|بقلم:ابراهيم الأمين|
ليهدأ خصوم المقاومة وكارهوها من الخونة والعملاء (وبعض المُضلَّلين). فعملهم لم ينته بعد. فأمامهم مهمات إضافية، وسيحتاج إليهم المشغل المحلي أو الإقليمي أو الدولي، ولا سيما منهم، المتحدرون من سلالة «شيعة السفارة» أو ما يعادلها من «كارهي أصولهم وطالبي الانتساب الى بيئة أخرى». وما هو مطلوب منهم، سيلزمهم البقاء في ذواتهم الحالية، أي أن قبول طلبات انتسابهم الى النادي الجديد سيظل قيد الدرس لوقت إضافي.
طبعاً، ليس لدينا من تفسير علمي لغضب هؤلا، سوى شعورهم الحقيقي بالخسارة مرة جديدة. وإذا كان هناك من يرتبك في تفسير ظاهرة «لبنانيون يناصرون إرهابيين»، فالصورة تبدو أكثر وضوحاً عند معرفة أن هؤلاء الخونة والعملاء ــ الذين يستحقون فعلاً عقوبة الإعدام ــ إنما يعيشون فقط على دخل مصدره من يريد القضاء على المقاومة.
صحيح أن الاستخبارات الأميركية رفعت صوتها ضد هدر الأموال مع مجموعات لا تنفع في شيء، لكن السعودية والإمارات العربية المتحدة لا تجدان ضرراً في صرف حفنة قليلة، وقليلة جداً، من الدولارات، مقابل سماع هذه الأصوات، مع العلم بأن الرياض وأبو ظبي تسألان كثيراً في الآونة الأخيرة عن سبب عدم تحول هؤلاء الخونة والعملاء إلى أبطال شعبيين!
أما لماذا يغضب هؤلاء عندما يصار إلى تذكير الناس بأن عقوبة الخونة والعملاء هي الإعدام، فلأنهم يشعرون بأن الكلام يطالهم هم بالتحديد، فيشرعون بالصراخ والاستغاثة وطلب العون، ويخرجون من جحورهم دفعة واحدة، ويتداعون الى التشاور في ما يجب القيام به.
ثم يرفعون الصوت كمن يكسر خوفه بالغناء. أما احتجاجهم على عدم قيام فريقهم السياسي بخطوات لحمايتهم (ممَّ؟!) فهو احتجاج يظل صداه داخل المنزل فقط.
على أي حال، فإن لهؤلاء مهمات إضافية منتظرة. ذلك أن المعركة مع الإرهاب لم تنته بعد. وبرغم الأهمية غير العادية لإسقاط القواعد العسكرية المباشرة لهذه المجموعات، فإن مجالين للعمل سيستمران، واحد له بعده الأمني، حيث تنشط الخلايا الإرهابية بقصد توجيه ضربات في أكثر من مكان، وآخر سياسي ــ إعلامي، حيث يفترض العمل على الترويج الإضافي للإرهابيين، ولو من باب حقوق الإنسان والحريات.
وهذا يعني ببساطة أن على الجمهور الانتباه إلى كون المرحلة الجديدة من المواجهة مع الإرهابيين وداعميهم تتطلب درجة أعلى من اليقظة والاستنفار وعدم المهادنة. وستكون المؤسسات الأمنية والعسكرية اللبنانية تحت أعين المراقبة والتقييم، لأن أسلوب العمل في المرحلة السابقة يجب أن يوضع له حد، لجهة التباين الكبير في النشاط والنتائج. فحماسة وإنتاجية استخبارات الجيش والأمن العام، قابلتهما في السنوات الماضية برودة من جانب فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، قياساً إلى قدراته، وخطوات هامشية لجهاز أمن الدولة.
لكن الجميع يعرف أن لهذه الفروقات أسبابها. فأمن الدولة كان خارج العمل الأمني فعلياً. وهو باشر حديثاً نشاطه، وهناك مؤشرات على إمكانية تحقيقه قفزات في هذا العمل، ويمكن القيام بالكثير، في حال نجاحه في إقفال «خدمة الخَدَم» التي يطلبها منه كبار القوم.
أما الجيش والأمن العام، فالأمر واضح عندهما، لناحية أن قيادتَي هاتين المؤسستين على اقتناع تام، وطوعي، بأن الإرهاب حقيقي، وأنه يستهدف جميع اللبنانيين، وأن العمل الاستباقي ضروري لمواجهته، بما في ذلك ما يقوم به حزب الله. وأن المواجهة مع هذه المجموعات تتطلب التنسيق مع كل من يقاتلها بجدية، من الحكومتين السورية والعراقية، الى روسيا وإيران، الى الأجهزة الأمنية في بعض الدول العربية والاوروبية.
أما فرع المعلومات، فمشكلته ليست في ضباطه أو أفراده. المشكلة الأساسية تكمن في موقف جهة الوصاية على الجهاز، أي تيار المستقبل ومن خلفه قوى محلية وإقليمية ودولية، لا تنظر الى هذه المجموعات الإرهابية على أنها شر كامل، بل ترى في بعض أعمالها ما هو مناسب، وخصوصاً إذا كانت هذه الأعمال موجهة الى سوريا وإيران وحزب الله. وهو موقف أثّر سلباً على هذا الجهاز، القادر، بقوة، على تحقيق إنتاج كبير جداً، وهو ما سيكون محل نقاش ومتابعة في المرحلة المقبلة.
وفي هذا السياق، سيجد الخونة والعملاء عملاً لهم، إذ إنهم سيتولّون التشكيك بالعمل الأمني الهادف الى استئصال المجموعات الإرهابية، من مفكريها، الى مديريها، الى أفرادها، الى حاضنيها، الى مموليها، وسيطلب إليهم قول الكثير عن التمييز العنصري وعن الاستنساب السياسي وعن التعرض لكرامات الناس وحقوق هذا أو ذاك.
لكن هؤلاء سيكتشفون أن قرار إطاحة الإرهابيين لا يحتمل المزاح، وسيسمعون من الأقربين قبل الأبعدين النصح بالتعقل، لأن من يبرر الإرهاب ويحمي القائمين عليه، أو يسهل لهم عملهم، يعدّ شريكاً كاملاً… فهل يشرحون لنا، ما هي عقوبة الخائن والعميل قبل أن يصير إرهابياً؟
خليك معنا