رأت مجلة «ذي أتلانتيك» أن المملكة العربية السعودية تمر بـ «مرحلة عصيبة» على وقع مساعي ولي العهد محمد بن سلمان إلى تحقيق «سلسلة من التغييرات» الاجتماعية في البلاد، مشيرة إلى أن «سرعة وتيرة» تلك التغييرات التي يقودها الأمير الشاب، إلى جانب «حفاوة» بعض وسائل الإعلام الغربية بها، «ربما تكون قد حجبت تساؤلاً حاسماً، مفاده: هل يمكن أن تدوم (الإصلاحات)؟».
وأوضحت المجلة الأمريكية أن تلك التغييرات شملت «تحرراً في بعض النواحي»، مثل قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، إلى جانب «حملات قمع في نواح أخرى»، مثل قرار احتجاز واعتقال عدد من النشطاء، محذرة من أن «التغييرات التي أرساها يمكن أن ترتد (عليه) بسهولة»، لا سيما وأن الأوساط الحقوقية نظرت إلى القرار المذكور بشيء من المرارة، وذلك بالنظر إلى وجود العديد من الناشطات السعوديات في مجال حقوق المرأة في السجن، أو المنفى.
وفي هذا السياق، أفادت هالة الدوسري، وهي باحثة في «معهد رادكليف» للدراسات التقدمية بـ «جامعة هارفرد»، بالقول «إنني لا أعتقد أن هذا الأسلوب من العمل سوف ينجح». وبررت الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة رأيها من خلال الإشارة إلى أن ابن سلمان «أثار عدائية الكثيرين»، في إشارة إلى وجود معارضة للأمير في صفوف العائلة الحاكمة، والمؤسسة الدينية، مشددة على أن مصادر شرعية الأخير السياسية باتت «خارجية على نحو أكبر، من كونها داخلية»، و«أنه لا يحظى بدعم الشعب» في المملكة العربية السعودية.
ومن هذا المنطلق، ذهبت المجلة إلى أن ولي العهد السعودي «قام بعمل حسن على صعيد كسب حلفاء خارجيين، بخاصة الولايات المتحدة، والإمارات العربية المتحدة»، شارحة أن «موقفه الداخلي لا يزال هشاً»، وهو وضع برر من خلاله الأمير الشاب، وإن «بشكل مبالغ فيه»، حملات القمع أمام حلفائه الخارجيين. وبحسب المجلة، فإن ابن سلمان «يحذّر من (إمكانية) حصول ردة فعل عكسية في أوساط التيار الديني المحافظ»، إلى جانب تنبهه إلى وجود «خطر يشكله منافسون له في صفوف العائلة الحاكمة».
بدورها، أشارت كارين يونغ، وهي باحثة في «معهد الخليج العربي»، إلى وجود انطباع لدى السعوديين بأن بلادهم «تتطلع إلى الأمام»، مشددة على أن «الإمارات العربية المتحدة تشعر بالطريقة عينها» حيال إصلاحات ابن سلمان. ولفتت يونغ إلى أن «هناك رغبة كبيرة في القيام بأمر ما» يتشاركها الجانبان السعودي والاماراتي، وذلك بالنظر إلى أن المملكة العربية السعودية تمر في «مرحلة حرجة في الوقت الراهن». أما مالك دحلان، وهو أستاذ القانون والسياسة في جامعة ماري في لندن، فقد أوضح أنه «سيكون من الخطورة بمكان أن يفشل ابن سلمان في إصلاحاته».
وتابعت المجلة أن «الخطر الأكبر» على ابن سلمان، قد يكون كامناً في العامل الاقتصادي، على خلفية ارتفاع معدلات البطالة في أوساط الشباب، وانخفاض عائدات الحكومة السعودية بفعل هبوط أسعار النفط، محذرة من أن «عدم قدرة محمد بن سلمان على تحقيق (نجاحات) اقتصادية، قد يعرض سلطته المحكمة للخطر». وفي حديثها إلى المجلة، شرحت يونغ أن قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، «يأتي بدافع القلق من هذا العامل»، كونه يسهم في جعل النساء عنصراً فاعلاً في توفير الدخل لعائلاتهن.