الصباح اليمني_قراءات|
التوجس الاسرائيلي الاميركي القلق والحذر جدا من تواجد قوات استشارية ايرانية وقوات محور المقاومة على الاراضي السورية لا يخفى على اي متابع للشأن السوري، الامر الذي حسب له الكيان الاسرائيلي وأميركا ودول اوروبية الف حساب وسعوا لابعاد هذه القوات عن سوريا بكل السبل الممكنة، باعداد الخطط العسكرية على كافة المستويات والواجهات الاسرائيلية والاميركية وحتى الاوروبية.
في مقال سابق اشرنا الى المساعي المتكررة والمتواصلة للكيان الاسرائيلي والقوات الاميركية المحتلة لسوريا، لقطع السبيل امام ايران من الوصول الى سوريا عبر العراق حيث توسلت اميركا والدول العربية التابعة لها خصوصا (السعودية والامارات) بتشغيل جماعة “داعش” الوهابية التكفيرية للاستحواذ على وسط وشرق العراق بعد غربه وشماله الغربي (الانبار والموصل) والامساك بالحدود بين ايران والعراق.. مرة، ومرة اخرى بصيحات انفصالية على مستوى منطقة شمالي العراق (كردستان) للسيطرة على الحدود العراقية الايرانية، وايضا مرة ثالثة بسعي القوات الاميركية و”داعش” للتمركز شرقي الفرات وتعزيز ثقلهما هناك. وذلك رغم ان الوجود الاستشاري لإيران في سوريا جاء تلبية لدعوة من الحكومة الشرعية فيها، في إطار مكافحة الارهاب والدفاع عن جبهة المقاومة وفق الاتفاق الحاصل بين البلدين.
خطة بديلة بعد فشل “داعش” و”المساعي الانفصالية”..
لم تفلح محاولات اميركا المتوالية ومن تشغلهم في المنطقة من غلق الحدود العراقية الايرانية، ما اضطرها للانسحاب الى الحدود العراقية السورية والسعي للامساك بها كبديل لمخططاتها الفاشلة في العراق.
وفقا لتقرير نشره موقع “ديبكا” (10 آذار/مارس 2018) فإن نتنياهو فوجئ أثناء لقائه بترامب (5 آذار/مارس) بعرض الرئيس الأميركي عليه خطة مفصلة تتضمن إغلاق الحدود السورية-العراقية بوجه الإيرانيين ومحور المقاومة، وتعزيز المسلحين الأميركيين الذين يبلغ عددهم نحو 2500 مسلح بعدد مماثل على الحدود السورية-العراقية، حيث وصل ألف منهم في ذلك الحين..
اسرائيليا.. باتت الإستراتيجية الإسرائيلية الاولى هي التدخل المباشر في الصراع السوري مقابل التواجد الإيراني والقوات الرديفة هناك خصوصا تواجد قوات حزب الله، حيث أكدت مصادر عسكرية إسرائيلية أن تل أبيب بدأت تغير من إستراتيجيتها منذ مطلع 2018 لمواجهة محور إيران واذرع المقاومة في سوريا وخصوصا قرب الجولان السوري المحتل.
المحاولات الصهيواميركية المستميتة لم تنته بعد..
في أواخر الربع الاول من العام الجاري 2018 وتحديدا في شهر نيسان/ابريل الماضي كشفت مصادر عسكرية أميركية عن خطة تحرك عسكري شامل ضد إيران في (العراق وسوريا ولبنان) عرضها رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الرئيس الاميركي دونالد ترامب وكبار مسؤولي مجلس الأمن القومي الأميركي.
الهدف الاستراتيجي الرئيس لهذه الخطة الاسرائيلية قطع طريق طهران مع كل من “بغداد – دمشق – بيروت”، ومنع قوات محور المقاومة الحليفة لايران من التمركز في النقاط الحدودية بين العراق وسوريا والأردن، وايضا مناقشة المواقع الإيرانية والقواعد التي يمكن ضربها في سوريا.
اثر طرح تلك الخطة الصهيونية وما اعقبها من اجتماعات انخرطت فيها “في وقت لاحق” كل من لندن وباريس، حيث “تمت دراسة الخيارات المتاحة”، قامت وزارة الحرب الاميركية “البنتاغون” باعداد خطة عسكرية تتقاطع مع استعدادات الكيان الإسرائيلي للعب دور مباشر في هجوم قد يمتد إلى لبنان إذا ما حاول “حزب الله” التصدي له.
قوات قتالية صهيواميركية سريعة الحركة..
الخطط الاميركية الاسرائيلية تمخضت عن تهيئة قوة قتالية مشتركة سريعة الحركة، إذ أكد قائد سلاح الجو الثالث الاميركي الجنرال ريتشارد كلارك، أنه سيكون لدى القوات الأميركية قوات قتالية تتحرك في غضون 72 ساعة. وتعكف واشنطن وتل أبيب على تأسيس قوة مهام مشتركة، تقوم فيها “إسرائيل” بالتخطيط وقيادة الآلاف من القوات البرية والبحرية القابلة للتشغيل المتبادل، وتجري جميع التدريبات وفقا للغة وقواعد اشتباك مشتركة.
