قبة دادية بمدينة ذمار, وأحد من المعالم الأثرية التي بناها العثمانيين في اليمن بداية القرن الرابع الهجري, وبنيت على نفقة حسن بن علي بن عبدالله بن يوسف داده الرومي وهو عالم وتاجر عندما قدم الى اليمن واستقر بمدينة ذمار, وتمتاز بنمط البناء العثماني القديم .
يروى ان بانيها تعمد رمي قطع ذهبية لدى جلب التراب أثناء بناء القبة, وكان سائد في ذلك العصر بناء القبب بعد طمر أجزاء منها من الداخل بالتراب بشكل تدريجي مرفق للبناء حتى الوصول الى نهاية القبة, وعند الإنتهاء منها يعمل العشرات على نقل التراب خارج القبة. لكن بانيها أتاح لأهالي مدنية ذمار البحث من خلال إخراج الكميات الهائلة من التراب الى خارج القبة للحصول على تلك القطع الذهبية.
تتوسط قبة دادية مدينة ذمار, وتنبعث من جوانبها ملامح التاريخ ، وروحانيةٌ مختلطة بتفاصيل الحياة اليمنية البسيطة, تمتزج في جدرانها أرث الانسان الذي استطاع ان يصنع من الاحجار الصماء مبان لا يهزمها الزمن وتقاوم كل عوامل التعرية وتصمد أمام كل ظروف الحياة ومتغيرات الازمنة.
بنيت لتكون مسجداً ودار علم, وبنيت على شكل مربع حتى المنتصف ثم تنتهي بشكل بيضاوي, تصل مساحتها الى عشرة امتار طولاً وعرضاً, ويصل ارتفاعها الى خمسة وعشرين متراً.
للقبة صرح مرصوف بالأحجار ومئذنة تم بنائها سنة 1374هـ شيدت بأحجار الحبش الأسود, لتضيف الى المكان الكثير من السكنية, كما يوجد خلفها “مقشامة” واسعة تروئ الخضروات المزروعة فيها من مياه الوضوء, وتمتلك القبة أوقاف جليلة في مدينة ذمار وضواحيها وتصل اوقافها الى حدود مديرية يريم التابعة لمحافظة اب من جهة الجنوب ومديرية رداع التابعة لمحافظة البيضاء من جهة الشرق, كما تم تخصيص جزء من عائدات تلك الأوقاف للفقراء وعابري السبيل.
ارتبط المكان بيوميات الانسان في ذمار, فهي احد اهم مسجد المدينة التي تقام فيه صلاة وخطبتي الجمعة لمقدار غزارة العلم والفقه والبلاغة الذي يتدفق من افواه الخطباء الذين عرفوا بالوسطية والاعتدال على مدى تاريخ المدينة, كما تخرج من حلقاتها العلمية العشرات من العلماء الذي اثروا الحياة العلمية الاسلامية في اليمن بالكثير من الانتاجات الفكرية والفقيه والعلمية.
ما يزال هذا المكان يقدم خدماتها الروحانية والتعليمة على اكمل وجه, ورغم طمس بعض معالمة الاثرية والتاريخية وتشويهه بحركة البناء الحديث, يبقاء شاهد على حضور الانسان اليمني وارتباطه بجذوره. ومنذ بنائها التزمت الخط الوسطي في الخطاب الديني وتجنبت الكثير من الصراعات السياسية والعقائدية, لذا يفد اليها أهالي مدينة ذمار بشكل كثيف لسماع خطبة الجمعة أسبوعياً, والتعلم من منابرها معاني الوسطية والإعتدال والقبول بالأخر.