اغتيالات واشتباكات واختطافات متبادلة بين «السلفيين» وحلفائهم المدعومين من الإمارات و«الإصلاح» ذراع قطر و«الإخوان المسلمين»، حولت مدينة تعز «المحررة»، وعدد من المديريات المجاورة لها الى ساحة تصفيات ومسرح حرب حرب بالوكالة.
ومع كل خطوة لمحافظ تعز، المعين من الرئيس عبدربه منصور هادي، والمسنود من الإمارات، أمين أحمد محمود، لـ«بسط نفوذ الدولة وإعادة تموضع الوحدات العسكرية، المتواجدة داخل المدينة، إلى خطوط المواجهات وتولي قوات الأمن والشرطة العسكرية حماية المقرات الحكومية، والأحياء الداخلية»، بحسب ما جاء في رسالة تهنئته لأبناء تعز، بمناسبة حلول شهر رمضان، يتجدد الصراع بين الطرفين، ويبعث كل طرف برسائله الملغومة للآخر، وتصل عدد من الطرود المفخخة إلى منزل المحافظ، وديوان المحافظة المؤقت في شارع جمال، وسط المدينة، على شكل قذائف وعبوات ناسفة وهجمات لمسلحين.
خلال الأسابيع الماضية، سلمت كتائب «أبو العباس» السلفية، عدد من المقرات الحكومية والمباني العامة في جنوب وشرق المدينة، لقوات الأمن والشرطة العسكرية، وفي المقابل، سلم اللواء 22 ميكا، التابع لحزب «الإصلاح»، بعدها، عدد من المؤسسات والمباني الحكومية. إحتفى كل طرف بما عده إسهاماً في تحقيق الأمن والإمتثال لتوجهيات المحافظ واللجنة العسكرية، التي قدمت من عدن. لم يستمر التبشير بعهد جديد لتعز مع الأمن والإستقرار سوى أيام معدودة، حتى إنكشف زيف تسليم المقرات والمنشئات العامة، باحتفاظ كل طرف بثكنات وجيوب ملغومة، ففي الـ 14 من مايو الحالي، إتهمت كتائب «أبو العباس» قوات اللواء 22 ميكا، المتمركزة في «منتزه زايد وحجرة الألف وبيت الدكتور أمين المليكي، بقصف مدرسة أروى بالأسلحة المتوسطة والثقيلة».
الكتائب وفي بيانها، أفصحت عن السر في استهداف مدرسة أروى، وقالت «إن الكتيبة الأولى والثانية، يتم تجهيزها في مدرسة أروى، لتعزيز جبهة الكدحة والوازعية، بالتنسيق مع لواء العمالقة لتطهير مدينة تعز، وفك الحصار عنها». هنا بيت القصيد، فالعمالقة وكما هو معروف، مدعومة من الإمارات، وصارت تتلقى الأوامر من العميد طارق محمد عبدالله صالح، الذي فرضته الإمارات مشرفاً لجبهة الساحل الغربي ومديريات غرب تعز، وهو ما يثير حفيظة حزب «الإصلاح»، ويعزز قناعته بمضي الإمارات في إستهدافه، وسحب البساط من تحته. قيادي في «الإصلاح» في تعز قال لـ«العربي»، إن «كتائب أبو العباس واللواء 35 والمحافظ، يلعبون بالنار التي ستحرقهم، ونحن قد أبلغنا الأخ المحافظ، بأن أي محاولة للإمارات، لإستنساخ ما قامت به في عدن، سيكون مصيرها الفشل، وستقضي على جهود تحقيق الأمن ودحر مليشيات الحوثي».
وأشاف أن «كل الترتيبات الإماراتية للعبث في تعز مرصودة، بدءاً من إنشاء معسكر أمني تابع لها في جبل حريم، في منطقة الصنة، في مديرية المعافر، وكذا نشر نقاط تفتيش تابعة لأبو العباس، واللواء 35، في سوق النشمة، وغيره من المناطق في مديرية المعافر».
واستنكر القيادي في «الإصلاح»، ما قال عنه «قيام الإمارات أخيراً، بتدريب 500 من مسلحي أبو العباس في عدن، وإعادتهم إلى جبل حرم في المعافر، الذي أنشأت فيه معسكر لقوات تريد تطويق مدينة تعز بها، كحزام أمني، وكذا إنشاءها لغرفة عمليات في نادي الشروق الرياضي، بذات المنطقة ولذات الهدف».
