|بقلم:محمد عايش|
لا أدري ما هي القصة بالضبط، كل ما أعرفه هو أن إعلاميي المؤتمر الشعبي أسقطوا سمعة محمد عبد السلام، وأهروه تخويناً وتسفيهاً، حين ذهب إلى ظهران الجنوب.
والآن يقدم مجلس النواب مبادرة لم يقدم عبد السلام في ظهران الجنوب واحداً من مليون من حجم التنازل الذي تضمنته..
عبد السلام منح السعودية في البند سادساً (أو مش عارف كم) موقع “أبو سفيان” شاكراً لها على رعايتها للتفاهمات، بحيث أبداها كطرف راعي ولا علاقة له بالحرب، وكانت تلك سقطة فظيعة من جانبه، لكنها في كل الأحوال ليست سقطة كارثية كسقطة من يقول الآن: تعالي يا أمم متحدة وخذي كل المنافذ اليمنية، بريةً وبحريةً وجوية!!
ومن هي الأمم المتحدة؟
الأمم المتحدة هي المملكة العربية وهي الإمارات العربية..
الأمم المتحدة هي 19 مليون برميل نفط يومياً وليست يحيى الراعي ولا سلطان البركاني.
ولقد كانت السعودية تطالب بإخضاع ميناء الحديدة فقط لرقابة أممية، فجاءت المبادرة البرلمانية لتقول خذوا كل الموانئ.. وكل المطارات!
مع ذلك، ومن حيث المبدأ؛ أنا مع أية مبادرة تحقن دماء اليمنيين وتوقف هذه الحرب الهمجية..
مع أية مبادرة حتى لو تضمنت تنازلات.
لكن بشرط واحد، شرط بسيط وأساسي ويفترض أنه من أبجد السياسة وبديهيات التفاوض والمبادرات، وهو أن يضمن صاحب المبادرة أولاً أن الطرف الآخر (وهو هنا السعودية وحلفاؤها) سيقدم مقابلها تنازلاً مماثلاً، أو على الأقل لن يقدم تنازلا مقابلاً ولكنه لن يفهم المبادرة غلط ولن يعتبرها ضعفاً ولن يحولها (وهذا هو الأهم) إلى دليل على نجاعة الحرب وجدوى استمرارها.
هل تلقى مجلس النواب أية تأكيدات دولية على أن مبادرته ستصل لهدفها وسيتعامل معها الطرف الآخر بإيجابية؟!
نريد أن نعرف، حيث ما هو واضح إلى الآن أنها مبادرة رُميت إلى الهواء فقط.
وهذه كارثة:
فالتنازلات التي تُطلق في الهواء، تعطي السعودية انطباعاً أكيداً بأنها كلما استمرت في قتل اليمنيين كلما حصلت منهم على تنازلات أكثر!
في ظهران الجنوب، كانت الخطيئة الكبرى لمحمد عبد السلام أنه وثق في عدوه واعتقد أنه سيحصل على تنازل مقابل، غير أن الرياض أخذت تنازلات عبد السلام (الشرفية جداً) وطوتها في جيبها كمكسب، بانتظار مكاسب أخرى، وذهبت تستأنف حربها بدموية أكبر، ودون أن تقدم تنازلاً نظيراً ولا حتى مقدار ظفر واحد.
والآن يقدم البرلمان هذه المبادرة التي ستطويها الرياض في الجيب هي الأخرى، وتذهب لتقول للعالم: من قال لكم إن استمرار الحرب غير مجدي؟! هذا هو الدليل، سنتان إضافيتان وسأحصل على المزيد من التنازلات!
اطلقوا مبادرات واجترحوا تنازلات، حين تكونوا على ثقة بأنكم ستدقون مسمارا في عجلة العدوان، أما حين تكون تنازلاتكم بمثابة هواء لتغذية هذه العجلة، أو وقود لإطالة عمر فتيل الحرب، فتلك مصيبة.
أو فاخبرونا عن الكواليس إن كانت هناك كواليس، وعن الوعود التي حصلتم عليها إن كانت هناك وعود.
خليك معنا