الصباح اليمني_متابعات
كشف تقرير لصحيفة”بروبابليكا” للصحافة الاستقصائية، الأربعاء، أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) قدمت تقرير مفصل لوزير الخارجية الأمريكي بلينكن يثبت أن “إسرائيل” تعرقل دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، في حين أن بلينكن كذب على الكونجرس وقال أن “إسرائيل” لا تعرقل دخول المساعدات إلى عزة.
وبحسب تقرير الصحيفة فإن ما وصفها بـ “أكبر سلطتين في الحكومة الأميركية في مجال المساعدات الإنسانية” خصلت هذا الربيع إلى أن “إسرائيل” تعمدت منع تسليم الغذاء والدواء إلى غزة. مضيفا : ” لقد قدمت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تقييمها لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، كما أعلن مكتب اللاجئين التابع لوزارة الخارجية عن موقفه لكبار الدبلوماسيين في أواخر شهر إبريل/نيسان. وكان استنتاجهم متفجراً لأن القانون الأميركي يلزم الحكومة بقطع شحنات الأسلحة إلى البلدان التي تمنع تسليم المساعدات الإنسانية التي تدعمها الولايات المتحدة. وكانت “إسرائيل” تعتمد إلى حد كبير على القنابل الأميركية وغيرها من الأسلحة في غزة منذ هجمات حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.”
وتابعت الصحيفة :” لكن بلينكن وإدارة الرئيس جو بايدن لم يقبلا أيًا من الاستنتاجين. وبعد أيام، في العاشر من مايو/أيار، ألقى بلينكن بيانًا صيغ بعناية إلى الكونجرس جاء فيه: “نحن لا نقدر حاليًا أن الحكومة الإسرائيلية تحظر أو تقيد بأي شكل آخر نقل أو تسليم المساعدات الإنسانية الأمريكية”.
ولفتت إلى أنه :” وقبل صدور تقريره، أرسلت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى بلينكن مذكرة مفصلة من 17 صفحة حول سلوك “إسرائيل”. ووصفت المذكرة حالات تدخل “إسرائيل” في جهود الإغاثة، بما في ذلك قتل عمال الإغاثة، وهدم المنشآت الزراعية، وقصف سيارات الإسعاف والمستشفيات، والاستيلاء على مستودعات الإمدادات، ورفض دخول الشاحنات المحملة بالطعام والدواء بشكل روتيني.” وبحسب المذكرة، تم تخزين المواد الغذائية المنقذة للحياة على بعد أقل من 30 ميلاً عبر الحدود في ميناء إسرائيلي، بما في ذلك ما يكفي من الدقيق لإطعام حوالي 1.5 مليون فلسطيني لمدة خمسة أشهر. ولكن في فبراير/شباط، حظرت الحكومة الإسرائيلية نقل الدقيق، قائلة إن المتلقي هو فرع الأمم المتحدة في فلسطين الذي اتُهم بإقامة علاقات مع حماس.”
وأوضحت أنه : “وبشكل منفصل، قرر رئيس مكتب السكان واللاجئين والهجرة في وزارة الخارجية أيضًا أن “إسرائيل” تعيق المساعدات الإنسانية، وأن قانون المساعدات الخارجية يجب أن يتم تفعيله لتجميد ما يقرب من 830 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب المخصصة للأسلحة والقنابل لـ”إسرائيل”، وفقًا لرسائل البريد الإلكتروني التي حصلت عليها ProPublica.”
وفي السياق، أعلنت الأمم المتحدة عن مجاعة في غزة، في حين ذكرت لجنة خبراء المساعدات المستقلة الرائدة في العالم، أن ما يقرب من نصف الفلسطينيين في غزة يعانون من الجوع، “ويقضي كثيرون منهم أياماً دون تناول الطعام. وتقول السلطات المحلية إن عشرات الأطفال ماتوا جوعاً ـ وهو ما قد يكون أقل كثيراً من العدد الحقيقي. ويكافح العاملون في مجال الرعاية الصحية نقص التطعيمات، فضلاً عن أزمة الصرف الصحي. وفي الشهر الماضي، أصبح طفل صغير أول حالة مؤكدة من شلل الأطفال في غزة منذ 25 عاماً.”
