كشفت صحيفة الراية القطرية عن عجز كبير تعانيه الموازنة السعودية هو الاكبر في التاريخ بسبب ما تنفقه المملكة أكبر منتج للنفط في العالم، المليارات على حربي اليمن ودعم جماعات المعارضة المسلحة في سوريا منذ سنوات طويلة.
وبحسب الصحيفة فإن نسبة العجز في موازنة المملكة وصل إلى 192 مليار ريال.
ولم تنجح برامج الاصلاح الاقتصادي التي أطلقتها السعودية في الحد من الفقر رغم امتلاكها مقدرات وثروات هائلة، إذ يبلغ حجم الاحتياطي النقدي في السعودية نحو نصف تريليون دولار، كما أنها أكبر مصدّر للنفط في العالم ما يوفر موارد مالية ضخمة متجدّدة.
وأوضحت الصحيفة عن مراقبين ، أن تكلفة الحرب على اليمن كانت السبب الرئيس في استنزاف الاقتصاد السعودي، لافتين إلى أن السعودية مع حلفائها وعلى رأسهم الإمارات التي لها أطماع كثيرة باليمن، انزلقوا إلى مأزق كبير وتورطوا في حرب استنزاف من العيار الثقيل، وقد ظهر هذا الاستنزاف بوضوح في الإنفاق الهائل على الحرب التي لم تتوقف منذ انطلاقها قبل أكثر من عامين حيث تجبر السعودية على شراء المزيد من السلاح وتوظيف المزيد من أموال الشعب السعودي ومدخراته في هذه الحرب التي لم تحقق أي نتائج ملموسة على أرض الواقع.
الكلفة اليومية للحرب على اليمن200مليون دولار
وتؤكد دراسات أعدها صندوق النقد الدولي أن الحرب السعودية على اليمن كلفت الرياض ثمناً باهظاً، ليس فقط في تشويه سمعة السعودية المشوهة أصلاً بسبب جرائمها في اليمن ودعمها للجماعات الإرهابية والتكفيرية حول العالم، إنما تشير الدراسات أيضاً إلى أن هذه الحرب كلفت أكثر من 200 مليون دولار في كل يوم على الأنظمة المنخرطة فعلياً بالعدوان، كما أن هناك أعداداً وأرقاماً غريبة في فاتورة هذه الحرب، حيث قدر المراقبون كلفتها ما بين 660 إلى 700 مليار دولار .. مؤكدين أنه لو تم توجيه هذه الأموال لتنمية الدول التي تشارك في الحرب والعمل على تحقيق الرفاهية لشعوبها لكانت الأمور أفضل بكثير.
ويرى خبراء في صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد السعودي لهذا العام توقف عن النمو بنسبة تصل إلى صفر في المائة بسبب انخفاض عائدات النفط، إذ أشارت البيانات الأخيرة إلى نسبة تصل إلى صفر فاصلة واحد في المائة في النصف الأول من هذا العام، بعد ما كانت صفراً فاصلة أربعة في المائة، متوقعين أن يستمر العجز بموازنة المملكة بسبب الوضع المالي نتيجة لانخفاض أسعار النفط.
ورغم العمل على سعودة أو توطين الوظائف في السعودية إلا أن نسبة البطالة في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز ارتفعت لتصل إلى 12.3 في العام الماضي.
وأدت الأوضاع الاقتصادية السيئة في السعودية ودور الحرب على اليمن في تلك الأوضاع، إلى إجبار المملكة على البحث مع المسؤولين الغربيين عن مخرج من الحرب في اليمن، إذ كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية، قبل أيام عن رغبة السعودية بالخروج من المستنقع في اليمن وهو ما يشكل تأكيداً قويًا على دور الحرب على اليمن في إنهاك الاقتصاد السعودي.