تفكيك «اللواء 35»
تُحسب كتائب «أبو العباس» السلفية، على اللواء 35 مدرع، الذي يقوده العميد عدنان الحمادي، ويشكل قائد الجناح العسكري للتنظيم الناصري، الذي صار أخيراً، على وفاق مع السلطات الإمارتية ويحظى بدعمها. ضابط في اللواء 35 مدرع، إتهم حزب «الإصلاح»، بإستهداف اللواء، ومحاولة تفكيكه، وقال لـ«العربي»، إن «اللواء 35، يتعرض لمؤامرة من قبل الإخوان المسلمين في تعز، وعبر قائد المحور خالد فاضل، ومستشاره عبده سالم فرحان، والذين قاما أخيراً بنقل 800 جندي من اللواء إلى ألوية تابعة للإصلاح، وهي اللواء 145 مشاة، والخامس حماية رئاسية، والرابع مشاة جبلي»، مؤكداً أن «هذه العملية، هي الرابعة بعد نقل قيادة المحور 700 جندي، في وقت سابق، وبعدها 400 جندي من اللواء 35 مدرع، إلى ألوية وهمية محسوبة على حزب الإصلاح»، كما أشار إلى أن «عملية النقل الجديدة، جرت بعد أيام من احتفال قيادة اللواء 35 مدرع، بتخريج 300 جندي كتيبة مهام خاصة بعد تدريبهم من قبل التحالف في عدن».
تبادل الاختطافات
في الـ 2 من أبريل الماضي، اغتيل القيادي في حزب «الإصلاح»، وإمام مسجد العيسائي في مدينة تعز، الدكتور عمر دوكم. وعلى الرغم من عدم معرفة الجناة، إلا أن أصابع الإتهام وجهت للإمارات والجماعات السلفية التي تدعمها. بعدها، وفي الـ 14 من مايو الحالي، اغتيل إمام جامع السعيد في مدينة تعز، الشيخ محمد الذبحاني، برصاص مسلحين «مجهولين»، إلا أن الشيخ الذبحاني، عرف بتطرفه ومهاجمته مع رفيقه الشيخ عبدالله العديني لحزب «الإصلاح»، وخطبائه من الشباب، وفي مقدمتهم دوكم.
وخلال الاشتباكات بين كتائب «أبو العباس» السلفية، وقوات اللواء 22 ميكا، والتي رافقت حملة ضبط المظاهر المسلحة في مدينة تعز، وإخلاء المقرات العامة من المسلحين، تبادل الطرفين اختطاف العشرات، لتفرج «الكتائب» الأسبوع الماضي، عن 18 من اللواء 22 ميكا، ويفرج الأخير عن 16 مختطف من «الكتائب».
تبادل «الإصلاح» والسلفيين الإفراج عن المختطفين، لم يسهم في إعادة التقارب بين الطرفين، ففي يوم الثلاثاء، في الـ 14 من مايو الحالي، اتهمت كتائب «أبو العباس»، قيادة محور تعز، الموالية لـ«الإصلاح»، باختطاف مدير شؤون أفراد الكتائب، أسامة المزهدي، في وقت لا يزال اللواء 22 ميكا، يطالب الكتائب بالإفراج عن 30 جندياً، يقول إنهم مختطفين لديها.
الجرائم المتبادلة أوصلت الشرر إلى ديوان عام المحافظة المؤقت. فقبل أسبوعين، هاجمت مجاميع مسلحة، تتبع رئيس نيابة استئناف تعز، ديوان المحافظة، رداً على ما وصفته بـ«تستر المحافظ أمين محمود، على جرائم كتائب أبو العباس، التي اختطفت نجل رئيس النيابة».
كما أرجع البعض في تعز، الاشتباكات التي حدثت مساء الأربعاء الفائت، بين حراسة ديوان محافظة تعز، ومدير قسم شرطة الجديري، الموالي لـ«الإصلاح»، العقيد شايف الصغير، وجنود يتبعونه، إلى رفض المحافظ الإفراج عن نجل الصغير، الذي يتهم كتائب «أبو العباس» باختطافه وتسليمه لقوات الأمن.
هذه الرسائل الملغومة والمتبادلة بين وكلاء الإمارات وقطر، تنذر بصراع دامي في بين فصائل «المقاومة» في المناطق «المحررة»، وتؤكد بأن تعز، لن تستعيد بهؤلاء عافيتها.
خليك معنا