وذكرت الصحيفة نقلا عن مسؤولو الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أنه “بسبب سلوك “إسرائيل”، يتعين على الولايات المتحدة أن توقف مبيعات الأسلحة الإضافية إلى البلاد. وحصل موقع “بروبابليكا” المختص بالصحافة الاستقصائية، على نسخة من مذكرة الوكالة الصادرة في أبريل/نيسان إلى جانب قائمة الأدلة التي استشهد بها المسؤولون لدعم نتائجهم.”
وقالت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تقودها الدبلوماسية المخضرمة سامانثا باور، “إن المجاعة الوشيكة في غزة كانت نتيجة “الإنكار التعسفي والقيود والعقبات التي فرضتها “إسرائيل” على المساعدات الإنسانية الأميركية”، وأشارت إلى أن “حاولت الوكالة لشهور وفشلت في توصيل ما يكفي من الغذاء والدواء إلى السكان الفلسطينيين الجائعين واليائسين.”
ويفيد تقرير الصحيفة أنه : ” وخلصت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى أن هذا “يعتبر من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم”.
من جهته قال سكوت بول، المدير المساعد في منظمة أوكسفام: “إن الإيحاء بأن الوضع الإنساني تحسن بشكل ملحوظ في غزة ليس أكثر من مهزلة. إن ظهور شلل الأطفال في الشهرين الماضيين يخبرك بكل ما تحتاج إلى معرفته”.
ونوهت الصحيفة إلى الخلافات في إدارة بايدن بشأن تزويد “إسرائيل”بالأسلحة، قائلا :” كانت مذكرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مؤشرا على وجود خلاف عميق داخل إدارة بايدن بشأن قضية المساعدات العسكرية لـ”إسرائيل”. في مارس/آذار، أرسل السفير الأمريكي لدى “إسرائيل”، جاك لو، برقية إلى بلينكين يزعم فيها أن مجلس الحرب الإسرائيلي، الذي يضم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت، يجب أن يحظى بالثقة لتسهيل شحنات المساعدات إلى الفلسطينيين.” مضيفا أن :” وقد أقر لو بأن “أجزاء أخرى من الحكومة الإسرائيلية حاولت عرقلة حركة “المساعدات الإنسانية”، “ولكنه أوصى بمواصلة تقديم المساعدات العسكرية لأنه “قدّر أن “إسرائيل” لن تمنع أو تقيد أو تعيق بشكل تعسفي شحنات الغذاء والدواء التي تقدمها الولايات المتحدة أو تدعمها”.
وتضيف أنه “وفي الأشهر التي سبقت تلك البرقية، كان لو قد أُبلغ مراراً وتكراراً عن حالات قام فيها الإسرائيليون بمنع المساعدات الإنسانية، وفقاً لأربعة مسؤولين أميركيين مطلعين على عمليات السفارة، ولكن مثل غيرهم ممن وردت أسماؤهم في هذه القصة، لم يكن مخولاً لهم الحديث عن هذه الحالات. ووفقاً لاثنين من المسؤولين، قال لو إن “أي دولة أخرى لم تقدم قط مثل هذا القدر من المساعدات الإنسانية لأعدائها”. وقال المسؤولان إن التعليقات أثارت استياء واسع النطاق. وقال أحد المسؤولين لـ ProPublica: “لقد أثار هذا غضب الناس. كان ليكون متحدثًا رائعًا باسم الحكومة الإسرائيلية”.
وأشارت إلى أ، :” وقال مسؤول ثان إن ليو كان لديه القدرة على الوصول إلى نفس المعلومات التي حصل عليها قادة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في واشنطن، بالإضافة إلى الأدلة التي جمعها دبلوماسيو وزارة الخارجية المحليون العاملون في القدس. وقال مسؤول ثالث: “لكن غرائزه تدفعه إلى الدفاع عن إسرائيل”.
وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية: “لقد كان السفير ليو في طليعة عمل الولايات المتحدة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، فضلاً عن الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من شأنه أن يضمن إطلاق سراح الرهائن، وتخفيف معاناة الفلسطينيين في غزة، وإنهاء الصراع”. مضيفا : ” ولكن المحاسبة الكاملة لأدلة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وتحديد مكتب اللاجئين في أبريل/نيسان، وتصريحات الخبراء في السفارة ــ إلى جانب قرار لو بتقويضهم ــ تكشف عن جوانب جديدة من الانقسام الصارخ داخل إدارة بايدن وكيف برر كبار الدبلوماسيين الأميركيين سياسته المتمثلة في الاستمرار في إغراق “إسرائيل” بالأسلحة على الرغم من اعتراضات خبرائهم. في ما يفضح تورط إدارة بايدن ووزارة خارجيته بقيادة بلينكن بجرائم الاحتلال الإسرائيلي.
وقدمت ستايسي جيلبرت، المستشارة العسكرية المدنية السابقة في مكتب اللاجئين والتي كانت تعمل على مسودات تقرير بلينكن المقدم إلى الكونجرس استقالتها، “بسبب اللغة المستخدمة في النسخة النهائية. وكتبت في بيان بعد وقت قصير من رحيلها، والذي نشرته صحيفة واشنطن بوست ووسائل إعلام أخرى: “هناك أدلة وفيرة تثبت أن “إسرائيل” مسؤولة عن عرقلة المساعدات. إنكار هذا أمر سخيف ومخز. مضيفة “إن هذا التقرير وأكاذيبه الصارخة سوف تطاردنا”.
وتشير الصحيفة إلى اهمال الولايات المتحدة الحصار غير الإنساني على غزة : ” ولم تكن وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن ترحب دائماً بمثل هذه المعلومات من الخبراء الأميركيين على الأرض، وفقاً لشخص مطلع على عمليات السفارة. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص عندما أفاد الخبراء بأن عدداً قليلاً من شاحنات المساعدات سُمح لها بالدخول، وفي كثير من الأحيان لم يقبلوا ذلك لأنه كان أقل مما قاله الإسرائيليون. وكان الشعور السائد في واشنطن هو: “نريد أن نرى زيادة المساعدات لأن “إسرائيل” أخبرتنا بذلك”.
توضح صحيفة “بروبابليكا” للصحافة الاستقصائية أنه “ورغم أن “إسرائيل” لديها صناعة أسلحة خاصة بها، فإنها تعتمد بشكل كبير على الطائرات والقنابل والأسلحة الأخرى الأميركية في غزة. فمنذ أكتوبر/تشرين الأول، شحنت الولايات المتحدة أكثر من 50 ألف طن من الأسلحة التي قال جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنها كانت “حاسمة لدعم” “القدرات العملياتية” لقوات الدفاع الإسرائيلية خلال الحرب الجارية.” مضيفة “إن الولايات المتحدة تمنح “الحكومة الإسرائيلية” نحو 3.8 مليار دولار سنويا كخط أساس، وأكثر من ذلك بكثير أثناء الحرب ــ وهي الأموال التي يستخدمها الإسرائيليون لشراء القنابل والمعدات الأميركية الصنع.”
وتكشف الصحيفة كيف خرق البنتاغون والإدارة الأمريكية أحد القوانين في الولايات المتحدة الأمريكية، بخصوص منع تصدير الأسلحة والدعم العسكري للدول الحليفة في حال تم اختراق هذا القانون، وكيف تم تعطيله عندما تعلق الأمر بـ”إسرائيل” وتجاوزه رغم الجرائم الوحشية والغير أخلاقية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة، حيث ذكرت أن “أحد هذه القوانين هو قانون المساعدات الخارجية. يُعرف الجزء الخاص بالمساعدات الإنسانية من القانون باسم 620I، والذي يعود تاريخه إلى حظر تركيا لأرمينيا خلال التسعينيات. لم يتم تنفيذ هذا الجزء من القانون على نطاق واسع. لكن هذا العام، أخرجته جماعات المناصرة وبعض الديمقراطيين في الكونجرس من الغموض ودعوا بايدن إلى استخدام 620I للضغط على الإسرائيليين للسماح بدخول المساعدات بحرية إلى غزة.”
