بعد اسابيع من زيارة الرئيس الامريكى دونالد ترامب الى الرياض وخطابه امام تجمع يضم 50 من قادة الدول العربية والاسلامية الاخرى، ضرب زلزال دبلوماسى منطقة الخليج الغنية بالنفط، وقد تصل الهزات الارتدادية فيه الى ما هو أبعد من المنطقة. وفي خطوة غير متوقعة، لم تقطع السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إمارة قطر الصغيرة فحسب، بل قدمت أيضا مجموعة من المطالب التي تعترض وضعها السيادي.
الردود المتناقضة للرئيس الأمريكى ترامب ووزيرى الدولة والدفاع أدت الى تفاقم الازمة فمن جهة يدعم ترامب المملكة السعودية وومن جهة اخرى يعرض كبار مسؤوليه التوسط بين الرياض والدوحة.
وفي خضم هذا الاضطراب، ازال الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود (81 عاما) محمد بن نايف ولي العهد، ورفع ابنه المفضل محمد وليا للعهد. وكوزير للدفاع منذ أكثر من عامين، أصبح الامير محمد بن سلمان البالغ من العمر 31 عاما معروفا ببدء سياسات عدوانية تجاه إيران واليمن الذي مزقته الحرب.
والهدف الرئيسي للمحور المناهض لقطر بقيادة السعودية هو إيران. ومن الجدير بالذكر أن الإنذار الموجه من 13 نقطة إلى قطر يتصدره “كبح علاقات الدوحة مع إيران وإغلاق بعثاتها الدبلوماسية”. ادعى محمد بن سلمان أن الحوثيين في اليمن هم دمى من إيران، وقاد الأمير محمد كوزير للدفاع مذبحة جوية ضد الحوثيين في اليمن في مارس / آذار 2015. على النقيض من تباهيه بأن هذه الخطوة العسكرية ستؤدي إلى النجاح في غضون أسابيع، تحول اليمن إلى مستنقع للمملكة العربية السعودية، مما أدى إلى استنزاف خزينة الرياض بمبلغ 6 مليارات دولار شهريا.
التحكم الاعلامي
الطلب الثالث هو اغلاق قناة الجزيرة ومحطاتها التابعة, فقناة الجزيرة تفزع المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول العربية الاستبدادية لان البث باللغة العربية والإنجليزية متاح في 100 دولة، مما يعطي قطر لمحة أكثر بكثير من العالم العربي.
أدى ارتفاع شعبية الجزيرة للسماح لعدة حكومات عربية بإتاحة المزيد من وسائل الإعلام التي تسيطرعليها الدولة أو التي ترعاها الدولة في بلدانها. ومع ذلك، ظلت الجزيرة شوكا للأنظمة الاستبدادية، وخاصة في مصر والمملكة العربية السعودية. أقوى الدول العربية والتي لديها أشياء كثيرة للاختباء منها.
قائمة المطالب التي تقودها السعودية تتحدى السيادة، وليس فقط قطر، حيث عبرت تركيا عبر وزير الدفاع التركي فكري ايزيك ان هذا الانذار هو “تدخل غير مقبول في علاقات انقرة مع الدوحة”.
المقاطعة
وبمناسبة التحرك ضد قطر، وهي إمارة سنية، قوض بن سلمان النجاح الذي حققه في جمع القادة إلى الرياض في مايو / أيار لسماع ترامب يتحدثون عن التصدي للإرهاب الإسلامي المتطرف.
وبينما تصطف تركيا مع قطر، ظلت معظم الدول الإسلامية محايدة. فقد دعت اندونيسيا، وهى اكبر دولة اسلامية من حيث عدد السكان، الى اجراء حوار بين الرياض والدوحة لنزع فتيل الازمة. وهكذا، فإن باكستان، على الرغم من أن رئيس الوزراء نواز شريف حافظ على علاقات وثيقة مع العائلة المالكة السعودية لسنوات عديدة.
وحتى داخل دول مجلس التعاون الخليجي المكونة من ستة أعضاء، ظلت دول مجلس التعاون الخليجي والكويت وعمان خارج المعركة. وقد فعلت الكويت ذلك لأن 30٪ من 1.23 مليون مواطن هم من الشيعة. وسبب آخر هو برلمان منتخب منذ عام 1962 يعرب فيه عن رأي عام. وخلافا لذلك، فإن المملكة العربية السعودية، حيث لا يوجد بها سوى 12 في المائة تقريبا من مواطنيها هم من الشيعة ومجلس استشاري ، أنشئ في عام 1993، يرشحه الملك بالكامل. والبحرين، وهي عضو في المحور المعادي للقطر، 70٪ من الشيعة مع حاكم سني.
ولا تستطيع عمان أن تنفر جاراتها الكبيرة إلى الشرق، نظرا لأن مياهها الإقليمية تتداخل مع مياه إيران في مضيق هرمز الاستراتيجي. عرض السلطان قابوس، السلطان العماني، القيام بدور الوسيط بين المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين لحل القضية النووية لطهران لفترة طويلة ظلت سرية. أصبحت العاصمة العمانية مسقط موقعا لسلسلة من المفاوضات السرية للغاية التي أدت إلى الاتفاق المؤقت بين إيران وست قوى عالمية في نوفمبر 2013، وهي ديباجة الاتفاق النهائي في يوليو 2015.
ومن بين قائمة المنظمات التي وصفها المحور المناهض لقطر بأنها إرهابية، فإن أكبر وأشد نفوذ هو جماعة الإخوان المسلمين عبر الوطن. وحتى الان لم تعلن الولايات المتحدة جماعة الاخوان جماعة ارهابية ولكن ادارة ترامب تناقش هذا الموضوع.
واتهم ترامب قطر بانها “ممولة للارهاب على مستوى عال جدا” مطالبين بقطع هذا التدفق النقدي للانضمام الى دائرة الدول المسؤولة. وبعد ذلك بوقت قصير، ردت سفير الولايات المتحدة في الدوحة دانا شل سميث على بيان من وزارة الخزانة الأمريكية يشيد بقطر لقمع تمويل المتطرفين. والآن أعربت الدوحة عن استعدادها للتوقيع على مقترحات جديدة صاغتها وزارة الخزانة لتعزيز الضوابط ضد تمويل الجماعات المسلحة.
وقد قرر الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني، البالغ من العمر 37 عاما، أن يبعث بالتهنئة إلى الملك سلمان، بمناسبة اختيار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد، واعربت عن املها في “علاقات اخوية بين البلدين الشقيقين”، وفق ما نقلته وكالة الانباء القطرية الرسمية عن وسائل الاعلام الاجتماعية.
وقد تحركت تركيا و ايران سريعا لتزويد دولة قطر بالمواد الغذائية التى تواجه الحظر الذى تقوده السعودية. وباعتبارها مضيفة للقوات الاميركية ال 10 الاف و 100 طائرة حربية في قاعدة الجويدة على بعد 25 ميلا جنوب غرب الدوحة، فان قطر مهمة لحرب واشنطن ضد تنظيم الدولة الاسلامية. إن امكانية تنفيذ قطر للمطالب التي تقودها السعودية، بما في ذلك قطع العلاقات مع إيران وتركيا، هي في أحسن الأحوال ضئيلة. وكل ما يمكن قوله في الوقت الحالي هو أن ولي العهد الجديد قد يزيد من زعزعة الاستقرار في غرب آسيا التي تعاني من العنف والأزمات.