لم يكن أمام “أم أحمد” بعد وفاة زوجها غير ان تحرك دفة العمل بنفسها, وتدير أخر معاصر زيت السمسم التقليدية في محافظة ذمار, يدفعها إلى ذلك تعلقها بالعمل لسنوات طولية, وخبرتها الطويلة في هذا المجال الذي عرفت تفاصيله من زوجها والذي ورث هو الأخر أسرار هذه المهنة عن آباءه.
الطريقة التقليدية لانتاج الزيوت:
يسير الجمل بصبر في دائرة مغلقة بعد ان تم إغماض عيناه, ليطحن بعض البذور مثل السمسم لتنتهي تلك العملية باستخراج الزيوت الطبيعية ذات الجودة العالية والتي تجد لها إقبال كبير من المواطنين, في مدينة ذمار, والذي يرون في تلك الزيوت مادة طبيعية لها قدرة على جلب الشفاء من بعض الأمراض والتخفيف من مشاكل الهضم.
معصرة “أحمد الصنعاني ” أخر معاصر مدينة ذمار, بعد ان كانت تعج المدنية بالمعاصر التقليدية, اثر دخول الآلات الصناعية الحديثة على عمل المعاصر التي أفقدت هذه المهنة رونقها وجمالها, وتسعى ” أم أحمد” الحفاظ بقدر استطاعتهم على هذه المهنة والحافظ على ارث الأجداد.
يعود ان هذه المهنة تعود إلى عدة قرون, ورغم
بدائية الأدوات في استخلاص الزيوت الطبيعية من الحبوب, ما تزال تحافظ على تاريخها وما يميزها على غيرها من الزيوت الصناعية نقاء منتجاتها ونكهتها وخلوها من أي مواد صناعية واستخلاصها بأدوات تقليدية. تقول ام أحمد لـ(الصباح اليمني) ان استخلاص الزيوت يمر بعدة مراحل, أولها وضع بذور الحبوب, في صخرة كبيرة تم حفرها تستلقف البذور في قعرها, ليقوم “الجمل” بالدوران حول حجر المعصرة مئات المرات, ليكون في شكله النهائي زيت طبيعي يستخدم في الطعام أو الشعر والجسم.
القيمة الطبية للزيوت الطبيعية:
وتسرد أم احمد, فوائد الزيوت التي تنتجها معصرتها, وتقول: يتم إنتاج زيت السمسم وزيت الخردل والخروع، وغيرها من الزيوت الطبيعية, والتي لها فوائد طبية وعلاجية لخلوها من النكهات والألوان الصناعية, والتي يقبل عليها المواطنين خاصة قاطني الأرياف.
رغم ذلك, تشكو من ارتفاع تكاليف الإنتاج, فمن إيجار مكان المعصرة إلى ثمن علف الجمل إلى ثمن شراء بذور السمسم وغيرها, ولتنتج تكاليف ترفع ثمن أسعار الزيوت الطبيعية.
الجمل هو محور عملية العصر, لذا على ملاك المعصرة اعتناء جيداً بالجمل وإطعامه وعدم إنهاكه بالعمل فترات طويلة, فالعلاقة بين الجمل والمعصرة باتت جزء من التراث والإرث الشعبي التقليدي اليمني. تمضي حالياً المعاصر ومهنة العصارة نحو الانقراض واختفائها من حياة اليمنيين بفعل ارتفاع تكاليف استخلاص الزيوت الطبيعية و ظهور معاصر للزيوت تعمل بالآلات وانخفاض أسعار الزيوت الصناعية وإغراقها للسوق اليمني مقارنة بالزيت التي تنتجها المعاصر.