الجبهة اليمنية تبدو اكثر هدوءا هذه الأيام من أي وقت مضى، وباستثناء انباء انتشار وباء الكوليرا، واطلاق صواريخ باليستية بين الحين والآخر، باتجاه اهداف عسكرية في العمق السعودي، واشتباكات متقطعة وروتينية على الحدود السعودية اليمنية، فان هناك حالة من الجمود خاصة على صعيد العملية السياسية التفاوضية.
الامر الوحيد المؤكد في اعتقادنا ان التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وتقصف “طائرات حزمه” اليمن بصورة شبه عشوائية، فشل فشلا ذريعا في حسم الحرب لصالحه بعد اشعال فتيلها منذ عامين ونصف العام، وباتت هذه الحرب تشكل عبئا ماليا وبشريا وسياسيا على كاهل هذا الحلف ودوله.
موقع “جست سيكيورتي” الامريكي فاجأ الجميع، ونحن من بينهم، بالحديث عن صفقة وصفها بالكبيرة، يتم وضع رتوشها النهائية وسط تكتم شديد بإيعاز سعودي لانهاء الحرب الدموية في اليمن، في غضون الأشهر القليلة المقبلة.
الموقع اعطى بعض التفاصيل عن هذه الصفقة عندما كشف عن اجتماع جرى عقده بين مسؤولين اماراتيين وسعوديين مع ممثلين من الجناحين، الأول المؤيد للرئيس عبد ربه منصور هادي، والثاني، لجناح حزب المؤتمر، الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، تمخض عن اتفاق بتولي السيد خالد بحاح رئاسة الوزراء لفترة انتقالية يتولى بعدها رئاسة الجمهورية، ويكون السيد احمد علي عبد الله صالح وزيرا للدفاع، في اطار تحالف جديد.
صحيفتنا “راي اليوم” اتصلت بقيادي كبير في حزب المؤتمر، رفض ذكر اسمه، حول هذه الصفقة، فأكد لنا انه لا صحة مطلقا لحدوث هذا اللقاء لسبب بسيط وهو ان حزب المؤتمر لا يمكن ان يدخل في مفاوضات حول صفقة بدون مشاركة “انصار الله” الحوثيين، وان مثل هذه التسريبات مشروع فتنة لخلق خلافات بين الجانبين.
المسؤول نفسه اعترف بحدوث لقاءات بين ممثلين عن حزب المؤتمر، وآخرين من دولة الامارات، لكن لم تتمخض عن أي اتفاقات، وقال ان اللقاءات مع السعوديين لم تحدث مطلقا.
المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ عاد الى المنطقة في زيارة قصيرة بعد انقطاع طويل نتيجة وصول جهوده الى حائط مسدود، ومطالبة بعض الأطراف، والتيار الحوثي خاصة، بإنهاء مهمته، ووضع “فيتو” على أي لقاء معه بتهمة انحيازه للطرف السعودي، مما يعني ان العملية السلمية الأممية لانهاء الحرب لفظت أنفاسها، او في العناية المركزة في افضل الأحوال.
التطور الأهم، هو محاولة الرئيس هادي عقد اجتماع للبرلمان اليمني في عدن، ويقوم باتصالات مكثفة مع النواب لتحقيق النصاب القانوني، أي اجتماع العدد الكافي من الأعضاء للحصول على شرعية برلمانية، ولكن هذه الجهود لم تحقق أي نجاح حتى الآن بسبب رفض العديد من النواب المشاركة، رغم الاغراءات المالية الضخمة التي عرضت عليهم، حسب ما ذكرت مصادر يمنية.
القيادة السعودية التي بدأت تنفتح على قادة الطائفة والأحزاب الشيعية في العراق، وهي التي كانت تصفهم بالروافض والمجوس والصفويين حتى اشهر معدودة، تريد من خلال هذا الانفتاح التمهيد لفتح أبواب الاتصال مع “انصار الله”، وإيجاد مخارج لها من وضعها المتأزم في الحرب اليمنية، ولكنها تريد تسوية دون الاعتراف ببدء الحرب وكل ما ترتب عليها من خسائر مادية وبشرية، وتقديم التعويضات المالية المستحقة.
لا نعتقد ان هناك حلا قريبا للازمة اليمنية، سواء عبر الوسيط الاممي، او الاجتماعات السرية، ولذلك سيستمر اطلاق الصواريخ الباليستية، والتوغل الحوثي في مناطق الجنوب السعودي، وتصاعد فاتورة الحرب لدول “عاصفة الحزم”.