“مأزق سياسي” و”عسكري”، و”واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم”، هو جل ما آلت إليه حصيلة الحرب التي تتولاها السعودية، والإمارات، وحلفاؤهما من الميليشيات المتنافسة خلال عامين داخل اليمن، وفق صحيفة “ذي إندبندنت” البريطانية. وأوضح تقرير الصحيفة الذي حمل عنوان: “لدى دول الخليج خطة لكسب الحرب في اليمن”، أنه “بعد مرور عامين، ما زال الحوثيون يسيطرون على العاصمة، والعديد من المرتفعات الشمالية الغربية للبلاد، وذلك بدعم من وحدات عسكرية موالية للرئيس اليمني الاسبق علي عبدالله صالح”، حيث “أثبت تحالف الحوثي- صالح مرونة مدهشة في مواجهة حملة مكثفة ومتواصلة، من القصف الجوي، والحصار البحري المفروض كأمر واقع”، فيما “يكافح الرئيس هادي، وهو شخصية ضعيفة، ولا تحظى بشعبية منذ ما قبل الحرب، من أجل جذب العديد من القوات المقاتلة للحوثيين على الأرض، ووضعها تحت إمرته”، إلى جانب إخفاقه في “استعادة مقاليد الحكم في المناطق المحررة”، كمدينة عدن الساحلية، التي ما زالت “تعاني من انعدام الأمن، وغياب خدمات الماء والكهرباء”، رغم استعادتها من “المتمردين” في أواسط العام 2015.
كما شرح تقرير الصحيفة البريطانية، الذي أعدّه بيتر ساليزبوري، كيف حقّقت “الميليشيات السلفية المتشدّدة”، مثل تنظيم “القاعدة”، أسوة بـ”الانفصاليين” الجنوبيين، و”الميليشيات القبلية” المختلفة “تأثيراً متزايداً على الأرض”، مشيرة إلى تضارب الأجندات والأهداف بين هذه القوى المختلفة، والتي يحصل بعضها على دعم من المملكة العربية السعودية، فيما يحصل بعضها الآخر على دعم من الإمارات العربية المتحدة
ورصد الباحث المتخصص في شؤون شبه الجزيرة العربية في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد “شاتام هاوس”، حقيقة “الموقف الصعب” لكل من الولايات المتحدة، وبريطانيا، على خلفية تقديمهما الدعم السياسي والعسكري “بدرجات متفاوتة”، للحملة السعودية في اليمن، وما نجم عن ذلك من اتهامات المنظمات الحقوقية للبلدين بـ”تسهيل مخالفة القانون الدولي من قبل القوات الجوية السعودية”، وبـ”عدم القيام بما يكفي للتخفيف من حدّة الأزمة الإنسانية”. ومع الإشارة إلى صعوبة التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب بين معسكر “الحوثيين” و”صالح” من جهة، ومعسكر السعودية والإمارات من جهة أخرى،
وفي السياق عينه، أوضحت الصحيفة أنه “ليس من المؤكد، بأي حال من الأحوال، أن تكون استعادة السيطرة على ميناء الحديدة، أمراً سهلاً”، لا سيما وأن “تحالف الحوثي- صالح يدرك الخطة”، و”يتحضّر بشوق للقتال”. وبحسب الصحيفة، إذا كان “التحالف
” يزعم بأن “السيطرة على الحديدة سوف يساعد في التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية على المدى المتوسط”، فإن “المنظمات الإغاثية تشعر بالقلق” من الآثار قصيرة الأمد لعملية استعادة السيطرة على الميناء، بما يمكن أن تشكله من “ضربة قاصمة لملايين اليمنيين، ممن يتضورون جوعاً”.
كذلك، استبعدت الصحيفة أن يستسلم “تحالف الحوثي- صالح”، وحاضنته الشعبية، بسهولة أمام خصومه، مرجّحة أن ينحو في اتجاه موقف “أكثر استبسالاً”، و”صلابة”، وبدعم إيراني- بقي حتى الآن محدوداً نسبياً- الأمر الذي “سوف يصب في صالح قادة التنظيمات (الجهادية)”، لا سيما تنظيم “القاعدة” الذي يحتمل ان يستفيد من نزعة الحروب الطائفية، والخطاب المعادي للغرب، فضلاً عما يمكن أن يتمتع به التنظيم المتشدد من “جاذبية شديدة” وسط بيئة من فقدان السيطرة الحكومية، وغياب الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وغير ذلك.
وختمت الصحيفة بالدعوة إلى إحداث تغيير ما بخصوص الحرب في اليمن، مشيرة إلى أن “آخر ما يحتاج إليه العالم، هو بلد شرق أوسطي آخر، مقسّم، ومنغمس في أتون عنف طائفي، تتنافس فيه الجماعات الارهابية المتطرفة على السيطرة”.
خليك معنا