هذه الحرب اللي لها أكثر من سنتين تطحنّا، هي نتيجة حقبة من تلك الأفكار اللي موجودة داخل كل تلك الكراتين القديمة اللي حكموا بها البلاد، وضيّعوها بأفكار بالية ومعطبة وسمجة وغبية ولا تبني وطن، أو حتى تساعد في بناء صندقة على قارعة الطريق.
أصلاً، وفي حقيقة الحال، ولو الكلام يزعل، أطراف الصراع والتفاوض حقنا كلهم عيّنة واحدة، وكلهم جاؤوا من نفس الكراتين القديمة اللي ضاعت من أياديها بلاد طويلة عريضة وثرية وأهلها ولا أروع، لكنهم كراتين بالية، وأفكارهم منتجة تجاه الحرب، وتجاه السلام معطبة وتالفة ومرتبطة بخصومات ولا تتناسب مع طبيعة أفكار اليمنيين اللي أنهكتهم الحرب ومطاحنها المستمرة.
يعني هؤلاء أصحاب سلام الكراتين تقول لهم: نشتي دولة ونظام وقانون عشان نرتفع للسماء، ونطير مع الناس اللي عايشة في الحياة، تلاقيهم – ساسة وأحزاب ورجال دين ومشائخ وعسكر ومثقفين – يتحفونا بأشياء تكعدل أبتنا منزل منزل ولا تخلينا نطلع حتى شوية.
عيال الكراتين البالية يتحاربوا فوق رؤوسنا، وإحنا مراعيين ومصدقين ونعد الأيام والأشهر والسنين عشان يسدوا، وهم جالسين يلعصوا كلمات السلام مثلما يلعصوا اللبان. إيش من سلام ممكن يجي من هؤلاء، وهم أنفسهم طبعاً اللي جابوا لنا الحرب و«القاعدة» و«داعش» والحوثيين والسعودية وأبوظبي وإيران، وهم أنفسهم اللي تسببوا في كل هذا الخراب الذهني والنفسي وكل هذه الممحاكات والملابجات المناطقية والطائفية والمذهبية، وأصبحنا مع الوقت مجتمع تالف وخربان من الداخل.
طيب ياطحاطيح، ويا أعفاط الحرب والسلام، قولوا لنا أمانة عليكم، يرضيكم وانتوا عاملين فيها وطنيين ورجال، يرضيكم تشوفوا شعبكم سنتين ونص وأكثر وهو يتهان ويتبهذل ويمرض ويأكل من القمامة، ويعيش أيام صعبة وأوقات سوداء وحرب وموت يومي وفقدان أمل وقيمة ناقصة بين الشعوب، وسيادة تتمرمط بين أيادي اللي يسوى واللي ما يسواش، وانتوا، يا وطنيين يا رجال، يا حماة الشعب والبلد، تشوفوا كل هذا ومش عاملين له حساب؟
طيب يا عيال الكراتين البالية والقديمة، يعني انتوا حتى مش شايفين حتى وجوهكم وقد أصبحت بين العالم مضحكة ومسخرة، وشعبكم التعبان أصبح بين الأمم منبوذ وغير مرحّب به في أي مكان؟
يا عيبااااااه ويا لوماااااه بس.