الصباح اليمني_السعودية
كشفت حركة حماس الأربعاء، عن اتصالات تجريها مع السلطات السعودية بشكل مباشر، وأيضا عبر وسطاء، بهدف الإفراج عن معتقلين فلسطينيين وجهت لهم الرياض اتهامات بـ”دعم كيانات إرهابية”.
وتوقع القيادي في حركة حماس باسم نعيم في مقابلة مع وكالة الأناضول، أن “يتم إغلاق ملف هؤلاء المعتقلين بالسعودية قبل حلول شهر رمضان المقبل”، مشيرا إلى أن السلطات السعودية بدأت في 8 آذار/ مارس الجاري، بمحاكمة نحو 62 فلسطينيا (بعضهم من حملة الجوازات الأردنية)، يقيمون داخل أراضيها.
وتابع: “يؤسفنا أن الفلسطينيين الذين تمت محاكمتهم، هم من الذين يقيمون منذ عشرات السنين داخل السعودية، وساهموا في بناء المملكة ودعم المجتمع العربي السعودي”، مبينا أن التهمة الأساسية التي وجّهت للمعتقلين هي “دعم كيانات إرهابية”، مشددا على أن هؤلاء المعتقلين لم يكن لهم أي عمل يمس “شؤون المملكة أو مصالحها العُليا”.
وأوضح أن بعض المعتقلين كانوا على “اتصال وتواصل دائم مع مسؤولين سعوديين في عدة ملفات”، كما أنهم كانوا يعملون بالتنسيق مع السلطات هناك، على حدّ قوله.
ومن المقرر أن تعقد جلسة المحاكمة الثانية للمعتقلين في أواسط رمضان المقبل (خلال أيار/ مايو المقبل)، وفق نعيم، لكنّه توقّع أن يتم “إغلاق” هذا الملف قبل حلول شهر رمضان.
وعن توتر العلاقات بين السعودية وحركة “حماس”، قال نعيم: “التغير الأبرز الذي ظهر حاليا ما يسمى بالرؤية الأمريكية الجديدة للسلام أو (صفقة القرن)، وأحد أبرز مكونات الصفقة، التطبيع مع الكيان (إسرائيل) ورفع الغطاء عن المقاومة الفلسطينية، وهذه المحاكمات تأتي في سياق ذلك الانفتاح نحو الاحتلال وتمرير الصفقة”.
وجدد نعيم تأكيد حركته على سياسة انفتاحها على جميع الدول، دون الاصطفاف إلى جانب دولة ضد أخرى. وأوضح بهذا الخصوص: “لن تكون حماس طرفا في الخلاف داخل أو خارج أي دولة، ونتوقع من السعودية التي لها تاريخ طويل في دعم القضية أن تتفهم الظروف الحساسة وموقف الحركة”، معربا عن تطلع حركته لتعزيز السعودية للقضية الفلسطينية، ودعم كل أشكال مقاومة الاحتلال وفي مقدمتها “المقاومة المسلحة”.
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، طالب الأحد الماضي، الملك السعودي، بالإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين في السجون السعودية.
ووجه هنية رسالة عاجلة للملك سلمان بن عبد العزيز، قال فيها: “في ظل وباء كورونا الذي يجتاح العالم، وخشية على حياة الإخوة الأكارم، وانطلاقا من كل الأبعاد الإنسانية والدينية للمملكة العربية السعودية في التعامل مع قضية فلسطين وأبنائها الذين عاشوا سنوات طويلة على أرض المملكة يقومون بكامل واجباتهم والتزاماتهم العروبية والإسلامية تجاه الشعب السعودي الشقيق، فإن إطلاق سراح الفلسطينيين يصبح ضرورة إنسانية وقومية، وكلنا ثقة أن جلالة الملك لن يتردد في القيام بها”.
وقال نعيم، في موضوع آخر، إن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، تعاني من أزمة جادة تُهدد مواصلة تقديم خدماتها، مضيفا أن “كارثة حقيقية قد تلحق بوكالة أونروا، خلال الأشهر القادمة، إذا استمرت أزمتها المالية الكبيرة جدا على ما هي عليه، إذ إنها تهدد مواصلة تقديمها للخدمات”.
وأضاف: “مجمعون أن الأزمة سياسية، والهدف هو شطب ملف اللاجئين؛ باعتباره جوهر الصراع مع الاحتلال، من خلال إسقاط المعلم المادي القائم على الأرض (يقصد أونروا) والذي يعطي الشرعية لهذا الملف”.
واعتبر نعيم أن الخطوات التي تتخذها كل من إسرائيل والولايات المتحدة في ما يتعلق بوكالة “أونروا”، بمثابة الخطة طويلة الأمد التي تستهدف شطب ملف اللاجئين، معتقدا أن المجتمع الدولي هو الذي أوجد مشكلة اللاجئين بإقامة دولة إسرائيل، لذا فهو المكلّف بحل هذه المشكلة.
وتصاعدت حدة الأزمة المالية للوكالة الأممية، التي تقدم خدماتها لأزيد من 5.3 مليون لاجئ في فلسطين والأردن ولبنان وسوريا، بعد وقف الولايات المتحدة دعمها السنوي لها المقدر بـ 360 مليون دولار، منذ 2018؛ بدعوى معارضتها لطريقة عمل الوكالة، التي تواجه انتقادات من جانب إسرائيل.
