مع تصاعد النزاع الدبلوماسي والاقتصادي بين الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، والصيني “شى جين بينغ”، أصبحت السيطرة على الحركة البحرية التجارية عبر مضيق “باب المندب”، التي تمثل 40% من التجارة العالمية، قضية حاسمة للبلدين تدفعهما نحو المزيد من الخطوات التوسعية.
وأدرجت الصين بوضوح “المضيق” في مشروع “حزام واحد، طريق واحد”، لكن الولايات المتحدة، بدعم من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لا تنوي التخلي عن المنطقة. وفي مناخ من التوتر الشديد الذي قد يتحول إلى صدام، يستعد الطرفان لمعركة البنية التحتية العسكرية، خاصة في جيبوتي، وفقا ما أوردته دورية “أفريكا إنتليجنس” الفرنسية.
تنافس على القواعد العسكرية
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تعتزم تقليص عملياتها لمكافحة الإرهاب في أفريقيا، أعلن رئيس القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، “توماس والدهاوزر”، في الأول من أغسطس/آب، في السنغال، أن الأولوية العسكرية لواشنطن حاليا هي مواجهة الطموحات التوسعية للصين وروسيا.
وهكذا، على الرغم من انخفاض عدد القوات الأمريكية في غرب ووسط أفريقيا، فإن الأمريكيين يستعدون لإنشاء قاعدة عسكرية في الصومال، وسيصدرون قريبا دعوة لتقديم عطاءات لبنائها، وفقا لمعلومات حصرية للدورية الفرنسية.
والقاعدة المذكورة هي قاعدة “باليدوجل” وهي مسماة على اسم منطقة يعمل الأمريكيون فيها بالفعل بطائرات بدون طيار لمكافحة المتشددين في “حركة الشباب”، وستكون بمثابة معسكر للقوات الأمريكية هناك.
أما بالنسبة لجيبوتي، يخطط الأمريكيون لتعزيز معسكر “ليمونير” بإنشاء مرفق بحري يمكنه استيعاب عدة غواصات.
ويأتي ذلك في أعقاب قرار الصين البدء في العمل على تمديد مرفق بحري إلى قاعدتها في “دوراليه”، حيث تعدل بكين الجزء الرملي من قناة الشحن التابعة لميناء “دوراليه” متعدد الأغراض، الذي تديره مجموعة التجار الصينيون “سي إم جي” بالشراكة مع حكومة جيبوتي، من أجل بناء موقع لديه القدرة على استيعاب ما يصل إلى 5 غواصات.
وللقيام بذلك، استغل الصينيون جزء من الأراضي التي كان من المقرر أن يتم بناء محطة لتحلية مياه البحر فيها. وتم إعلام مديرية الإسكان والتخطيط العمراني في جيبوتي بهذا، ولكن يبدو أنها عاجزة عن إلزام الصينيين باحترام خطط تخصيص الأراضي، وفقا لـ”أفريكا إنتليجنس”.
ونتيجة لتعدي القاعدة الصينية على الأراضي المخصصة لها، اضطرت شركة بناء فرنسية إلى إعادة النظر في تخطيط خط أنابيب كانت عازمة على إنشائه، ويفسر هذا أيضا لماذا يتحمل الجنود الصينيون مسؤولية فرض القانون في المنطقة. وهكذا، تصاعدت حدة التوتر بين البلدين، وأصبحت المناوشات أكثر شيوعا.
التوترات على أشدها
وبعد أن ألقت المتحدثة باسم البنتاغون “دانا وايت” تصريحا، في مايو/أيار الماضي، يحذر الصينيين للكف عن تعمية الطيارين الأمريكيين الموجودين في جيبوتي باستخدام أشعة الليزر، اضطر رئيس أركان القوات المسلحة الجيبوتية، الجنرال “زكريا شيخ إبراهيم” للتدخل، في يونيو/حزيران، لتجنب الصدام بين القوات الأمريكية والصينية.
وقيدت القوات المسلحة الجيبوتية الفرقة الصينية في محيط قاعدتها في “دوراليه” لمدة 48 ساعة؛ لمنع الوضع من الخروج عن السيطرة.
ولكن بالنظر إلى القبضة الخانقة التي تفرضها الصين على ديون جيبوتي، من المشكوك فيه أن يكون الرئيس “إسماعيل عمر جيلة” في وضع يسمح له بمقاومة إرادة الصينيين، وفقا للدورية الفرنسية.