كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن معلومات تثبت تورط التحالف السعودي الإماراتي بتفشي الكوليرا في اليمن من خلال تعمد مقاتلات السعودية قصف مصنع معالجة مياه الصرف الصحي الواقع بالقرب من مطار صنعاء الدولي.
ونقلت الصحيفة شهادات عمال محطة معالجة مياه الصرف الصحي في العاصمة صنعاء والذين قالوا إنهم شاهدوا طائرات السعودية وهي تقصف مطار صنعاء ومدارجه ومبانيه جوارهم في أول يوم من شن الهجوم السعودي على اليمن وأنهم هربوا في تلك الليلة إلى أحد المساجد القريبة، خوفاً من استهداف المحطة التي يعملون فيها.
وقال العمال البالغ عددهم 26 عاملاً، أنهم في صباح اليوم التالي كانوا يعرفون أنه إذا لم يتم التخلص بشكل صحيح من النفايات ومعالجة مياه الصرف الصحي فإن مئات الآلاف من المواطنين سيتأثرون.
وأضافت الصحيفة: “وقد ترك العمال الاضواء تعمل فى المصنع على امل ان يقرأها الطيارون فى التحالف كعلامة على ان المصنع ليس هدفا عسكريا. وقال مهندس في المصنع طلب عدم الكشف عن هويته لسلامته (لم نعرف ان كل اليمن كان هدفا عسكريا). وفي ليلة أخرى، قصف التحالف رافعة في المصنع”.
وقالت الصحيفة إن التحالف قصف في 17 أبريل 2015م محطة الكهرباء المركزية التي تزود العاصمة بالكهرباء، وأدى ذلك إلى توقف المصنع عن العمل، لافتة أن إدارة المصنع لجأت لاستخدام مولد كهربائي يعمل بمادة الديزل لتشغيله واستئناف عمله، مضيفة: “وبعد أسبوع، مع بدء تشغيل الديزل، خفضوا العمليات إلى ثماني ساعات، ثم إلى ستة، ثم إلى ساعتين”، مشيرة أنه بحلول نهاية مايو 2015م كانت مادة الديزل قد نفدت بسبب فرض التحالف حصاراً على اليمن بحجة منع وصول الأسلحة إلى المتمردين الحوثيين، لكنه كان يمنع وصول المواد الغذائية والمشتقات النفطية بطريقة هزلية، وقد أدى انقطاع الديزل إلى توقف المصنع.
ولفتت الصحيفة أن خروج المحطة عن العمل تسبب بتدفق مياه الصرف الصحي إلى القنوات والوديان حول العاصمة صنعاء والتي اختلطت بمياه الري المستخدمة لسقي المزروعات كالطماطم والخيار والخضروات الورقية، مشيرة أن هذه المزروعات هي التي يتم حصادها وبيعها في مختلف الأسواق حول العاصمة، وعقب ذلك بدأت البلاغات بحالات الإسهال الحاد.
وتطرقت الصحيفة إلى أن دعم صندوق الأمم المتحدة للطفولة بكميات وقود للمحطة ساعد على إعادة تشغيلها، ولكن ليس بدوام كامل، وفي الوقت الذي كانت فيه العاصمة صنعاء تحتوي على أكثر من 3 ملايين مواطن بسبب النازحين الذين توافدوا إليها، كانت المحطة تعمل بكفاءة قليلة حيث كانت خدمتها تقدر فقط لنصف مليون مواطن، وقد وصل عدد متزايد من المرضى المصابين بالكوليرا.
وفي أكتوبر 2016 أكدت التحاليل أن الكوليرا بدأت بالانتشار في صنعاء وبدأت التقارير تتوافد من جميع مستشفيات البلاد، وقالت الصحيفة إنه مع عدم وجود وقود أغلق المصنع مرة أخرى في يناير 2016م لمدة 40 يوماً، مضيفة أنه أعيد تشغيله بعد أن قامت محطة كهرباء صغير في صنعاء بتزويده بوقود يكفي لتشغيله ست ساعات يومياً، لكن ذلك لم يكن كافياً أيضاً بالنظر إلى تزايد كمية المياه العادمة غير المعالجة كل يوم بسبب ازدياد السكان النازحين إلى صنعاء، حسب الصحيفة.
وفي أبريل الماضي انتشرت الكوليرا بسرعة غير مسبوقة في 18 محافظة من أصل 23، وفي غضون أسبوعين تقول الصحيفة إن أكثر من عشرين ألفاً أصيبوا بالكوليرا وأصيب 242 آخرين بمضاعفات صحية خطيرة بفعل إصابتهم بالوباء، مؤكدة تدخل منظمة اليونيسف مرة أخرى للمساعدة في تشغيل محطة الصرف الصحي، ومنذ مايو الماضي كان المصنع في الخدمة.
ترجمة المساء برس المصدر: نيويورك تايمز
خليك معنا