الصباح اليمني_قراءات|
فتح الرئيس الامريكي دونالد ترامب جبهات عدة امامه خلال العامين الماضيين من تسنمه لسدة الحكم، ولكن يبدو ان اهم هذه الجبهات هي الجبهة الفلسطينية.
ترامب غاص في مستنقع القضية الفلسطينية وكله ثقة وامل بان بامكانه تصفية هذه القضية بشكل جذري، ولكنه عمليا توصل الى نتيجة مفادها ان هذه القضية العويصة التي تعود جذورها لسبعة عقود لن تحل بسهولة. ترامب بذل جهودا كبيرة خلال السنة الاولى من رئاسته لتصفية القضية الفلسطينية والفلسطينيين وهضمها باقل كلفة او بدون كلفة في اطار ظاهرة باسم كيان “اسرائيل”. وفي اول خطوة له في اطار مخططه هذا حاول التقليل من حساسية بعض الدول الفاعلة في العالم العربي حيال قضية التطبيع مع الكيان الصهيوني، ونجح جزئيا في هذا المجال حين استطاع الحصول على اعتراف ضمني من اشخاص مثل ولي العهد السعودي وحاكم البحرين حول شرعية وجود الكيان الصهيوني.
واثر هذه الخطوة بادر ترامب الى اصدار اوامره بشان نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس، طبعا ورغم الاحتجاجات الواسعة على الصعيد الدولي، الا انه ونظرا لمواكبة شيوخ المنطقة لمخططه لم يجد ترامب اي عائق امامه لتحقيق هذا الامر سوى التواجد الفاعل للشعب الفلسطيني في الساحة. منذ ذلك الحين ولحد الان لم يبدر من الشيوخ العرب اي موقف يذكر حيال عمليات القمع اليومية التي يتعرض لها المسلمون الفلسطينيون في اطار مسيرات العودة التي تنطلق كل جمعة.
ترامب ومن خلال ايفاد صهره جاريد كوشنير وغريفيث غرينبلات الى الدول الداعمة سابقا للقضية الفلسطينية، حاول ترجمة مخططه الموسوم بـ”صفقة ترامب” على ارض الواقع، عبر كسب ود البعض من خلال دعم ملكياتهم والبعض الاخر بتقديم وعود لهم حول منحهم اراض جديدة والبعض الاخر بدعم حكوماتهم في مواجهة المعارضة، وبالتالي تصفية قضية فلسطين التاريخية مستغلا مصداقية هؤلاء الزعماء والحكام واموالهم. التاكيد على القانون الموسوم بـ”القومية” وبزعم ترامب ونتنياهو كان يجب ان يؤدي دورا مكملا لمخطط “صفقة ترامب”، لكن هذا المخطط واجه معارضة النواب العرب في الكنيست الصهيوني، ووصل الامر الى حد انهم وضمن معارضتهم لقانون القومية العنصري مزقوه ورموه بوجه نتنياهو. هذا واعلن احد اعضاء الكنيست استقالته اثر اقرار القانون العنصري معلنا بان استقالته تاتي بسبب الاجراءات “العنصرية” لنتنياهو في الاراضي المحتلة. كما قرر المعارضون تسمية يوم اقرار قانون “القومية” بيوم “مكافحة العنصرية”. العنصرية من حيث ان “اسرائيل” وفي ظل هذه الخطوة الموصوفة زورا بالقانون سيمكنها تجاهل حقوق مواطنة ملايين الفلسطينيين القاطنين في اراضي 1948 و حتى 1967.
واستكمالا للمؤامرة السابقة نرى انه يجري الحديث خلال هذه الايام بشكل جاد وبناء على مسودة قانون امريكي، عن تقليل عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين يخمن عددهم بخمسة ملايين الى 40 الف. وينص المخطط على اعتبار الجيل الفلسطيني الاول فقط من المهجرين الفلسطينيين (عام 1948) واما الجيلين الثاني والثالث فانهما سيخرجان من هذه الدائرة، وبعبارة اخرى لن يكون بامكان الجيلين الثاني والثالث الاستفادة من مساعدات المجتمع الدولي. الدعم الذي كان يقدم منذ بدء الاحتلال عام 1948 ولحد الان في اطار مساعدة منظمات مثل “الاونروا”. الجميع يتذكر ان ادارة ترامب وقبل عدة اشهر اعلنت خفض دعمها للاونروا والذي كان يبلغ 120 مليون دولار الى النصف. ويبدو ان هذه الخطوة كانت لجس نبض الراي العام العالمي آنذاك.
ختاما ينبغي القول انه وفي حين تسعى ادارة ترامب الى خفض الحساسيات تجاه القضية الفلسطينية باعتبارها القضية الاولى للعالم الاسلامي الى ادنى مستوياتها، لكن الحقيقة هي ان قضيتي القدس باعتبارها القبلة الاولى للمسلمين وعاصمة فلسطين وكذلك مسالة المهجرين الفلسطينيين لازالتا تشكلان العقبة الاساسية امام ترجمة اوهام ترامب بتصفية القضية الفلسطينية. قد يكون الهدف الاهم لترامب من فتح جبهات دولية جديدة على الصعد السياسية والاقتصادية والانسانية والخ.. هو تهميش القضية الفلسطنيية وحرف الراي العام -لاسيما العالم الاسلامي- عنها، تلك الاوهام التي لاشك انها ستذهب ادراج الرياح في ضوء يقضة الشعب الفلسطيني وتمسكه بمبادئه. تاريخ العقود السبع الماضية لكفاح العالم الاسلامي ضد الصهيونية ومسيرات العودة، واخيرا الاوضاع الحساسة التي تسود قطاع غزة في هذه الايام.
ابو رضا صالح
خليك معنا