أقيم في مركز «كارنيغي للشرق الأوسط» في العاصمة اللبنانية بيروت، ندوة بعنوان «الصراع في اليمن»، ناقشت العديد من الجوانب في الأزمة اليمنية وتطوراتها المتلاحقة، بدءً من مؤتمر الحوار الوطني، مروراً بعاصفتي «الحزم» و«الأمل»، وصولاً إلى مقتل صالح، وتداعيات مقتله.
وتطرّقت الندوة للظروف التي هيأت لقيام «المجلس الإنتقالي»، وصولاً إلى الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة عدن بين قوارت الرئيس عبدربه منصور هادي، وقوات «المجلس الإنتقالي». وناقشت المفاعيل الإقليمية والدولية وتأثيرها على حلحلة الأزمة اليمنية أو تصعيدها، وحقيقة وجود اتفاق أمريكي – روسي يفضي إلى حل الأزمة. وحضرها شخصيات سياسية لبنانية وباحثون يمنيون وعرب وأجانب.
وعُنونت الجلسة الأولى بـ«التجاذبات الإقليمية»، أدارها الباحثة في «كارنيغي» مهى يحيَ، وتحدث فيها جميلة علي رجاء، باحثة ودبلوماسية سابقة، وماجد المذحجي، المدير التنفيذي لـ«مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية»، فيما عنوت الجلسة الثانية بـ«ديناميكيات الصراع المحليّة»، أدارها الباحث في «كارنيغي» فارع المسلمي، وتحدث فيها، حسام ردمان، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، وأمين اليافعي، ناشط وكاتب، وسماء الهمداني، باحثة وكاتبة.
الجلسة الأولى:
بدأت الباحثة والدبلوماسية جميلة علي رجاء، بالقول إن «الحوثيين كانوا أصحاب مظلمة، حيث أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح، كان يسلحهم، وفي نفس الوقت يسلح سلفيي دماج، بهدف إضعاف الطرفين، كذلك بهدف إضعاف الجنرال علي محسن صالح، الذي كان يشغل حينها قائد المنطقة الشمالية الغربية، وقائد الفرقة الأولى مدرع»، مشيرةً إلى أن «الحوثيين أبلوا بلاءً حسناً في مؤتمر الحوار، لكننا لم نكن نعلم صدق النوايا».
ورأت رجاء أنه «لو لم ينقلب الحوثيون على مخرجات الحوار الوطني، لانقلبت الأطراف الأخرى، لأن المخرجات كانت عالية السقف».
وأوضحت أن «مخاوف الحوثيين حالياً مخاوف وجودية، والسؤال الذي يطرح نفسه هل هذه المخاوف مشروعة أم لا؟»
وفيما يخص صالح، رأت رجاء، أنه «لم يكن دكتاتورياً، لكنه كان يجيد اللعب على المتناقضات»، مشيرة في ذات السياق أن «الحوثيين والخليج خسروا المؤتمر وصالح».
وبخصوص وراثة تركة صالح السياسية، أشارت إلى أنه «لا يوجد شخص مؤهل لقيادة المؤتمر»، موضحةً أن «تشكيلات طارق صالح، لا تعدو عن كونها أحد التشكيلات العسكرية».
وفي سياق منفصل، لم تتفق رجاء مع السائل الذي قال هل تقسيم اليمن حلاً للأزمة؟ حيث قالت «لو كان حلاً لسهّل المشكلة»، مضيفةً «نحن بحاجة إلى حوار حقيقي»، وتابعت «كان يجب أن يلي الحوار الوطني حوارات دائمة، ولو بشكل جزئي».
بدوره، رأى المدير التنفيذي لـ«مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية»، ماجد المذحجي، بعكس رجاء، أنه «لا مصير مستقر لدولة يمنية واحدة»، مشيراً إلى أن «الرئيس عبدربه منصور هادي، يتحمل الكثير»، وأردف «هادي موجود وليس موجود، هو فقط يحرس موقعه جيداً، لكنه لا يحرس المصالح العامة للبلد».ما جرى في عدن مؤخراً هو صراع مسلح لكن مفاعيله سياسية
كما حمّل المذحجي «التحالف العربي، المزيد من الكوارث، ليس على المستوى الإنساني فقط، بل على المستوى السياسي أيضاً»، معتبراً «لحرب التحالف في اليمن بأنها أسوأ إدارة حرب في العالم».
وأضاف «لا يمكن تجاوز العامل الإقليمي، خصوصاً إيران، بالإضافة إلى موقف قطر بعد الأزمة الخليجية»، مشيراً إلى أن «واحدة من أهم محركات الحرب هو التدخل الإيراني في اليمن».
