كما تنتظر السعودية، وتترقب الإمارات، ويحلم «الإخوان»… «جبهة صنعاء» على وشك التصدع، مطلقةً للجميع عنان الخيال لتصور مستقبل اليمن بعد «المؤتمر» و«أنصار الله».
صنعاء على صفيحٍ ساخن، والبنادق المتحالفة التي ما زالت موجهة تجاه العدوان الخارجي وأتباعه في الداخل، قد تتوجه، في أيّ لحظة، ناحية صدور بعضها، تاركة ظهور الطرفين مكشوفة على البنادق المعادية في كل اتجاه.
مبدئياً، التحالف الراهن بين حزب «المؤتمر الشعبي العام» وجماعة «أنصار الله»، يمثل السياسة السعودية أكثر مما يمثل سياسة طرفيه اليمنيَين اللذَين وضعتهما السعودية معاً في خانة واحدة، كهدف واحد لطائراتها الحربية، وبذلك وحّدت إجبارياً بين عدوين تقليديين بينهما ثارات ست حروب ماضية.
بعبارة أخرى، هذا التحالف لا يكتسب مقوماته ومبررات وجوده من داخله، بل من خارجه، ولم يتبلور على ضوء قناعات سياسية مشتركة، أو قيم إيديولوجية وتوجهات استراتيجية متقاربة، بقدر ما هو تحالف اضطراري مرحلي آني، أملته ظروف قاهرة خارجة عن رغبة الطرفين.
هذا ما يجعله هشّاً ومهدداً بالتفكك في أي وقت، ومن المؤسف أنه رغم تلاحم الطرفين، وتضحياتهما المشتركة منذ بداية هذه الحرب، وحتى الآن، فقد ظل تحالف الضرورة هذا عسكرياً، لا يتجاوز كثيراً حدوده العملية، وباءت كل المحاولات المتتابعة لتحويله إلى تحالف سياسي
وعلى العكس، وبسبب ذلك، لا تلبث الأزمات السياسية بين الطرفين أن تثور، من فترة إلى أخرى، وبدرجات متفاوتة من التوتر، وصولاً أحيانا حد التلويح بالمواجهة المسلحة، كما في الأزمة الأخيرة التي بلغت فيها التصريحات والبيانات التهجمية المتبادلة حداً غير مسبوق في التصعيد.
لقد مرت الأمور هذه المرة أيضاً بسلام، تمت التهدئة فجأة، وبغض النظر عن دور خارجي لحزب الله أو إيران في هذه التهدئة، فالواقع أنها تمت، كسابقاتها، على وهج شعور الطرفين بالتهديد الخارجي السعودي المشترك.
لكن، وكما في كل مرة، تم تجميد هذا الخلاف الأخير، ولم يتم نزع فتيله، أو مقاربة أي سبب سخيف أو وجيه وراءه، ما يجعل التهدئة – بخلاف المفروض الممكن – مجرد ترحيل محدود للأزمة، وتأجيل قصير للمواجهة.
لم تعد المياه لمجاريها بعد، وأسوأ من أي وقت مضى، خلفت هذه الأزمة تداعيات جانبية جسيمة على مختلف مستويات هذا التحالف، بداية بالتربص والشكوك المتبادلة على المستويات العليا، مروراً بالملاسنات والمناكفات اللفظية المستمرة على الصعيد الإعلامي، وصولاً إلى تصدع القاعدة الشعبية الموحدة التي لم يكن من الممكن التمييز بين فصيليها قبل أشهر قليلة.
في كل حال، يمر هذا التحالف الوطني الآن بأصعب حالاته منذ بداية الحرب، وما لم يتم انتشاله من هذا المنزلق الخطر، بمعالجات جذرية حاسمة، فمن الوارد باحتمالية عالية أن يتفكك، ربما بانفجار مرعب، حتى قبل انتهاء التدخل الأجنبي الذي كان سبباً جوهرياً في تكوينه.