وأوضحت الصحيفة كيف تم الالتفاف على القانون الأمريكي من قبل إدارة بايدن، للاستمرار بتزويد “إسرائيل” بالأسلحة قائلة أنه : “وردًا على ذلك، أعلنت إدارة بايدن عن سياسية تسمى مذكرة الأمن القومي أو NSM-20، لإلزام وزارة الخارجية بفحص تأكيدات “إسرائيل” بشأن ما إذا كانت تمنع المساعدات ثم إبلاغ نتائجها إلى المشرعين. إذا قرر بلينكين أن الإسرائيليين لم يسهلوا المساعدات بل كانوا يقيدونها بشكل تعسفي، فستكون الحكومة ملزمة بموجب القانون بوقف المساعدات العسكرية. وفي 10 مايو/أيار، قدم بلينكين الموقف الرسمي للوكالة، معرباً عن تأييده للو، وهو ما يعني أن الدعم العسكري سوف يستمر.”
وبحلول أوائل شهر مارس/آذار، كان هناك ما لا يقل عن 930 شاحنة محملة بالأغذية والأدوية وغيرها من الإمدادات عالقة في مصر في انتظار موافقة الإسرائيليين، وفقاً لمذكرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
نقلت الصحيفة عن مسؤولون أن “الحكومة الإسرائيلية كثيراً ما تعرقل المساعدات من خلال فرض تأخيرات بيروقراطية. فقد استغرقت “إسرائيل” أسابيع أو أشهراً للرد على المنظمات الإنسانية التي قدمت مواد محددة للموافقة على مرورها عبر نقاط التفتيش الحكومية. ثم كثيراً ما كانت “إسرائيل” ترفض هذه المواد صراحة أو تقبلها في بعض الأيام ولكن لا تقبلها في أيام أخرى. وجاء في المذكرة أن الحكومة الإسرائيلية “لا تقدم مبررات، أو تصدر رفضاً شاملاً، أو تستشهد بعوامل تعسفية لرفض مواد معينة”.
وواصلت الصحيفة في تحقيقها أن : ” مسؤولون إسرائيليون قالوا لمحامي وزارة الخارجية إن الحكومة الإسرائيلية “عززت قدرتها على فحص الأمن وأكدت أنها لا تفرض أي قيود على عدد الشاحنات التي يمكن تفتيشها ودخول غزة”، وفقًا لمذكرة منفصلة أرسلت إلى بلينكين وحصلت عليها بروبابليكا. وألقى هؤلاء المسؤولون باللوم في معظم حالات التأخير على الجماعات الإنسانية لعدم وجود القدرة الكافية على إدخال الغذاء والدواء. ويقول خبراء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية الذين يعملون بشكل مباشر مع هذه الجماعات إن هذا غير صحيح.”
وحققت الصحيفة برسائل إلكترونية منفصلة حصلت عليها بروبابليكا، بأن : ” مسؤولو المساعدات حددوا مواد في الشاحنات حظرتها” إسرائيل”، بما في ذلك معدات المأوى في حالات الطوارئ، والمصابيح الشمسية، ومواقد الطهي، ومجموعات تحلية المياه. وتظهر رسائل البريد الإلكتروني أن بعض الشاحنات التي تم رفضها كانت تحمل أيضًا مواد ممولة من الولايات المتحدة مثل مجموعات النظافة.”
وفي مذكرة وجهتها إلى بلينكن، استشهدت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أيضاً بالعديد من الحوادث المعلنة التي تعرضت فيها مرافق وعمال الإغاثة لضربات جوية إسرائيلية حتى بعد أن شاركوا مواقعهم مع جيش الدفاع الإسرائيلي وحصلوا على الموافقة، وهي العملية المعروفة باسم “فض النزاع”، وفقا للصحيفة.
خليك معنا