كانت الصورة التي أخذت على مدخل القصر الرئاسي في دمشق، وعممت من أول الدنيا إلى آخرها، والتي جمعت قبل أحداث (الربيع الأحمر العربي) بوقت قصير، بين الرئيسين السوري بشار الأسد والإيراني محمود أحمدي نجاد والسيد حسن نصر الله قائد المقاومة اللبنانية. أعداء سورية ومعها حلف المقاومة، وأولهم(إسرائيل) اعتبروا تلك الصورة موقفا تحالفيا مقاوما لمشاريع الغرب في المنطقة، لا غموض فيه، أو التباس، وذهب هؤلاء الأعداء، مشتبهين، وغير مشتبهين، إلى أن عملية إغراء سورية كي تتخلص من فكرها القومي وقضاياها القومية وعلى رأسها قضية فلسطين، قد فشلت.
وها هي من خلال المشهد أرادت أن تعلن ذلك بعد جدل طويل حولها، سيما وهي تعقد في حينه صداقات مع تركيا (الأطلسية) من جهة، وقطر، (القاعدة الأميركية)، من جهة أخرى، لتتحول نقطة استقطاب مركزية للحلف المقاوم الذي ولد من رحمها.
لم تكن في حينه روسيا في المشهد، وكان انتصار المقاومة على (إسرائيل) في عام 2006م، هو العلامة التي تسم تداعيات المشهد الذي ترجم انعكاسه في مخططات أعداء سورية حربا عالمية متوحشة عليها، لم يكن لها نظير في التاريخ.
إسقاط النظام وتنحية الرئيس، الشعاران الذهبيان اللذان كان كل أعداء سورية يرفعونهما، قد فشلا…وكان ثمن ذلك أرواح شهداء أبرار قدمتها سورية وحلفاؤها، وتدمير لا يرحم للحجر والشجر. ألم يقل الرئيس:
“ثمن المقاومة أقل بكثير من ثمن الاستسلام” السوابق التاريخية تثبت ذلك.
المشهد الثاني
في العشرين من هذا الشهر، آب 20017م ألقى الرئيس بشار الأسد كلمة في مؤتمر علني ونادر، للدبلوماسيين السوريين، توجته عبارات ثناء خص بها بالإسم: الإمام الخامنئي والرئيس بوتين والسيد حسن نصر الله، باعتبارهم شركاء صمود سورية. أنا اقارن هنا بين المشهد الأول، الصورة التي جمعت قبل الحرب على سورية، بين الرئيس الأسد والرئيس الإيراني والسيد حسن نصر الله قائد المقاومة اللبنالنية، وبين هذا المشهد، ولا أجد فرقا في المغزى بين الظهور بالصورة وبين ذكر الإسم، فأجد أن انعكاسا عظيما له سيكون على المستوى العالمي، لصالح سورية وحلفائها، مع الإشارة إلى أن رد فعل أعداء سورية على المشهد الأول كان دمويا بامتياز ولقد فشلوا في تحقيق أهدافهم، لكنه الآن سيكون بعد ذلك الفشل براغماتيا (سياسيا يستدعي الحذر) بامتياز، في طريق العودة إلى سورية، والاعتراف بها كمثال تاريخي، سيما وإن تباشير النصر التي صنعها الجيش العربي السوري، سيكتب عنه التاريخ كأول جيش نظامي لم يهن برغم كل الأخطار والمعاناة التي تعرض لها طيلة سبع سنوات عجاف، اين منها سنوات النبي يوسف، ليثبت أن الإيمان بالوطن والحق بأن يعيش فيه السوري كريما رافع الرأس يستحق كل تلك التضحيات. فهاهي سورية ستبقى موحدة الأرض والشعب، وهويتها كما قال الرئيس أمام الدبلوماسيين:
” هوية سورية هي العروبة بمعناها الحضاري الجامع″
وستبقى القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية كما تؤمن سورية شاء من شاء وأبى من أبى من الحكام الذين ما فتئوا يجددون تهوية مقارهم بالريح الصهيونية؟!
تصلبت أرضية الانتصار خلال هذا المشهد، فلاحت تباشيره وقال الرئيس في معرض ذلك:
” المتآمرون فشلوا لكن المعركة مستمرة” كما قال: ” نحن لم ننتصر بعد ولكن بوادر الانتصار موجودة”
بوادر الانتصار تتجسد يوما بعد يوم وتتسع، وكان دخول الروس، إلى عمق المشهد الثاني، عاملا قويا على مستوى السياسة الدولية لحفظ التوازن المطلوب، والمنتج للحالة الميدانية الراهنة التي أنجزها الجيش العربي السوري وحلفاؤه. كان من تبديات حسم الخيارات، ما أعلنه الرئيس من خلال قوله:
” نسعى إلى التوجه نحو الشرق بالمعنى السياسي والدبلوماسي” أمر كهذا كانت له قراءات مختلفة بدءا من عام 1970، عندما قاد الرئيس الراحل “حافظ الأسد” في حركته التصحيحية، مرحلة زمن ما بعد ذلك العام في السياسة وفي الاقتصاد، وفي موضوع “التضامن العربي” وحتى في فكر حزب البعث العربي الاشتراكي، وهذا موضوع آخر…
المشهد الثالث
مشهد النصر. النصر: ومن أولى من الرئيس الأسد بأن يزفه إلى الشعب السوري العظيم… هو الوقت قريب. فلننتظر.