على وشك الطلاق بين قطر ودول الحصار، في زمن الصحوة الصغرى، وفي سر النومة الكبرى لحكومات محكومات، و في زمن الحكم عندما أتوا على ظهر دبابة أجيرة صنعتها بريطانيا… وكان شعب مصر ينام في المقابر، وفي الخليج جماهير غفيرة لم تنطلق لها مسيرة ولم يعرف الشعب مصيره…
إذا كانت لدى الإمارات والسعودية نوايا صادقة لجلسوا على طاولة الحوار وناقشوا المطالب، بدل فرضها وقبولها بالقوة رغم الحراك السياسي الدبلوماسي المستمر والزيارات المكوكية من وإلى… وتصريحات القطريين بأنهم ليسوا لقمة سائغة وليسوا مستعدين… وهي تتلخص أصلاً في مطالب معقدة ومفتعلة، لكنها في الأصل تستخلص في أمور أزعجت السعودية بالدرجة الأولى، والإمارات ثانياً، وهي:
1- السياسة الخارجة القطرية.
2- التقارب القطري الإيراني، أربك وأزعج السعوديين.
3- قناة «الجزيرة»… الذراع الإعلامية القطرية.
والأزمة الخليجية انعكست على دول المنطقة وعلى الدول الكبرى والصناعية، وتحولت قطر من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم بعد ما استوعبت الضربة المباشرة من دول الحصار.
وبهذا دقت قطر آخر مسمار في نعش مجلس التعاون الخليجي، وصار الطلاق المحتوم، والذوبان لا محال منه بعد تدخل تركيا والسماح لها في عودة أحلام الدولة العثمانية بقيام قاعدة عسكرية على الأراضي القطرية. وهذا يستبعد شبح التدخل العسكري من قبل دول الحصار، وبضغط أمريكي وأوروبي، لعدم زعزعة الوضع السياسي والاقتصادي في قطر تحت أي حجة، حتى بانقلاب داخل الأسرة الحاكمة بسبب اللعب على التناقضات، لأن الغرب يريد الخليج منطقة موحدة بعيداً عن الصراعات الإقليمية والدولية، وحفاظاً على مصالح الشركات الإحتكارية.
وهذا ما دق جرس الإنذار لدى الدول الصناعية التي زادت من تحركاتها المكوكية في المنطقة، لكل من ألمانيا وأمريكا واليابان وبريطانيا والمنظمات الدولية. وأولويات الأزمة معقدة لكل الأطراف، وخاصة بعد تحول الإمارات إلى دولة هجومية، وبعد تصريحات سفيرها في روسيا الذي قال إن هناك عقوبات أخرى ولا تفاوض على قائمة المطالب، مما يجعل قطر أمام خيارات صعبة:
اللجوء إلى التدخل الروسي والإيراني بالسماح لهم في إقامة قواعد عسكرية على الأراضي القطرية، وبذلك تكون الضربة القاضية المؤلمة لدول الحصار، والمميتة للمجلس، والانهيار الحقيقي بسبب غياب أفق الحل للأزمة من قبل أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وغياب أذرع خليجية من دول الحصار لها تأثير داخل صناع القرارات المصيرية.
وبهذا انكشفت نوايا الإمارات والسعودية تجاه بعض دول مجلس التعاون، وخاصة الدول المرتبطة بعلاقات سياسية قوية مع إيران. ولا نستبعد الدور القادم على سلطنة عمان من قبل الإمارات بعد فشلها في كشف شبكة التجسس عام 2008م، والتي تحاول صنع رجالات لها داخل القصر السلطاني بعد وفاة السلطان والتأثير على السياسة الخارجية العمانية، وخاصة بعد تراجع الهجوم السعودي الإعلامي على قطر.
وصارت في واجهة الأزمة الآن دولة الإمارات العربية المتحدة. خسر الخليجيون قطر شعباً ودولة واقتصاداً عالمياً… و كسبوا المالديف واليمن وموريتانيا. عقول تافهة بعد ما كانت راقية في عهد باني النهضة والدولة الراحل زايد بن نهيان.