الصباح اليمني_مساحة حرة|
تمر الثورات دوماً بمراحل صعود وهبوط.. وبمراحل ارهاصات، ومناوشات منذ ولادتها حتى قيام الساعة.. تأتي هذه الذكرى الـ55 لعيد الجلاء المجيد واليمن يمر بمرحلة مخاض عسير،
قد تكون هذه الذكرى فرصة سانحة لمراجعة الكثير من القضايا الوطنية والقومية، ولم شمل أبناء الوطن الواحد بعيداً عن ثقافة الكراهية المقززة، والطائفية المتزمتة، التي أوصلت البلاد والعباد الى التشظي والتمزق والاقتتال..
هانحن قادمون على تسوية شاملة، ومصالحة وطنية، لإنهاء كل صراعات الأمس، ورمي الماضي خلف ظهورنا، لنبدأ صفحة بيضاء ناصعة البياض، عنوانها العريض: “المصالحة الوطنية لبناء يمن الإيمان والحكمة”..
علينا أن ندرك أن سفينة الوطن تبحر في وسط أمواج متلاطمة، ورياح عاتية، وعواصف هوجاء.. وهذا ما يريده لنا أعداؤنا في الداخل والخارج..
كلنا يعلم علم اليقين أن هناك فلولاً من المأزومين والمأجورين الذين يسيئون لوطنهم وسيادته، والإضرار بثرواته، والعودة به الى مربع الأزمات والصراعات.. ويدعون بأنهم حماة للوطن أرضاً وإنساناً ووحدةً وهويةً..
لذا على هؤلاء أن يعوا الدرس جيداً، أن التاريخ لن يرحم أحداً.. سيدون أعمالهم أياً كانت.. أما الذين تربوا على موائد اللئام، وغذوا أجسامهم وعقولهم منها حتى طمس الله على أبصارهم وبصائرهم، سيأتي يوم يدركون فيه أنهم كانوا ضحايا لأسيادهم وكبرائهم الذين أضلوهم السبيل، ولكن بعد فوات الأوان..
من هنا ندرك أن حجب أشعة الشمس ضرب من المستحيل.. مهما كادوا ومكروا وتفننوا في أساليبهم ووسائلهم، فمصيرهم مصير المأزومين المارقين.. الى هنا يكفي الوطن تشظياً وتمزيقاً.. فالأوطان لا تبنى بالدماء بل بسواعد الأبناء الوفية الفتية..
هاقد هل علينا العيد الـ55 للجلاء، وشعبنا مازال يئن من وطأة العدوان والعملاء الذين باعوا القيم والمبادئ والأخلاق بثمن بخسٍ دراهم معدودة.. هم الآن يلعبون في الوقت الضائع، ولم يدركوا بعد أن قطار الغرام قد رحل مع رحيل أسيادهم وزعمائهم وكبرائهم.. وما مات فات.. وما مات لم ولن يعود أبداً..
يا هؤلاء عليكم أن تقرؤوا صفحات التاريخ جيداً، وتفكروا بما آلت إليه الأمم والقرون السالفة.. كيف سادت ثم بادت.. كيف كانوا.. وكيف أصبحوا..؟!.
من هنا ينبغي للذين لم يستوعبوا أحداث التاريخ والثورات أن يعوا طبيعة الأنظمة المستبدة مهما علت لابد لها من لحظة سقوط مروع ومدوٍ.. وهكذا تدور عجلة الزمن في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية عاكسة نفسها على الجوانب الاجتماعية والتعليمية والصحية..
فالوطن يحتفي بمرور 55 عاماً على خروج آخر جندي بريطاني من أرض الوطن, فما أحوجنا اليوم أن نرمم ونصون البيت اليمني من الداخل أولاً، ونعزز الروح الوطنية لنبعث المشاعر الوحدوية من كمونها..
فالمرحلة التي تمر بها البلاد مرحلة فارقة ومفصلية.. فهناك عيون متربصة من الاشقاء والاصدقاء.. وهناك دهاليز وغرف مظلمة تحاك فيها المؤامرات والدناءات ضد الوطن، وعلى الأصوات التي تنادي بانفصال الجنوب أن يدركوا جيداً أن صنعاء وعدن روحان في جسد واحد.. ومن المستحيل فصل الروح عن الجسد..
وليكن في علم الجميع أن إرادة الشعوب هي دوماً الأقوى والمنتصرة في نهاية المطاف.. مهما طال الزمن أو قصر.. أما الزعامات الورقية سرعان ما تتقاذفها الرياح العاتية الى مزابل التاريخ.. أما الشرفاء الأوفياء من أبناء الوطن يظلون شامخين يعانقون عنان السماء في تحدٍ وإباء وإصرار، فبشائر النصر آتية لا محالة، وخيوط الفجر السوداء أوشكت أن تنجلي..
إضاءات ثورية:
مع الشاعر العراقي: عبدالوهاب البياتي:
“رماد في الريح”
“عشر ليال وأنا أكابد أهوال
وأعتلي صهوة هذا الألم القتّال
أوصال جسمي قطعوها..
أحرقوها..
نثروا رمادها في الريح..
دفاتري..
تناهبوا أوراقها..
وأخمدوا أشواقها..
ومرغوا الحروف في الأوحال
دمي بأسمال..
أنا هذا بلا أسمال
حر كهذي النار والريح،
أنا حر الى الأبد..”.
المصدر: صحيفة 26 سبتمبر
خليك معنا