الجمعة, 15 نوفمبر, 2024

بعد مهرجان صنعاء… أي وجهة سيختارها صالح والحوثي؟

|بقلم:جمال عامر|

إستشاط التحالف السعودي الإماراتي غضباً بعدما مرت فعالية «المؤتمر الشعبي» بسلام، وانعكس هذا الغضب الأحمق على إعلامهم الذي جهز استديوهاته بالمحسوبين عليه من محللين وإعلاميين لاحتفالية تجري على الهوى مباشرة فيما لا تزال أنهار الدماء جارية مرئية ومشاهدة.

كان المطلوب، أو هو توقع ساذج، أن يعلن رئيس «المؤتمر» أمام مئات الآلاف من أبناء الشعب اليمني الحرب على شريكه، «أنصار الله»، أو أن يعلن اعتصامه المفتوح لاستعادة العاصمة باعتبار ذلك دلالة على مصداقية توجهه بالتصعيد على الأرض، ليعقبه التدخل الجوي المساعد.

وتوقع مثل هذا بدا غبياً، وكشف حقيقة أنه لم يكن مستنداً إلى اتفاق مسبق أو حتى إشارات مرسلة، بقدر ما كان مجرد أمنية ساعد على تشكلها كم التصعيد غير المسبوق الذي وصل إلى حد التهديد والوعيد والاتهام بالخيانة والعمالة بين الشريكين.

إلا أنه، ومع ذلك، لم يتمكن «التحالف» ومن يتبعه من إخفاء حنقهم، مع مسألة تحقيق أمنية دموية كهذه لا دخل لـ«المؤتمر» أو «أنصار الله» بالعمل لجعلها واقعاً؛ كونهما لا يفكران بالانتحار الجماعي، على الأقل في الوقت الراهن.
مما لا شك فيه أن شرخاً عميقاً قد حصل في جسم شراكة «مؤتمرية حوثية» لم تكتمل أركانها، كما أن واقعاً جديداً لا بد أن يسعى كل طرف لفرضه بعد مهرجان «المؤتمر»، الذي بدا وكأنه مواجهة لقوة مسلحة اختارت مداخل المدن، لتَسهل عملية التدخل السريع في حال فكر الشريك اللدود باقتناص الفرصة للانقلاب عليها.
بالتأكيد، فإن مخاوف مثل هذه كان مبالغاً بها، ومبنية على تقارير لم ترجع إلى معلومات تسندها حقائق على الواقع بقدر ما تأثرت بتناولات وتسريبات إعلامية تولت مؤسسات «التحالف» تسريبها عبر أكثر من مصدر حتى بدت وكأنها متواترة، دون أن تتم قراءة تصريحات وزير الدولة الإماراتي، أنور قرقاش، التي كانت تحث صالح على الإنقلاب، وهو ما يعني أن اتفاقات مثل هذه لم تحصل، وإن كان يصعب رفض تكهن بتلقي رسائل لم يجب عليها، وربما لا زالت قيد الدراسة انتظاراً لما سيحصل من تطور على مسار الشراكة.
«أنصار الله» ليسوا بهذا الضعف داخل العاصمة، بحيث يغري أي قوة بالانقضاض عليهم، ولهذا دخل «التحالف» السعودي الإماراتي وأتباعه من اليمنيين في عملية تشجيع واستنفار، إلى حد نسي فيه هؤلاء خصومتهم مع صالح، طالما وأن هدف تقسيم صنعاء وتدميرها قد أصبح من وجهة نظرهم على بعد خطاب يلقيه رئيس «المؤتمر» في مهرجان يكتظ بكل هذه الحشود التي جاءت من محافظات عدة.
أكثر من ذلك، فقد سعى «التحالف» إلى تعميق الشك بين الطرفين، حين قام عشية الفعالية باستهداف مداخل العاصمة إلى حد ضرب نقاط أمنية صغيرة تتبع الحوثيين، وهي رسالة تحاول تأكيد ما كان أشيع عن خطط افتراضية تم تقسيمها إلى أ و ب و ج، سيقوم بها «المؤتمر» بالتنسيق مع أبو ظبي بغرض إسقاط العاصمة صنعاء.
ولذلك، فإن رد الفعل الناتج من خيبة الأمل كان متوقعاً، ولكن ليس إلى هذا الحد من الجنون الذي ترجم إلى غارات تنال بصواريخها أطفالاً أبرياء لا ذنب لهم، وتقوم بقتلهم في غرف نومهم دون رحمة أو خوف من مساءلة.
وبالمقابل، وفي سياق خيبة الأمل، يطل المبعوث الأممي إلى اليمن بتصعيد سياسي يؤكد فيه أن لا حل في اليمن إلا بعودة المؤسسات إلى «الشرعية»، وهو تصريح يتجاوز فيه مهمته كوسيط مستقل ونزيه إلى متبن لموقف طرف، وهو ما لا يشجع على السير نحو السلام، بقدر ما يدفع إلى استكمال «التحالف» حربه على اليمن، بل أكثر من ذلك يشرعن له، فيما لم يكلف ولد الشيخ نفسه ولو التعبير عن مشاعر الأسى على الضحايا اليمنيين الذي من بينهم أطفال لم تجف دماؤهم بعد.

الفترة القادمة قد تكون الأصعب التي تمر بها اليمن في حال استمر التصعيد بين المكونين المواجهين للعدوان، والذي قد يؤدي إلى فض الشراكة، ما سيكون ثمنه غالياً بالتأكيد، وبالذات في ظل توجه «التحالف» لتضييق الخناق على الجيش والمقاتلين الحوثيين في مناطق نهم والساحل الغربي بتعز وميدي، بالإضافة إلى فتح جبهات جديدة في صعدة، وإرسال المزيد من التعزيزات القتالية، فضلاً عن حرب اقتصادية ممنهجة وصلت إلى حد اتخاذ قرار بتعويم الدولار، والاستمرار برفض دفع رواتب الموظفين في المحافظات الشمالية غير الخاضعة للإمارات أو السعودية.
وتحديات مثل هذه إن لم تتم مواجهتها بجبهة موحدة ومتوائمة يفرضها قائد «المؤتمر» وزعيم «أنصار الله»، فإن الإختراق على كافة الأصعدة والجبهات لن يكون بعيداً.

خليك معنا

آخر الأخبار

مرحبا بعودتك!

تسجيل الدخول إلى حسابك أدناه

استرداد كلمة المرور

الرجاء إدخال اسم المستخدم أو عنوان البريد الإلكتروني لإعادة تعيين كلمة المرور الخاصة بك.

أضف قائمة تشغيل جديدة