الصباح اليمني_ثقافة وهوية|
مما لا جدال فيه، بل من نافلة القول إِنَّ الآثار على سعة مفهومها ومدلولها وكذا صورها ومظاهرها من (ثابتة) كـ “البنى التحتية” بما تشتمل عليه من القصور والقلاع والحصون والمدن والأسوار والسدود والمشاهد والأضرحة وغيرها وكــ (المنقولة) من مخطوطات ووثائق وحلي وشتى أنواع ومظاهر أدوات الاستيطان البشري وغيرها التي تمثل موروث حضاري تاريخي للمجتمعات والأمم على مر العصور تشكل بالمجمل هوية إنسانية وقومية ووطنية لا مندوحة عنها.
فإذا كان العديد من النسابة والأنثروبولوجيين والمؤرخين والآثاريين يحاولون الغوص في أعماق التاريخ للبحث عن جذور الأقوام والجماعات والأسر والشخصيات التاريخية بوصف هذه الأخيرة – كشاهد ومثال – تصنف لديهم في عداد العظماء الذين اجترحوا تحولات كبيرة في حياة الشعوب والأمم والدول ومحاولة التأصيل لها لإثبات هويتها الحضارية وحتى الإثنية والاعتداد بها والسعي لتوثيق أدوارها في سجلات التاريخ البشري.
فمن الضرورة بمكان على شريحة الشباب أن ينهضوا بمسؤولية الحفاظ على الآثار التاريخية التي تشكل هويتهم الوطنية وأن عليهم واجب الدفاع عنها وحمايتها من أن تمتد إليها أيادي العبث بشقيه الداخلي (ممن يجهلون قيمتها الحضارية أو من الطامعين في عائدها المادي)، وكذا الخارجي المتمثل بالمستعمِر والحاقد والمتآمر على تاريخ البلد وأهله، والحفاظ عليها وحمايتها يتجلى بصور مختلفة كصيانتها واقتفاء الوسائل والتقنيات الحديثة في ترميمها.
وتدوينها وتوثيق أصولها، وتشكيل فرق لحمايتها، والكتابة عنها وتوعية المجتمع بها عبر الوسائط الإعلامية والإلكترونية، وإجراء التنقيبات الأثرية للكشف عن المندثر والمطمور منها بفعل عوامل التعرية الطبيعية، واستخراج ما ظهر منها ووضعها في أماكن مخصصة لها وغيرها من الوسائل المعروفة. فـقد أطلعتنا وسائل الإعلام المختلفة في الآونة الأخيرة علي عديد من القصص والروايات والحوادث عن معالم ثقافية وحضارية لبعض الدول المشكَّلة حديثاً أو الطارئة على المشهد التاريخي والتي جلها أو كثير منها مختلق وملفق أو مزور أو مبالغ فيه على الأقل.
،يحاول مهندسو هذه القصص والروايات أن يصنعوا أو يثبتوا تاريخاً لم يثبت في الأصل، وهذا وإن كان ينطوي على مضمون ومدلول سلبي إِلاَّ أننا نلمح بين طياته صورة غير مباشرة للوعي بأهمية الآثار كقيمة وهوية حضارية أصيلة ينشدها أركان تلك الدول الطارئة، وإذا كان هذا هو حالها بما هي عليه من تلفيق وصياغة تاريخ متخيل أو متوهم فما بالنا بمن تحمل دولهم واليمن في مقدمتها منظومة آثاريه شاخصة بأبصارها للقاصي والداني كشواهد مادية راكمتها قرون من التاريخ تؤكد على الهوية الوطنية التاريخية الحضارية للمجتمع .
خليك معناالمصدر: ملتقى المؤرخين اليمنيين