وأردف فيما يخص العامل الإقليمي، فإن «الإعلام القطري بعد الأزمة الخليجة بات يخدم الحوثيين، كما أن قطر تقوم بإدارة ما يخدم الحوثيين سياسياً وإعلامياً»، منوهاً إلى أن «قطر تدعم حزب الإصلاح المناهض للحوثيين»، معتبراً أن هذا التناقض «إحدى المفارقات الإقليمية».
وفي السياق، أوضح المذحجي، أن «التحالفات في اليمن تتبدل من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال»، مشيراً إلى أن «لدى الأطراف اليمنية قدرة برغماتية على تبديل التحالفات، خاصة في الشمال»، ضارباً أحد الأمثلة «عداء وتحالف ومن ثم عداء صالح والحوثي».
وفيما يخص أحداث ديسمبر الأخيرة، لفت المذحجي، إلى أنه «يتم نهب قيادات المؤتمر لصالح الأطراف المتقاتلة»، مؤكداً في ذات السياق أنه «لا أحمد ولا طارق يستطيعان تعويض صالح».
الجلسة الثانية:
بدأ الباحث حسام ردمان، بالتأكيد على أن «ما جرى في عدن مؤخراً بين قوات المجلس الإنتقالي وقوات الرئيس هادي، هو صراع مسلح لكن مفاعيله سياسية، بدأت مع اقالة الزبيدي من محافظة عدن ليأتي بعد ذلك تأسيسي المجلس الإنتقالي»، مشيراً إلى أن الشرعية خسرت على المستوى العسكري، لكنها حافظت على بقائها سياسياً من خلال بقاء حكومة بن دغر».
أما فيما يخص مكاسب الأطراف الإقليمية من أحداث عدن الأخيرة، رأى ردمان أن «الإمارات كسبت، بينما السعودية كسبت وأحرجت»، موضحاً أن هناك «خلاف سعودي – إماراتي وليس اختلاف».
وفيما يخص السلفية وتوغلها في الجنوب، قال ردمان «نزحت المراكز السلفية من الشمال إلى الجنوب أثناء دخول الحوثيين المحافظات الشمالية، ما دعاهم لتشكيل مراكز بديلة في الجنوب».
وأوضح أن «السلفية كانت دعوية وجهادية، صارت اليوم جميعها جهادية، والجهادية نوعان جهادية مسيّرة تتبع أطرافاً وحكومات، وجهادية مستقلة تتبع تنظيمي القاعدة وداعش مباشرة»، مشيراً في ذات السياق إلى أن «داعش دخيلة على الشعب اليمني، بينما القاعدة لها جذور».
وفيما يتعلّق بحلحلة الأزمة اليمنية وامكانية التوصل إلى تسوية سياسية، قال ردمان «مامن توافقات تقوم على الحل، ولا من توافقات للحرب».
وحول سؤال «العربي» الذي وجه لردمان، عن ردود الأفعال الواقعية في الشارع الجنوبي إزاء تصريحات الزبيدي بخصوص دعم طارق صالح، قال ردمان «لا يوجد رأي عام رافض من الشارع الجنوبي»، مضيفاً «إذا لم يؤد دعم المقاومة الشمالية إلى مكاسب جنوبية سيتم رفضه».
أم الكاتب أمين اليافعي، فقد رأى أن «الحوثي شكل خطراً على السلفية في الجنوب، ما دعا الأخيرة إلى مواجهته».
وفي سياق منفصل، اعتبر اليافعي، أن «المجلس الإنتقالي في في طور التشكّل وأمامه تحديات كبيرة، أبرزها الشرعية»، لافتاً إلى أنه «بعد تحرير الجنوب أصبح هناك فراغ كبير خاصة أن القوات العسكرية التي كانت في الجنوب كانت تتبع صالح».
وذكر أن «الحراك الجنوبي لا يستطيع أن يدعي التمثيل الحصري للجنوب، لكنه الأبرز».
أما الباحثة سما الهمداني، فقد علّقت على المفاعيل الدولية تجاه الأزمة اليمنية، حيث قالت إن «السياسة الأمريكية مع اليمن، سياسة مفاضلة»، مشيرةً إلى أن «واشنطن لا تكترث للحكومة اليمنية، هي فقط تتعامل مع السعودية في إطار مواجهة إيران في المنطقة».
وأضافت أنه «لا يعتقد أن أمريكا والروس سيتحالفن لايقاف الحرب في اليمن، خاصة أن الإنتخابات الأمريكية فيها لبس تدخل روسي».
خليك معنا