بقلم: ناصر قنديل|
– يستطيع كلّ قارئ مدقق اكتشاف الدسّ في الكلام المنسوب لأمير قطر عندما يقرأ المقطع الخاص بالحديث عن الرئيس الأميركي «الذي لن يستمرّ بسبب ملاحقات عدلية وتجاوزات قانونية». وهو كلام لا يمكن صدوره من دولة عظمى تجاهر بالعداء لأميركا فكيف بدولة صغيرة تدور في الفلك الأميركي في نهاية المطاف، وتحمي حكمَها قاعدة عسكرية أميركية؟
– الإصرار السعودي عبر منابر الإعلام المموّلة والمشغّلة من محمد بن سلمان، على رفض الكلام القطري عن اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية الرسمية ودسّ البيان بلسان الأمير، يعني نية مبيّتة بالاشتباك، والإصرار على إعداد تقارير إعلامية وتوزيعها عن مسؤولية قطر عن العلاقة بالقاعدة وطالبان والنصرة وداعش وحزب الله وحماس والإخوان المسلمين وإيران، هو جزء من حملة تمهيدية لعمل ما يُفترض أنه يحتاج لتغطية رأي عام خليجي وعربي ودولي، فتكون مصر والإمارات والبحرين وأميركا و«إسرائيل» شركاء في تقديم هذه التغطية كلّ لسبب يخصّه بما يُنسب لقطر.
– ترجمة الحرب على إيران في قمة الرياض هو بالاستيلاء على قطر، التي تشكّل امتداداً تركياً في الخليج ومصدر إزعاج تقليدي للسعودية. وضبط الزعامة السعودية بأمير شاب كمحمد بن سلمان يستدعي مهابة لم تأتِ بها حرب اليمن، ويفترض أن تأتي بها حرب أخرى، ووضع الخليج كمنطقة نفوذ خالصة للسعودية في مواجهة إيران، كيف وأنّ قطر ثروة غاز هائلة وقناة فضائية فاعلة يرتب الاستيلاء عليهما بحكم قطري تابع للسعودية إضافة نوعية مالياً وإعلامياً.
– منح الملك سلمان للرئيس الأميركي ما يريد من مال وصفقات وسياسة، خصوصاً في مجال العلاقة بـ»إسرائيل»، ولم يعُد لقطر ما تتميّز به في هذا المجال. فهذه السعودية عندما تنضمّ للتطبيع تصير قطر تفصيلاً صغيراً، وما يريده الملك تثبيت خلافة ولده في الحكم، وتعويضاً عن الخسارة في سورية والعجز في اليمن تمثله قطر.
– الأرجح أنّ المخابرات السعودية افتتحت نشاطات مركز الحرب الإلكترونية الذي أطلق عليه اسم مركز مكافحة التطرف «اعتدال»، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وكانت أولى مهامه قرصنة موقع الوكالة القطرية ونشر كلام منسوب للأمير القطري وهو نائم. فالبيان تمّ نشره على موقع الوكالة منتصف الليل، وهو توقيت غريب عجيب لنشر كلام قيل في وضح النهار لأمير الدولة، الذي يأوي إلى فراشه الساعة التاسعة ليلاً، والهدف تأخُّر النفي القطري لما نشر، واتهام قطر بسبب التأخير بأنها نشرت الكلام وتقوم بسحبه والادّعاء بالقرصنة لأنها تلمّست خطورة ردود الأفعال. وهذا ما يقوله السعوديون ومَن يستجلبونهم للتعليق على الكلام.
– منذ ثلاثة أعوام والسعوديون يسعون للحصول على الضوء الأخضر الأميركي لحسم وضع قطر ووضعها تحت الإبط السعودي. ويبدو أنّ الفرصة لم تحن إلا بزيارة ترامب للرياض ومقايضته الصفقات المغرية برأس الحكم القطري، خصوصاً في ظلّ الخلاف التركي الأميركي وموقع قطر مع تركيا، وضغط مصر على واشنطن طلباً لضبط الأداء القطري في قضية الإخوان المسلمين، وتعمّد ترامب تسمية حركة حماس كحركة إرهابية في خطابه في القمة، بينما تتباهى قطر بنجاحها في جلب حماس إلى خط التسويات بوثيقة جديدة، ووجود تفاهم سعودي أميركي على التصعيد بوجه إيران، واعتبار التعاون مع إيران في مسار أستانة والعلاقات الثنائية من جانب قطر لعباً على الحبال، وكانت الحصيلة بيع قطر للسعودية بأربعمئة مليار دولار قبضها ترامب، فأعطى الضوء الأخضر. خليك معنا