أصدرت واشنطن الأوامر لقيادة القوات الجوية الأميركية في العراق وفي قاعدة “العديد” في قطر بمضاعفة طلعاتهم الاستطلاعية على طول الحدود السورية-العراقية التي يبلغ طولها حوالى ألف كلم، وتسلمت قاعدة “العديد” وحاملة الطائرات “يو إس إس ثيودور روزفلت” ببحر العرب، والمروحيات المقاتلة الرابضة في مناطق السيطرة الكردية في شمال سوريا أوامر بضرب الأهداف دون الرجوع لواشنطن في حال رصد محاولات لقوات محور المقاومة لعبور نهر الفرات من الجهة الغربية أو عبور الحدود السورية من العراق.
وماذا في سوريا والعراق تحديدا؟
عملت واشنطن على تحديث سلاح القوات الكردية الموالية لها في شرق وشمال سوريا وتزويدها بأسلحة مضادة للطائرات والدروع، كما تم الحصول على التزامات من القوات السعودية والأردنية بالانخراط في العمليات العسكرية في حال توسع نطاق الصراع، والبدء في تجنيد المسلحين من الجانب العراقي (من الانبار تحديدا)، بحيث تتركز مهمتهم على إغلاق الحدود من الجانب العراقي، وبالفعل فقد تم العمل على تشغيل عشرة آلاف مسلح.
ذلك ما اكده الرئيس الاميركي لنتنياهو، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وافق على تمويل هذه القوة فيما سيساهم الأردن بتقديم الضباط من القوات الخاصة لتدريب القوات الجديدة، في حين تقدم الولايات المتحدة السلاح.
ان مصلحة الولايات المتحدة والكيان الاسرائيلي بعد تدمير سوريا وفشلهما في تغيير الرئاسة السورية وتقويض حكومتها اقتضت استمرار الصراع على الأرض وتقويض محاولات الحكومة اعادة الاعمار، وان لا تتهيأ اي فرصة لسوريا للاستقرار ولملمة الدولة السورية لاذرعها، لأن الاستقرار سيجعل الدولة قادرة على إدارة اقتصادها واستثمار ثرواتها وذلك ما يضعضع التواجد الأميركي غير الشرعي في هذا البلد.
الى ماذا تخطط اميركا بعد مسكها الحدود السورية العراقية؟
يجيب على هذا السؤال وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، الذي قال بان الولايات المتحدة تحاول بواسطة من تشغلهم من المسلحين “ومنهم مسلحو داعش”، استخدام أرض شرق الفرات لإنشاء كيان “شبه دولة”، مؤكدا انهم يقيمون “دويلة” غير شرعية إطلاقا، وايضا انهم يقومون بارسال عناصر جماعة “داعش” الارهابية الى العراق وأفغانستان.
اوضح لافروف “ان الأميركان الذين يتحصنون في الضفة الشرقية لنهر الفرات لفترة طويلة أقاموا هناك منطقة بقطر 50 كم حول التنف. ويتواجد داخل هذه المنطقة مخيم الركبان للاجئين الذي لا يمكن الوصول إليه، إذ لا أحد يقدم ضمانات أمنية لدخول هذا المخيم دون التعرض إلى هجمات الدواعش الذين يتصرفون بحرية في هذه المنطقة الخاضعة للسيطرة الأميركية”.
من الواضح جدا ان الولايات المتحدة تسعى بذلك لاشغال القوات الروسية مجددا في افغانستان وابعادها عن سوريا جهد الامكان، من خلال تحصين “داعش” في شمال أفغانستان أي بالقرب من آسيا الوسطى حيث يتمركز حلفاء روسيا وشركاؤها الاستراتيجيون. وايضا لتكون “داعش” في غرب العراق خطا متقدما لصد محور المقاومة عن الوصول الى “الدويلة” الاميركية الجديدة القريبة من منابع النفط السورية ومن الوصول الى عموم الاراضي السورية وبالخصوص القريبة من الكيان الاسرائيلي.
لا بد من خروج إيران من سوريا دون شروط!
انها حيلة المفلس، ان يصرح المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية ” ناثان تك”، إنه يعتقد أن خروج القوات الإيرانية أو القوات الرديفة والحليفة التابعة لطهران من سوريا يجب أن يتم دون شروط، معتبرا ان الوجود الإيراني في سوريا يمثل تدخلا في شؤون السوريين ويمثل أمرا خطيرا جدا يعيق إمكانية الوصول إلى حل سياسي للوضع في سوريا، ومدعيا بان القوات الإيرانية تدفع دمشق نحو حسم عسكري، و”إن الحسم العسكري في سوريا مستحيل”، حسب تعبيره.
وردا على سؤال “كيف للولايات المتحدة أن تمنع استعانة دمشق بحلفائها خاصة وأن واشنطن تتدخل في الشأن السوري؟”، زعم بأن السلطات السورية لا تتمتع بالشرعية حتى تدعو قوات أجنبية للأراضي السورية، ما يشير الى ان الولايات المتحدة فقدت كل الاوراق من يديها ولم يبق لديها غير ورقة محروقة واحدة ان تتهم حكومة قائمة بشرعيتها.
ذلك قمة ما تملكه اليوم الولايات المتحدة من اوراق متهرئة بعد طول معاناة في المنطقة وتركيزها على ضرورة الابقاء على كيان سرطاني يتنفس اصطناعيا، فهل ستتمكن من مواصلة الطريق اللاهب والسير على جمر النار؟
السيد ابو ايمان
المصدر : قناة العالم
خليك معنا