الصباح اليمني_مساحة حرة
كان الأمريكي قبل إعلانه عملية “حارس الازدهار” في منتصف ديسمبر الماضي يتخيل بأن مدمرتين أمريكيتين إلى جانب مدمرة بريطانية كفيل بردع الهجمات اليمنية ضد السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أنه فوجئ بواقع مختلف تماماً عما كان يتصوره، فأمواج اليمن المفاجئة والمتوالية جعلته يغرق في البحر الأحمر .
إن من أهم الأسباب التي قادت “حارس الازدهار” إلى “فخ” اليمن بصورة لم يكن يتوقعها أحد، هو سوء تقدير الأمريكي والبريطاني لما سيواجهونه في البحرين الأحمر والعربي سواءً من ناحية نوعية الصواريخ والمسيًّرات اليمنية ودقتها أو من ناحية حجم المخزون الذي يمتلكه اليمن من هذه الأسلحة، فالأمريكي لم يكن يتخيل أن اليمن يمتلك صواريخ ومسيرات دقيقة وذات مديات بعيدة كما أنه كان يتوقع أن المخزون من هذه الأسلحة قليل جداً ومايؤكد لنا ذلك أنه بعد أن شن الأمريكي والبريطاني أولى غاراتهم على مناطق متفرقة من اليمن أعلنوا تدمير نسبة كبيرة من مخزون من أسموهم ب”الحوثيين”.
كما أن من الأسباب الهامة أيضاً هو افتقار “حارس الازدهار” للمعلومات المتعلقة بالجانب العسكري اليمني بشكل كبير وهذ ما عبّر به مسؤولين أمريكيين وما نقلته صحيفة “فايننشال تايمز”، عن مصادرها، حيث قالت بأن” الأميركيين والبريطانيين يفتقرون إلى المعلومات الاستخبارية في حملتهم ضد “الحوثيين” في البحر الأحمر. وعلى وجه الخصوص، ليس لدى الخبراء العسكريين الأميركيين معلومات حول القدرات التي كان يتمتع بها “الحوثيون” قبل بدء استهدافهم، وبالتالي لا يمكنهم تقويم الأضرار التي لحقت بهم بشكل كامل” حسب الصحيفة.
خلال الأشهر الماضية راهن “حارس الازدهار” كثيراً على أن مخزون اليمن من هذه الأسلحة قليل جداً وبعد كل عدوان يوجهه إلى الأراضي اليمنية يتوقع بأنه استطاع تحييد نسبة كبيرة من هذه الأسلحة بحيث أنه لم يعد بمقدور اليمن شن هجمات جديدة، إلا أنه يتفاجئ كل مرة بهجوم أكثر كثافة وأكثر دقة وأبعد مدى، ماجعله يعيش في صدمات متواصلة أفقدته توازنه ولم يعد يعرف ماهي الطريقة المناسبة لمواجهة اليمن.
وفي بداية تحركه استخدم الأمريكي كل حيله وضغوطاته لنفخ “حارس الازدهار” ومؤانسته بمشاركين جدد إلا أنه فشل حتى رأى نفسه وحيداً تتقاذفه أمواج المفاجئات اليمنية دونما سند، وهذا ماعبّر عنه ممثل الشؤون السياسية الخاصة في البعثة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة؛ روبرت وود في يوم 14 من الشهر الجاري، بأن أمريكا “لا تستطيع بمفردها مواجهة هذا التحدي”، داعياً دول العالم إلى “موقف دولي موحد في مواجهة هجمات الحوثيين”.
مؤخراً أعلن اليمن توسيع عملياته لتشمل حظر السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ الكيان الإسرائيلي في المحيط الهندي_رأس الرجاء الصالح، وهو مايعني عملياً عزل الكيان عن دول شرق آسيا وللعلم فإن نسبة التبادل التجاري بين “إسرائيل” ودول شرق آسيا وصلت إلى أكثر من 41 مليار دولار بحسب بيانات إحصائية، فإذا كان حارس الازدهار قد غرق في البحر الأحمر فمن سيحرس سفن الكيان والمتجهة إليه في المحيط الهندي؟
ولانستبعد أن اليمن خلال الفترة القادمة إذا استمر العدو الإسرائيلي بمواصلة جرائمه وحصاره ضد أبناء غزة أن يعلن استهداف السفن في البحر الأبيض المتوسط، لأننا إذا قسنا المسافة بين اليمن والمحيط الهندي وبين اليمن والبحر الأبيض المتوسط فإن المسافة متقاربة وبهذه الخطوة سيكون اليمن قد فرض حصاراً بحرياً شاملاً على الكيان الصهيوني.
مع هذه التطورات المتسارعة الذي أبدى فيها اليمن تطوراً مضطرداً في مجال الصواريخ والمسيرات البحرية على وجه الخصوص، فإن الجميع سيتساءل إلى أي مدى سيصل اليمن بعد عشر سنوات في مجال القوة الصاروخية والطيران المسيّر؟! .
صنعاء التي راكمت قوتها تحت القصف والحصار لمدة أكثر من ثمان سنوات من غير المستبعد أنها ستقفز قفزات نوعية خلال الأشهر والسنوات القادمة وستشكل قوة إقليمية ودولية وازنة ولها ثقلها على كل المستويات.
ورهاننا هذا ليس مبنياً على أوهام أو شطحات بل من واقع نشاهده ويشاهده العالم، واقع مختلف عن كل السنوات السابقة فهناك تلاحم غير مسبوق في الجبهة الداخلية وهذا هو ألأهم في هذه المعركة وفي أي معركة، ومايشاهده الجميع من حراك شعبي ورسمي بالمسيرات والوقفات الشعبية في كل المدن والقرى إلا دليل على ذلك، بالإضافة إلى أن هناك مايقارب 300 ألف شخص انضموا خلال الأشهر الماضية إلى دورات عسكرية ضمن تعبئة عامة أعلنتها صنعاء باسم “طوفان الأقصى” وهذا الرقم الكبير يدل على أن الشعب اليمني بكل فئاته مؤمناً ومقتنعاً بماتقوم به صنعاء ضد الكيان الصهيوني وداعميه.
خليك معنا