وفي الوقت الذي قدرت فيه تقارير غير رسمية نسبة الفقر في السعودية بأنها تصل إلى 25% أكدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، في تقرير سابق، تزايد معدلات البطالة والفقر، مشيرة إلى أن ما بين مليونين وأربعة ملايين سعودي يعيشون على أقل من 530 دولاراً شهرياً أي 17 دولاراً يومياً، وأن الدولة تخفي نسب الفقر الحقيقية.
ومن مظاهر مؤشرات الفقر أيضاً عدم امتلاك نسبة كبيرة من السعوديين لمسكن خاص رغم البرامج الحكومية التي تقدم دعماً وقروضاً للمواطنين عبر الصندوق العقاري للتنمية ضمن برنامج سكني يتضمن 280 ألف منتج سكني لمحدودي الدخل، وهو ما اعترف به وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي السابق محمد الجاسر، حيث قال إن 60% من السعوديين يملكون مساكن، ما يعني أن 40% من السعوديين لا يمتلكون سكناً خاصاً بهم، وهي نسبة مفزعة فى دولة تمتلك ثروات طبيعية تعتبر الأولى على رأس القائمة فيها بين دول العالم.
ولعل ما يؤكد انتشار الفقر في المملكة هو برامج الدعم الحكومية حيث أشارت تقارير لوزارة العمل السعودية إلى أن أكثر من 11.84 مليون سعودي تقدموا لبرنامج الدعم النقدي الذي طرحته الحكومة لتخفيف تبعات فرض رسوم وزيادة أخرى على العديد من السلع والخدمات أي ما يقرب من 60% من عدد السكان البالغ عددهم نحو20.4 مليون نسمة.
وأفرز الفقر غضباً شعبياً دفع إلى تنظيم الاحتجاجات في العديد من المدن لتحسين أحوالهم المعيشية، وكانت العوامية آخر المناطق التي شهدت احتجاجات واسعة لعدة أسباب منها معاناة المواطنين من تأزم الأوضاع المعيشية في ظل الإهمال الحكومي للمنطقة، ونشرت العديد من المواقع صوراً لمنازل متواضعة تم تدمير بعضها في المواجهات المسلحة التي جرت مؤخراً في المدينة، كما شهدت مدينة الطائف العديد من المظاهرات رفع فيها الأهالي العديد من المطالب، منها تحسين ظروفهم الاقتصادية.
كما دعا عاطلون عن العمل في السعودية إلى التظاهر احتجاجاً على البطالة تحت عنوان «تجمع العاطلين» وذلك في أبريل الماضي حيث نشر مستخدمون لتويتر في السعودية دعوات للتظاهر أمام مقرات التوظيف في المملكة احتجاجاً على البطالة رغم منع السلطات للتظاهرات.
وبينما يرى مراقبون أن انخفاض أسعار النفط هي السبب الرئيسي فى الوضع الاقتصادي المتأزم بالمملكة، إلا أن كثيرين يؤكدون أن المملكة تهدر أموال الشعب السعودي بشكل لا يقبله العقل والمنطق في حرب اليمن، لافتين إلى أن الوضع الاقتصادي المتردي كان من الممكن أن يتم تفاديه أو تخفيف وتيرته لو أن المملكة لم تنزلق للمستنقع اليمني ولكنها الآن تجني ثمار حرب لا يبدو لها في الأفق انفراجة أو نهاية.
وقد بدأت انعكاسات هذه التكلفة المادية الباهظة للحرب السعودية تظهر في تفاقم العجز في الموازنة السعودية بينما تتحدث التقارير الاقتصادية عن توقف العديد من المشاريع وإفلاس شركات وبيع حصص في مؤسسات مالية وبنكية، وتسريح عشرات الآلاف من العمال، في حين تقرر الإعلان رسمياً عن فرض ضرائب على المواطنين، ما جعل الخبراء والمراقبين يؤكدون أن الاقتصاد السعودي مقبل على واحدة من أحلك فتراته مع استمرار تراجع أسعار النفط منذ منتصف 2014 حيث إن المملكة هي التي تتحمل المسؤولية الكاملة من تكاليف الحرب على اليمن.