من جديد يصل المبعوث الاممي إسماعيل ولد الشيخ الى العاصمة اليمنية صنعاء، بعد فترة إنقطاع طويلة. عودة حملت ضجيجاً إعلامياً ربما افتقده ولد الشيخ كثيراً. فكان مطار صنعاء مستقراً لطائرة المبعوث الاممي ، الذي تصّرُ مؤسسته الدولية على حرمان اليمنيين من أبسط حقوقهم ،ضاربة بتحذيرات المنظمات الدولية والانسانية حول الوضع الصحي والمعيشي للمواطنين عرض الحائط ، متجاهلة وعوداً بفتح مطار صنعاء ،ربما يريد ولد الشيخ أن ينفرد بميزة الهبوط والاقلاع منه، دون غيره.
عودة إسماعيل تأتي في ظل تطورات هامة ، تتجاوز أهمية مبادراته ، مجتمعة ،فالكوليرا التي استبقت قدوم الموفد الاممي بأسابيع تسارع في حصد ارواح اليمنيين الذي يدعي هو حمايتهم ويسعى لرأب الصدع فيما بينهم.
كما أن زيارة ابن الشيخ تأتي في ظل رفض شعبي ورسمي لتواجده ،بوتيرة أكثر من أي وقت مضى، بل هو في نظر اليمنيين أداة عرقلة لا تسوية ، فيما تراه حكومة صنعاء ، دمية تلعب بها دول التحالف وتحركها كيفما ووقتما شاءت.
الحديث عن مبادرات وتعهدات ، لم يعد لها قبولٌ في الشارع اليمني ، كونه بحسب مراقبين قد ملّ من هذه الاسطوانة سيئة الذكر، فولد الشيخ الذي شجع ودافع عن قرار نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء الى عدن ،بنظر الشعب اليمني المسؤول الاول عن تدهور الوضع المعيشي لموظفي الدولة بكل انتماءاتهم ،لا سيما وانهم دخلوا الشهر الثامن بلا مرتبات ،والتي تعهدت شرعية ولد الشيخ بصرفها ،ليس لأولئك الساكنين تحت سيطرة الحوثيين، بل حتى موظفي المحافظات المحررة ،كما يحب ان يسميها ولد الشيخ.
الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثيين محمد عبد السلام، أشار في منشور له في صفحته على “الفيسبوك” بأنه لا لقاءات مع ولد الشيخ قبل ان تفي مؤسسته الدولية بتعهداتها الانسانية والأخلاقية ،وأولى تلك التعهدات صرف رواتب الموظفين وفتح مطار صنعاء الدولي .
وعبر عبد السلام عن أسفه لتواطئ الأمم المتحدة بشكل كبير في تسهيل الحصار الاقتصادي ونقل البنك المركزي وغيرها من الممارسات وقيامها بالتغطية على جرائم العدوان العسكرية والاقتصادية والإنسانية بحق الشعب اليمني.
مراقبون ، يروا ان عودة ولد الشيخ الى صدارة المشهد القاتم في اليمن، يأتي ربما في سياق مبادرة جديدة تحرص ألمانيا على إنجاحها ، ووضع حدٍ لمعاناة ملايين اليمنيين الذين طحنتهم الحرب والحصار إضافة لولد الشيخ إسماعيل.
المبادرة الجديدة عبارة عن خطة مقترحة من الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي، – حسب ما تفيد الانباء – تقضي بسريان هدنة إنسانية خلال شهر رمضان المبارك، بالتزامن مع إطلاق متبادل للأسرى، والمختطفين قسرياً، ورفع الحصار عن المدن، وإتاحة المجال لوصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة، بما يسهم في تهيئة أجواء مواتية لاستئناف مشاورات السلام بين اطراف الصراع في اليمن.
ونقلا عن صحيفة الخليج الاماراتية فأن المبادرة التي حظيت بموافقة مبدئية من قبل طرفي الصراع ، تنص أيضا على فتح مطار صنعاء الدولي أمام حركة الطائرات، شريطة تولي الأمم المتحدة مراقبة وفحص الطائرات القادمة والخارجة من المطار.
وكانت برلين قد احتضنت خلال الايام الماضية لقاءات بين ممثلين عن اقطاب الصراع اليمني برعاية ألمانية، لمناقشة سبل الخروج من الوضع المتأزم في اليمن.
وتحظى حكومة برلين كما يرى متابعون باحترام كل الاطراف السياسية باعتبارها لم تتورط او تميل لطرف على اخر ،ولا تحوم حولها شبهات اطماع السيطرة والنفوذ كما هو حال بقية اللاعبين الدوليين ، الامر الذي يراه مواطنون يمنيون محط أمل لنجاح فريق المستشارة انجيلا ميركل في ايقاف دوامة الحرب والتوجه لمعالجة تحديات أخطر، كالوضع الصحي والاغاثي ، واللذان ينذرا بموجة إنحدار نحو الهاوية.