الصباح اليمني_مساحة حرة|
لا يختلف أحد على أنّ جنوب اليمن يتعرض لأزمة اقتصادية خانقة في الوقت الراهن، فالمؤامرات الخارجية، والسياسات المالية التدميرية، والصراعات البينية المستمرة بين أدوات التحالف المحلية، أثرت بمجملها على الاقتصاد الوطني، وتركت آثارًا وخيمة على حياة المواطنين في هذه المنطقة على الرغم من أن المحافظات الجنوبية تقع في نطاق سيطرة هذا التحالف، الذي كان قد وعد بتحويلها إلى مجتمعات تشبه في تطورها وازدهارها المجتمعات الأوروبية.
إلا أن الواقع يكشف زيف تلك الوعود الوهمية، فما نراه في المدينة الساحلية الجميلة عدن سوى أشلاء من حلم الاستقرار والازدهار تحت وطأة الأزمات المتتالية وتداعياتها المدمرة، وبات الوضع اليوم أسوء بكثير من أي وقت مضى لسكانها الذين يخوضون صراع الموت مع تدني قدرتهم الشرائية بسبب تدهور قيمة العملة المحلية أمام العملات، ففي الأيام الأخيرة، شهد الريال اليمني انهياراً كبيراً أمام الدولار الأمريكي والريال السعودي، وقد وصل سعر صرف الدولار إلى ما يقارب حد 1500 ريال يمني، بينما وصل سعر الريال السعودي إلى 390 ريال يمني.
وهذا التدهور الحاد في قيمة العملة قوبل بتضخم جديد مما يزيد من الأعباء الاقتصادية على المواطنين، ويجعل من الحصول على سلع وخدمات أساسية أمرًا صعبًا، ويجد المواطنون أنفسهم مضطرين على دفع أسعار مرتفعة جدًا لتلبية احتياجاتهم الأساسية والضرورية، ويأتي هذا التدهور كنتيجة طبيعية للسياسات الاقتصادية المدمرة التي تتبعها الحكومة العميلة خدمة لمصالح تحالف مستبد، سبق أن هدد اليمنيين بسحق قيمة عملتهم المحلية إلى حد أنها لاتساوي قيمة الحبر المستخدم في طباعتها.
اليوم وفي عمق مدينة عدن، يرفع الآلاف أصواتَهم المبحوحة في سيمفونية حزينة، تتراقص آثار التدهور الاقتصادي في شوارعها بكآبة، تحت ضغط المعاناة، إنها حقيقة مؤلمة ومريرة، حيث يسود الإحباط واليأس بين المواطنين أمام هذه الكارثة التي تهدم حياتهم وتخيب آمالهم في تحقيق حياة أفضل.
إن الانهيار الاقتصادي في عدن يشبه إلى حد ما إعصاراً تسونامياً ضرب المدينة، وغمر مساكنها بأعباء ثقيلة، وهزّ نفوس ساكنيها وعصف بأحلامهم البسيطة والمتواضعة، وجعلهم يسبحون في غيبوبة تامة، أي مخدرون تماماً، كأنهم بعيدون عن الواقع والحقيقة، وهذا ماتسعى لتحقيقه سياسة الإذلال وصناعة المجاعات وإشاعة الاضطرابات والصراعات، والتي تهدف لتقويض الوعي الجمعي وتشتيت الشعب اليمني عن الأهداف الحقيقية للتدخل السعودي الإماراتي في اليمن.
وتنضم هذه الأزمة الاقتصادية الحادة إلى سلسلة من الأزمات الأخرى التي تعاني منها عدن كغيرها من المدن الجنوبية الخاضعة للسيطرة الأجنبية، مثل انعدام الأمن وعدم الاستقرار السياسي، وبدلاً من أن تكون ملاذًا آمنًا للسكان كونها “محررة”، صارت مرتعًا للفوضى والإرهاب.