الجميع يعرف أن مجلس النواب كان مجمد الدور الدستوري منذ المبادرة الخليجية في عام 2011م، وظل انعقاده خاضعا للتوافق ، حتى حين استقال هادي وحكومته لم يستطع البرلمان الانعقاد ليبت في الاستقالة ليس لأن اللجنة الثورية أو قوى الثورة منعت انعاقده بل لأنه كان لايزال محكوما بمبدأ التوافق الذي كان لايزال ساريا في ظل وجود حوار في موفنبيك بوجود المبعوث الأممي جمال بن عمر حينها .
التزام البرلمان بمبدأ التوافق طوال فترة المبادرة الخليجية وبعدها كان محل تفهم كل القوى الوطنية ، وحتى بعد العدوان كان هناك تفهم لرؤية صاحب الأغلبية فيه وهو حزب المؤتمر بان يظل البرلمان مجمد الصفة الدستورية برغم انه يقف ضمن جبهة مواجهة العدوان كونه يدرك أن من غير الممكن أن يحرك البرلمان بمفرده حتى ولو كانت الأغلبية تابعة له .
وحين أتى الاتفاق السياسي بين المؤتمر وحلفائه وأنصارالله وحلفائهم كان بمثابة إطار سياسي جديد، وتضمن في طياته إعادة انعقاد البرلمان في إطار التوافق الذي يحكم الاتفاق السياسي أيضاً ، باعتبار الاتفاق السياسي هو الحاكم للمرحلة ، وشاهدنا المجلس ينعقد تحت مظلة الاتفاق السياسي وبحسب التوافق بين الأطراف المشاركة فيه .
والسؤال هنا ، هل انعقد البرلمان هذه المرة واقر مبادرته تحت مبدأ التوافق الذي يحكم المرحلة ويحكم انعقاده ؟!
هذا السؤال موجه للأطراف السياسية قبل أن يوجه إلى البرلمان نفسه ، لأن إفادة الأطراف السياسية التي تشكل قوام الاتفاق السياسي الحاكم سيوضح لنا جدلية مشروعية المبادرة من عدمها ، إضافة إلى انه سوف يجيب على تساؤلات الشارع وينهي حالة التراشق الإعلامي بين جمهور المكونين الرئيسيين في العملية السياسية .
وبعيدا عن الخوض في كون البرلمان مخولا ضمن مهامه الطبيعية لإطلاق مبادرات سياسية أم لا .. نريد أن نسأل : ما المشكلة في أن يعرف الشارع الغاضب ماوراء الأكمة ، من هو الذي يقف وراء هذه المبادرة ومن مررها عبر المجلس وماهي المسوغات والمبررات السياسية أو الإنسانية ؟
مع العلم أن المبادرة التي أطلقها مجلس النواب أو البرلمان لو لم تكن مهينة وخطيرة وترهن مستقبل اليمن كله وسيادته وسواحله ومنافذه للوصاية وللتدويل ، سواء ما كان تحت سيطرة الجيش واللجان وسلطات الاتفاق السياسي أو ما يقع تحت قبضة الاحتلال .
يفترض أن البرلمان في الأول والأخير يمثل اليمنيين كل اليمنيين ومعني بصون السيادة اليمنية لكل اليمن باعتباره أن الاحتلال أمر طارئ وليس قدرا حتى يعد التسليم لتدويل سواحل اليمن ومنافذه المحتلة للوصاية .
ويفترض أن البرلمان صوت الشعب ، وصوت الشعب يجب أن يكون قويا وصارما وحاسما ، فلم يضح الشعب ويبذل خيرة شبابه من اجل أن يأتي البرلمان الذي يفترض انه يمثله ليستسلم ويسلم اليمن .
بالمختصر ،
في الواقع وبكل صراحة لم يعد البرلمان عمليا يمثل الشعب وإرادته كما هو مفترض ، ولا الأمم المتحدة ومجلس الأمن مؤسسات تمثل الأمم ولا تمثل الأمن الدولي ، فالأول قد انتهى دستوريا و الواقع لم يعد نفسه الذي انتخبه ، والثاني قد اثبت مرارا وبشكل جلي وواضح انه لم يعد طرفا دوليا محايدا بل منحازا للعدوان ولا يمكن الوثوق به ولابدور مؤسساته ومبعوثه وقراراته .