحب “تعاقب عليّ بالاغتصاب ثلاثة جنود وثمة رابع كان يحرسهم بالباب”.
وقالت في حديثها “لا يمكن أن أنسى طول حياتي تلك اللحظات.. لم أقاوم ولذلك لم يقتلوني.. كنت حاملا في بداية شهري الثاني.. لم يفطنوا لحملي ولذلك لم يبقروا بطني كما جرى مع الآلاف”.
وروت أخريات في حديثهن “لمركز الجزيرة” كيف عانين من تورم وتمزق أعضائهن التناسلية أثناء فرارهن إلى كوكس بازار أقرب مدينة بنغالية لإقليم أراكان.
واسترجعت روهينغيات ذكريات مريرة “كيف كانوا يطلقون الأعيرة النارية على أزواجهن بعد عمليات اغتصاب جماعي وتهشيم رؤوس أطفالهن بالخيزرانة الضخمة حتى الموت.
وقال د. افتخار محمود الرئيس المؤسس لمستشفى الأمل للنساء والأطفال في بنغلادش إن مؤسسته استقبلت عام 2017 مئات المغتصبات الروهينغيات حيث جرى علاجهن بدنيا ونفسيا.
ويستطرد بأن الكثيرات حاولن التخلص من أجنتهن بالمستشفي وإن بعضهن نجح في ذلك بأماكن أخرى في عمليات غير شرعية.
ويذكر تقرير لوكالة أونتاريو للتنمية الدولية (مؤسسة غير حكومية مقرها كندا) أن نحو 18 ألفا من نساء الروهينغا تعرضن للاغتصاب على أيدي عناصر من الجيش والشرطة والرهبان البوذيين في ميانمار.
ولعل ما يضاعف من مأساة “خالدة. ونظيراتها أنه لا يمكنها الزواج مرة أخرى لإعانتها في تربية وإعاشة ولديها فالأعراف المحلية الروهينغية تقتضى بأنها هي من يدفع الصداق وتحتاج إلى ستين ألف تاكا بنغالية (نحو 750 دولارا) لدفعها مهرا لمن يقبل الزواج منها.
المصدر : الجزيرة
خليك معنا