صفقة القرن
القيادي الفلسطيني كشف أنه خلال السنوات الثلاث الماضية، كانت هناك محاولات أمريكية غير مباشرة للتواصل مع حركة “حماس”، في إطار بحث موقفها من الرؤية الأمريكية قبل أن تنضج بشكلها الحالي، مؤكدا أن موقف الحركة كان وما زال واضحا تجاه التواصل مع واشنطن، فهو “مرفوض طالما كان خارج السياق والتنسيق الوطني”.
وذكر أن “حماس” أدركت خطورة الاتصالات مع الطرف الأمريكي وأنها ستكون ضمن سياسة تمرير الصفقة، معتقدا أن الاتصالات كانت تهدف للحصول على شرعية فلسطينية لتمرير الصفقة؛ لافتا إلى أن الصفقة لن تكون قابلة للتطبيق ما دام الطرف الفلسطيني رافضا لها.
تفاهمات التهدئة
وفي ما يتعلق بتفاهمات التهدئة مع إسرائيل، أكّد القيادي في حركة “حماس” عدم وجود أي تطور جديد في هذا الملف.
وذكر أن حركته في كافة لقاءاتها مع الوسطاء سواء المصري أو القطري أو الأمم المتحدة، تؤكد على شروطها للتهدئة المتمثلة بـ”حل مشكلة قطاع غزة الإنسانية وفتح المعابر وتوسيع مساحات صيد الأسماك وتشغيل آلاف العمّال، وحل مشكلتي المياه والكهرباء بشكل جذريّ”.
وبيّن أن الجانب الإسرائيلي ما زال حتّى اللحظة يماطل بتنفيذ الشروط، لافتا إلى أن هذه المماطلة ستبقي الوضع متوترا وقابلا للانفجار.
التطبيع مع إسرائيل
من ناحية أخرى، قال نعيم إن “وتيرة التطبيع العربي مع إسرائيل سارت بشكل متسارع جدا في الفترة الأخيرة”، واصفا هذا الأمر بـ”الخطير”، موضحا أن الولايات المتحدة (حليفة إسرائيل) تمارس ضغوطا على المنطقة للانتقال من ظاهرة التطبيع على المستوى السياسي الرسمي، إلى المستويات الشعبية والثقافية والرياضية.
وأكمل: “الطرفان (الولايات المتحدة وإسرائيل) أدركا بعد عشرات السنين أن التطبيع الرسمي مع الحكومات العربية لن يثمر شيئا على الأرض لشرعنة وجوده وتحويله لصديق”.
واستبعد نعيم، أن تنجح إسرائيل في التطبيع مع الشعوب العربية، لافتا إلى أن الأصوات الشعبية العربية التي تناصر إسرائيل محدودة للغاية ولا تعكس حالة الشعوب الحقيقية.
وعن مواجهة موجة التطبيع العربي، قال نعيم إن “حماس تبذل جهودا على المستويين السياسي والإعلامي لإظهار خطورة التطبيع على الهوية العربية والإسلامية”.
مقاطعة إسرائيل
قال نعيم، وهو رئيس حملة مقاطعة إسرائيل في فلسطين “BCP“، إن هذه الحملة تعمل بالتنسيق مع حملات مشابهة، على المستويات المحلية والعربية والإسلامية والدولية.
وأوضح أن هذه الحملات تتنوع ما بين السياسية والإعلامية والمجتمعة والاقتصادية والثقافية والرياضية، إذ تنطلق بأشكال ولغات مختلفة.
وعن ذلك، قال نعيم: “إسرائيل تبحث عن أي شيء يشرعن وجودها، فاتجهت نحو تطبيع العلاقات في المجالات التي تمس الهوية العربية والإسلامية، والتي تعتبر الأكثر شعبية كالثقافية والرياضية”.
وتتمثل أبرز التحديات التي تواجهها حملة المقاطعة، وفق نعيم، بالجهود الضخمة التي تبذلها إسرائيل على المستويات السياسية والدبلوماسية والمالية، لمواجهتها.
فيما يشكّل انحياز المجتمعات الغربية لإسرائيل، تحديا آخرا، حيث قال نعيم إن “بعض الدول التي تدّعي الديمقراطية أقرّت بتجريم حملات المقاطعة وأصدرت قوانين لملاحقة الناشطين ضمنها”.
وأضاف: “مثلا هناك 21 ولاية في أمريكا استصدرت قوانين تجرّم من يدعو للمقاطعة، وتجبر مواطنيها على عدم الضلوع في أي عمل يدعو للمقاطعة، كما أصدرت بريطانيا قوانين ووضعت شروطا تنص على عدم التعاون مع المؤسسات التي تدعو للمقاطعة، فيما شاركت في ذلك بعض البرلمانات كالفرنسية والألمانية”.
ورغم تلك الجهود لتقويض حملة المقاطعة، إلا أن بعض المؤسسات الرسمية في تلك الدول، وأعضاء من البرلمانات، وعدد من المنظمات اليهودية، تنشط في “مجال مقاطعة الاحتلال ومحاسبته وملاحقته في المحاكم الدولية”.