الصباح اليمني_ثقافة وهوية|
تبعد صرواح عن مدينة مأرب غربًا بمسافة 40 كيلًا، حيث تقع من الغرب على سفح جبل “هَيْلاَن” – الممتد من جنوب نهْم إلى غرب مأرب، ومن الحد الشرقي لخولان العالية على مسافة تقدر بحوالي 37 كم غربي مأرب، ولذلك يُقال عليها “صُرْوَاح خوْلان” تمييزًا لها عن غيرها من المناطق التي تحمل هذا الاسم. وقد ذكرها العديد من الشعراء داخل اليمن وخارجها، وأبرز ما قِيل فيها:
تشتّوا على صُرْواَح خمسينَ حِجّةً ومأرِب صافوا رِيفَها وتربّعوا
- المساحة.
تُعد ثانية مدن مملكة سبأ بعد مأرب وثاني عاصمة، كما أنَّ مساحتها أصغر من مأرب إذ تبلغ 210× 230م.
- أهميتها:
تعد “صُرْوَاح” قديمًا ثاني إحدى المدن السبئية (الحميرية) التي تحتل المركز السياسي والديني وظلت تحتفظ به حتى عصور مملكة سبأ المتأخرة. كما أنها تعتبر أكبر المناطق الأثرية في اليمن بعد مأرب، حيث أنَّ بقايا العمارة فيها ما زالت من أضخم النقوش المعمارية الباقية، على الرغم من التدمير الذي حلَّ بها قديمًا.
وجاء في وصف الرحالة الأجانب والعرب أنَّ “صُرْوَاح” من مآثر اليمن التاريخية، منهم الرحالة السوري “نزيه العظم” الذي زار اليمن عام 1936م، وأطلع على آثارها ومعالمها، وجاء في قوله عن وصف “صُرْوَاح”:
“إِنَّ أول مدينة من مدن بلقيس الخالدة نشاهد هنا وهنالك بقايا القصور الحميرية العجيبة التي كانت مضرب الأمثال، وكنت أشاهد العواميد الحجرية المربعة المنقوشة بالكتابة الحميرية … وعند الدخول إلى القصر رأيت فسحة مربعة مساحتها نحو مائتي متر مربع ويحدها من جهاتها الأربع جدران عظيمة مبنية من الحجر البركاني المائل إلى البياض ومنحوتة نحتًا جميلًا ودقيقًا … أما غُرف الدور الأرضي للقصر فيها أحجارًا كثيرة صغيرة وكبيرة وعليها نقوش حميرية كثيرة فنقلت بعضها … وأخذنا نفحص بقاياه القائمة إلى اليوم فدهشت كثيرًا من إنتظام بنائها ومن الرسوم والنقوش”.
ويضيف بقوله عن تسمية القصر:
“إِنَّ المواطنين يقولون: أنَّ هذا القصر كان لـ “بلقيس” وكان فيه عرشها واسمه هذا إلى اليوم “قصر بلقيس”، ولكنه يحدد رأيه فيقول: ” ولكني أرى أنَّ هذه النظرية بعيدة عن الصحة لأسبابٍ كثيرة أولها وأهمها: أن عاصمة هذه البلاد كانت في مأرب، وثانيها: إنه بالرغم من فخامة البناء وضخامته وبقاء قسم كبير من جدرانه ومعالمه سليمة إلى هذا الوقت. فلم أجد فيه أو حوله نقوشًا حميرية؛ فلو كان حقيقة للملكة وكان عرشها فيه لكتبوا عليه كتابات كثيرة”.
كما تدل الكتابات المنقوشة التي عُثِر عليها في “صُرْوَاح”، على وجود المعابد العديدة فيها، ويهيمن معبد “إلمقه” – معبد الإله القمر – من الآثار التي تزال بقاياه قائمة بأعمدته وبعض من أجزاء السور المحيطة بالمعبد، والذي يصل إلى ارتفاع 16 متر تقريبًا، وهو إنجاز لكرب سبأ “يدع إل ذربح بن سمه علي” الذي اهتم بالمجال العمراني.
وتُشَكّل حاليًا مديرية من مديريات محافظة مأرب، إِلاَّ أنَّ معالم التحديث التي أصبحت تغزو مدينة “صُرْوَاح” القديمة؛ يصعب توضيح المعالم الأثرية فيها دون إجراء الحفريات، وقد بدأت الحفريات الأثرية في معبدها “إلمقه” في عام 1992م، فيما سبقتها في نهاية السبعينيات أعمال توثيق للنقوش فيها، حتى أصبحت مدينة ” صُرْوَاح” القديمة تحظى باهتمام “المعهد الألماني للآثار” لاستكشاف معالمها الحضارية في عام 2001م.
- المصادر:
(1) الحموي، ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، ج3، دار صادر – بيروت، 1977.
(2) عفيف، أحمد جابر وآخرون، الموسوعة اليمنية، مج3، ط2، مؤسسة العفيف الثقافية – صنعاء، 2002.
(3) الكميم، عبد الله، هذا هو تاريخ اليمن، د. ط، دار زهران للنشر والتوزيع – الأردن، د. ت.
(4) المقحفي، أحمد إبراهيم، معجم البلدان والقبائل اليمنية، ج1، دار الكلمة للطباعة والنشر – صنعاء،2002.
(5) المقحفي، أحمد إبراهيم، معجم البلدان والقبائل اليمنية، ج2، دار الكلمة للطباعة والنشر – صنعاء،2002.
(6)خيُوط، صرواح .. عاصمة السبئيين، 11/4/2022.
خليك معنامصدر المقالة: ملتقى المؤرخين اليمنيين