الصباح اليمني_ثقافة وهوية|
على الرغم من عودة حصاد القمح البرّي إلى أكثر من 14 ألف سنة مضت، لكنّ زراعة القمح بدأت فعلاً قبل نحو 11600 سنة. إذ بدأت زراعة القمح الأقدم في العالم على الساحل الشرقي للبحر المتوسّط، في القسم الجنوبي من المشرق. وعُثر على أقدم الآثار المعروفة لزراعة القمح في منطقتي تل أسود قرب مطار دمشق الدولي؛ وعراق الدب جنوب حوران في الأردن.
في البداية حصدت الناس القمح البرّي المعروف اليوم باسم قمح الحجل، لكنّ رزاعة القمح بدأت في غوطة دمشق وفلسطين بزراعة نوع مختلف اسمه قمح إيمّر ثنائي الحبّة. وهذا النوع من القمح هو الذي شاع لاحقاً في مصر والإمبراطورية الرومانية. وفي أيّام الفنيقيّين كانت أكثر المناطق المصدّرة لقمح إيمّر هي منطقة غرب سيناء وشرق الدلتا، إذ لم تكن سيناء جافّة كما هي اليوم.
بينما بدأت زراعة القمح البرّي المستخرج من دمشق في شمال منطقة الجزيرة قبل نحو 10400 سنة. وأقدم آثار زراعته الموجودة اليوم عُثر عليها في جبل قرجه قرب دياربكر؛ وتل أبو هريرة المغمور اليوم تحت بحيرة الرقّة على الفرات في سوريا.
أمّا الحنطة الطريّة، الدنكل، التي شاعت في وسط أوروپا وصارت علامة صناعة الخبز لشعوب وسط وشمال أوروپا، فقد بدأت زراعتها جنوب وسط الأناضول قبل حوالي 8400 سنة. وأقدم الآثار المعروفة لزراعتها عُثر عليها في موقع چتال هيوك قرب قونيا في تركيا المعاصرة.
التزمت كل منطقة من المناطق الملوّنة في الخريطة زراعة نوعها من القمح دون خلط مع أنواع غيرها من المناطق حتّى فترة تعود إلى نحو 7000-5000 سنة، حين بدأت تتداخل مناطق زراعة أنواع القمح المختلفة؛ لتنافس العدس والشيلم كذلك على عرش صناعة الخبز.