الصباح اليمني_مساحة حرة|
إن الوحدة اليمنية الوطنية هي شعار يرفعه الجميع في اليمن، وهي أحد القيم الرئيسية التي نحملها بكل فخر، فهذا البلد من صعدة إلى المهرة، هو موطننا الوحيد وأرضنا المقدسة، وعلى الرغم من كوننا شعب متنوع ثقافياً له عادت وتقاليد مختلفة، فإننا نشترك في تاريخ وتراث مشترك يربطنا معاً كشعب واحد، يحتفظ بقيمة التعايش والتعددية الثقافية والتسامح.
اليمن بلد متنوع الثقافات، ويوجد فيه عدة مجموعات عرقية وثقافية تعيش في جميع انحائه، وقد أفسح التوافق والتعاون بين هذه المجموعات المجال لإدارة الدولة اليمنية ككيان واحد – بصرف النظر عن مدى تحقيقها للتنمية الاقتصادية للدولة من عدمه – ولكن خلال السنوات الأخيرة، شهد البلد أحداثاً عديدة من العنف والتقسيم الطائفي والصراع السياسي دارتها أطرافاً إقليمية ودولية، ما تسبب ذلك في خلق أسوء أزمة إنسانية على مستوى العالم وفق توصيف الأمم المتحدة.
ويمر المجتمع اليمني على مدى تسع سنوات عجاف، بظروف قاسية وصعبة، في ظل مواجهته أزمة إنسانية خانقة، ومؤامرات عدة، الواحدة تلوى الآخرى، ضمن مطامع (جيوسياسية اقتصادية) دول الغرب وعلى رأسها أمريكا، في هذا البلد الذي يتمتع بأهمية جيوسياسية تتجلى بالموقع الجغرافي وما يختزنه من ثروات طبيعية هامة.
ويعد تميز جغرافيا اليمن بتنوع مظاهر السطح، الحافز الأبرز لدى أمريكا وبريطانيا وفرنسا، لمحاولة تحقيق مشروعهم التقسيمي في البلاد، غير أن القوى الوطنية في صنعاء وقفت حائلاً أمام هذا المشروع مطلع عام 2015م، فما كان على تلك الدول إلا الدفع بحلفائها في المنطقة إلى شن حرباً عسكرية تقودها السعودية والإمارات مع دول عربية وأجنبية أخرى، في توجه استراتيجي ديمومي يهدف إلى جعل البلد بؤرة للفوضى والإرهاب، وهي بذلك تحقق أكبر مكسب لها، ومؤخراً، تكشف التحركات الأجنبية الأخيرة في الجنوب أن ذلك لم يعد كافياً لضمان المصالح الغربية في ظل المتغيرات السياسية والعسكرية، والآن تتجه نحو ترجمة سياسة التمزيق بشكل فعلي ورسمي.
وفي الوقت الراهن، تعمل دول التحالف على قدم وساق، على تهيئة مناخ مناسب، لأدواتها في جنوب اليمن، لتمرير مشروع الانفصال وتفكيك وتقسيم البلاد على أرض الواقع، من جهة، والعمل على تغذية الانقسامات والتشرذم وإشعال الصراعات، إلى جانب تنفيذ الرغبة الأمريكية في استمرار عرقلة جهود السلام، وإبقاء حالة اللا حرب واللا سلم قائمة، من جهة أخرى.
ويعتبر هذا المعطى مؤشراً عاماً على مدى إصرار الولايات المتحدة الأمريكية في السير قدماً نحو إجهاض جهود السلام في اليمن بما يتناسب مع مصالحها في المنطقة، ما يؤكد لنا حقيقة الموقف الأمريكي من مساعي إنهاء الأزمة اليمنية، فيما يدل ذلك – إلى جانب كثافة النشاط العسكري الأجنبي خلال الآونة الأخيرة جنوباً وشرقاً – على الاستماتة في تثبيت الوضع السياسي والأمني في البلاد، في إطار ضمان تحكمها مستقبلاً بمصيره، حتى لو قضى الأمر بواشنطن إلى تمزيق هذا البلد إلى أجزاء صغيرة متناحرة، وهذا ما ترمي إليه تحركات أدوات التحالف حديثاً على الأرض.
ومن المهم الإشارة هنا إلى أن تقسيم اليمن يمكن أن يؤدي إلى تداعيات كارثية على كافة المستويات، بما في ذلك زيادة الفقر والانقسامات الاجتماعية والطائفية وتصاعد التدهور في الوضع الأمني، ويجب على الاطراف والمكونات اليمنية في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف ألا تتماهى وتنخرط مع هذا المخطط التدميري، والنظر بعناية في أي فكرة للتقسيم والتشطير وتحليل الآثار المحتملة.
عموماً، فما يسعى إليه التحالف ومن خلفه الغرب وعلى رأسهم أمريكا، من أهداف واضحة المعالم، يجعلنا نؤكد على أهمية تسليط الضوء على الحاجة الملحة للمصالحة الوطنية لاستعادة الأمل في مستقبل أكثر إشراقاُ بعيداً عن أي تدخل أجنبي، وما علينا سوى أن نجتمع معاً كشعب واحد تحت ضربات قلبنا المشتركة.
نعم، لا يمكننا إنكار وجود بعض الخلافات البسيطة بين اليمنيين أنفسهم، ولكننا أيضاً وفي نفس الوقت، لا يجب أن ننسى إنها تأتي توازياً مع محاولات إثارة النعرات والتفرقة والكراهية السياسية والثقافية والعرقية، ومن الطبيعي أن نختلف في بعض الرؤى والأفكار، ومع ذلك، تجمعنا الوحدة الوطنية، بأي شكل من الأشكال، ونعمل بروح واحدة، ونبضة قلب واحدة، وإعلاء الصالح العام على المصالح الخاصة، ومواجهة كل المخططات الأجنبية التي تحاك ضد اليمن، شعباً وأرضاً، فعلى الرغم من التحديات الكثيرة التي نواجهها حاليًا، إلا أن التمسك بالوحدة الوطنية يعتبر الطريق الوحيد الذي يضمن لليمنيين مستقبلًا زاهراً، وإنهاء العنف والصراعات، وتكريس السلم والاستقرار في كل شبر من البلاد.
وختاماً، يمكننا القول إن مستقبل اليمن يعتمد بشكل كبير على الحفاظ على وحدته، باعتبار الوحدة اليمنية عامل حاسم في تحقيق سيادة البلاد واستقلاله، ونحتاج جميعاً إلى أن نتذكر أنه عندما نكون متحدين، سوف نواجه أي تحدي بقوة ونتجاوز كل المخاطر، فعندما يكون الشعب اليمني واحداً، فإنه يمكن التصدي لجميع التحديات التي تواجهه وإيجاد حلول عادلة ومستدامة للمشكلات المتواجدة في بلده.