الصباح اليمني_قراءات|
القوى الكردية تردّ مرة جديدة على الحوار مع دمشق بتصريحات لا تختلف عن سابقاتها. مجلس سوريا الديمقراطية يرد على وزير الخارجية السوري بأن قوى أجنبية تقف وراء تعثر المحادثات ويقول بأن السبب هو القيود المسبقة والحدود الضيقة التي رسمتها حكومة دمشق لهذا الحوار. ويضع الكرد ورقة سياسية للتفاوض مع دمشق تبتعد كثيراً عن التفاهمات التي حصلت سابقاً بأن الدستور يحتاج لمراجعة تتتناسب مع المتغيرات بعد سنوات الأزمة وطبيعة المجتمع السوري، ويخفض البيان من سقف التصعيد بدعوة دمشق إلى مزيد من المرونة.
الجواب الرسمي هو ما قاله وزير الخارجية السوري قبل أيام بأن دمشق لن تتعامل مع كل إجراءات الكرد في مناطق سيطرتهم وعلى الكرد أن يختاروا بين العودة للوطن والتفاهم مع دمشق أو استكمال الرهان على واشنطن التي لم تتوقف عن خذلان حلفائها الكرد عبر تاريخ طويل في المنطقة.
الحوار لا يكتمل لعدة أسباب أولها كما قال المعلم أنه لا مكان لمن يطالب بالفدرالية التي تؤسس للتقسيم في عملية سياسية مقبلة، مكانهم في حوار مفتوح يعيد السيادة السورية للشرق السوري أولاً والتفاهم المشترك حول كيفية إدارة المناطق فيما بعد.
فشروط استعادة الموقع السوري كامل مقومات الاستقلال والسيادة يرتبط باستعادة موارده، ومن دون استعادة الشرق مصدر الزراعات الاستراتيجية وحقول النفط والغاز لن يستقيم ذلك، وستبقى سوريا المقبلة على إعادة الاعمار رهينة القوى الاقليمية والدولية، التي تطرح أجندتها السياسية في كل عروض إعادة الاعمار التي قدمتها لدمشق بحسب مسؤول سوري رفيع للميادين، وستضطر لاستقدام الطاقة والمنتجات الزراعية، ولن تكون قادرة على تجديد قاعدتها الصناعية ولا تحقيق الاكتفاء الذاتي كما كانت قبل الحرب، والذي حمى الاستقلال السوري طيلة عقود.
استعادة الشرق أبعد من عملية عسكرية لاستعادة السيادة وإنهاء الوجود العسكري الأميركي، فمن دون استعادة سوريا كاملة سيشكل عبئاً كبيراً على دمشق تلبية احتياجات أكثر من 15 إلى 20 مليون سوري ربعهم من النازحين واللاجئين، وإصلاح البنى التحتية لتوفير الحد الأدنى من الخدمات لعودتهم.
موسكو لا تبتعد عن دمشق في هواجسها من بقاء الشرق مفتوحاً على احتمالات تقسيم سوريا، وإعادة إنتاج الأزمة أميركياً عبر الكرد في لحظة تسعى موسكو لضبط إيقاع العملية السياسية، إذ يرى مراقبون أن موسكو قد مهدت لدور تركي أكبر في إدلب لكنه قد يصب في مصلحة دمشق ، لجهة تقريب المصالح بين سوريا ودول الجوار ، خاصة بعد فتح معبر نصيب المدخل الاقتصادي لاعادة تطبيع العلاقات السياسية والدبلوماسية مع دول الجوار.
وإذ يدرك الكرد أن أمر تمثيلهم كمكون مستقل في عملية سياسية مقبلة دونه محرمات داخلية وإقليمية، يسارع الكرد لفرض أمر واقع يستند لدعم أميركي عسكري وسياسي، ولا تستعجل واشنطن حسم المعركة الأخيرة بمواجهة داعش في الهجين شرق الفرات، واشنطن تسعى لاحتواء داعش وليس هزيمته، للابقاء على قواتها وذرائع وجودها في سوريا، والإبقاء على خلايا للتنظيم لاستنزاف الجيش ومنعه من استقرار سيطرته على المناطق التي استعادها في جنوب شرق سوريا وفتح معبر القائم البوكمال بين العراق وسوريا، استباقاً لسيناريو احتواء إيران وإنهاء وجودها في سوريا، بعد إغلاق شريان الامداد البري الحيوي بين طهران وبغداد ودمشق بنشر فصائلها الكردية والعربية على الشريط الحدودي.
المصدر : الميادين
خليك معنا