بقلم:عبد الباري عطوان|
تابعنا المؤتمر الصحافي لوزراء خارجية خصوم قطر الأربعة في القاهرة، في اعقاب اجتماع “تنسيقي” لاتخاذ الإجراءات المطلوبة بعد انتهاء مهلة الأيام الـ 12 التي أعطيت لدولة قطر للرد على المطالب التي طرحت عليها، وقبل الاقدام على اجراء قراءة تحليلية متعمقة لما ورد فيه من مواقف، ومحاولة استقراء الخطوات المقبلة، هناك عدة نقاط أساسية وخطيرة يجب التوقف عندها:
- أولا: اتفاق الوزراء الأربعة على ان الرد القطري على المطالب كان سلبيا، ويفتقر الى اي مضمون، ولم يعكس أي تراجع، حسب توصيف السيد سامح شكري، وزير الخارجية المصري، مما يعني انتهاء الوساطة الكويتية والانتقال الى المزيد من التصعيد.
- ثانيا: استخدام السيد شكري لهجة “صقورية”، وكلمات قاسية جدا تعكس هوية الإجراءات المتوقعة، مثل قوله، لا بد من “الحزم” و”الحسم” في “ردع″ كل من يدعم الإرهاب، ولا تسامح مع الدور القطري، وان الدول الأربع لا توجه اتهامات وانما تملك ادلة ووقائع مثبتة، فهل نحن امام “عاصفة حزم” جديدة ضد قطر؟ اليست هذه هي لغة الاميرين المحمدين بن زايد وبن سلمان؟
- ثالثا: استمرار المقاطعة السياسية والاقتصادية حتى تتراجع دولة قطر عن مواقفها، وتلبي كل ما التزمت به من تعهدات في اتفاق الرياض، والإجراءات الجديدة ستكون مدروسة بعناية، وستستمر المشاورات بشأنها، أي ان المطلوب من قطر ان تقبل بجميع المطالب الـ13، وترفع الراية البيضاء استسلاما دون أي شرط.
- رابعا: تجميد عضوية دولة قطر في مجلس التعاون الخليجي سيترك للاجتماع المقبل، دون تحديد مستوى التمثيل فيه، فهل سيتم بحث هذه المسألة في اجتماع طارئ لوزراء الخارجية ينعقد في غضون أيام او أسابيع، او في مؤتمر القمة السنوي في شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل؟
- خامسا: وزير خارجية البحرين الشيخ خالد آل خليفه قال ان تهمة الارهاب لن تطبق على أعضاء وقيادات حركة الاخوان فقط، وانما على كل من يتعاطف معهم ايضا، والمتعاطفون سيحاكمون بالتهمة نفسها، وهذا يعني ان كل شخص لا يؤيد الحكومات وينتقد ممارساتها ضد حركة الاخوان، خاصة على صعيد الاعتقال والسجن، يمكن ان يجد نفسه في قفص الاتهام حتى لو كان ليبراليا او علمانيا، وربما يحتاج الامر في حال تطبيق هذا القانون الى اعتقال الملايين، وانشاء محاكم لعشرات، ان لم يكن مئات الآلاف لتلبية هذه الاحتياجات.
- سادسا: الشيخ عبد الله بن زايد، وزير الخارجية الاماراتي اكد ان الدول الأربع لن تذهب الى المجتمع الدولي لمعاقبة قطر، وانما ستتخذ الإجراءات التي تعتقد انها مناسبة باعتبارها دول ذات سيادة وتملك حق التصرف في اطار القانون الدولي وحماية مصالحها، وهذا يعني ان كل الاحتمالات واردة بما في ذلك التدخل العسكري.
- سابعا: جميع الوزراء الأربعة كرروا العبارات والاتهامات نفسها حول تورط قطر ليس في دعم الإرهاب فقط، وانما تمويله ودعمه والتحريض عليه ونشر الكراهية، وجميعها أمور يجب عليها ايقافها فورا، واتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا المضمار اذا لم تلتزم وتنفذ.
- ثامنا: السيد الجبير ميزّ بين ايران وتركيا، فبينما اتهم الأولى (ايران) بأنها الدولة الإرهابية الأولى في العالم، ومن الطبيعي ان تدعم دولة قطر التي تدعم الارهاب، وصف موقف الثانية، أي تركيا، بـ”المحايد”، فهل جاء هذا التمييز وفق الاعتبارات الطائفية، باعتبار الأولى “شيعية”، والثانية “سنية”، ام بسبب الرهان على احتمال حدوث تغيير وشيك في الموقف التركي الداعم لقطر؟
- تاسعا: أهمية لقاء القاهرة لا تكمن في سرعة انعقاده وفي العاصمة المصرية، وليس أي عاصمة خليجية، وبعد يوم من انتهاء المهلتين، وانما أيضا في تبلور “تجمع″ مصري خليجي جديد يمكن ان يتحول الى “حسم إقليمي” بديل لمجلس التعاون الخليجي، وربما الجامعة العربية أيضا، على غرار منظومة دول “اعلان دمشق” التي تشكلت من دول “المع″ بعد ازمة الكويت عام 1990.
***
حتى تكتمل أي قراءة موضوعية لهذا الاجتماع ونتائجه، وما ورد فيه من مواقف لوزراء خارجية الدول الأربع، لا بد من التوقف عند حدثين لهما علاقة مباشرة به، ومكملان له.
- الأول: الاجتماع الذي انعقد لقادة أجهزة المخابرات السعودية والمصرية والاماراتية والبحرينية قبيل لقاء وزراء خارجية الدول نفسها، وفي العاصمة المصرية نفسها.
- الثاني: المكالمة الهاتفية التي اجراها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، واكد فيها الرئيس ترامب على ضرورة التزام جميع الدول بتعهداتها خلال قمة الرياض (أيار الماضي) بوقف تمويل الإرهاب ومكافحة العقائد المتطرفة”، وكذلك “دعوة جميع الأطراف للتفاوض بشكل بناء من اجل حل النزاع مع قطر”.