الصباح اليمني_قراءات|
شهدت الاوساط الإعلامية إستمرار احتدام السجالات لقاءات وزير الخارجية الامريكي السابق جون كيري مع نظيره الإيراني على خلفية خروج الأحادي الجانب لترامب من الاتفاق النووي مطلع شهر مايو ايار الماضي.
ولم يكن كيري وحده هدفا لصقور المحافظين المهيمنين على البيت الأبيض الامريكي وحده، بل ان نظيره الايراني محمد جواد ظريف لم يسلم من النقد اللاذع لمعارضيه على خلفية استمرا رلقاءاته مع شخصية امريكية وإن لم تكن ناشطة في الحكم في الوقت الراهن.
فبعد التصعيد الذي واصله سيد البيت الابيض دونالد ترامب ضد كيري ولقاءاته مع الوزير الايراني، جاء الدول لصقر آخر من صقور المحافظين المتشددين في عدائهم لإيران اي مايك بومبيو وزير الخارجية الامريكي الحالي ليوجه اصابع الاتهام الخيانة لسلفه، بسبب استمرار لقاءاته غير المرخصة مع شخصية من حكومة عدوة للولايات المتحدة الامريكية.
اما المراقبون يرون ان التصعيد المقصود ضد وزير الخارجية الامريكي السابق يكشف عن عدة قضايا نشير الى أهم ثلاث نقاط منها:
النقطة الاولى: يأتي التصعيد الأخير ضد جون كيري بعد ان ساءت سمعة ترامب على الصعيدين الداخلي والخارجي. فهو الذي يواجه مشاكل عديدة في الداخل بدء من الشكاوى الاخلاقية التي تنهمر عليه وعلى طاقمه من قبل ضحاياهم اللواتي تعرضن لتحرشات بل واعتداءات جنسية منه ومن طاقمه منذ وصولهم السلطة وحتى قبل ذلك.
كما تلاحقه قضية تورطه وتورط رئيس حملته الانتخابية بالتواصل مع المخابرات الروسية والتأثر بها قبيل الانتخابات وحتى إبان الحملة الانتخابية، ما حمل كيري على مخاطبة ترامب يوم أمس الجمعة ليقول له:
((يا رئيس الجمهورية بدلا من ان تقلق بسبب لقاءاتي، عليك ان تقلق للقاءات “بال مانافورت” مع “روبرت مولر”، واذا شئت أن تتعلم من الاتفاق النووي الذي جعل العالم اكثر أمنا من اي وقت آخر، عليك إقتناء كتابي «Every Day Is Extra»(=كل الأيام اضافية).
وتأتي تصريحات كيري هذه بعيد اعتراف “مانافورت” الذي عمل رئيسا لحملة ترامب إبان الانتخابات الرئاسية الاخيرة(2016) بإرتكاب مخالفتين حسب القوانين الانتخابية ولم يفصح عنهما. ويرى المراقبون ان هذه الاعترافات تشكل كابوسا مريرا على ترامب وتلقي بثقلها على كاهله كل يوم، خاصة وان امريكا مقبلة على انتخابات نصفية للحزبين الجمهورية والديمقراطي في السادس من نوفمبر القادم.
النقطة الثانية: اما النقطة الثانية التي باتت تؤرق سمسار البيت الابيض وزبانيته في البيت الابيض، فشلهم امام كل الأموال والجهود التي كرسوها لإسقاط الدولة السورية عبر زج الجماعات الارهابية فيها وزعزعة أمنها واستقرارها لأكثر من سبع سنوات، لكنهم لم يحصدوا غير خيبة الأمل وانكشاف عورات عملائهم في المنطقة اكثر من ذي قبل.
فلا أهداف البيت الأبيض تحققت في اسقاط الدولة السورية، ولابإمكان عملاء امريكا واصابع الكيان الصهيوني التستر خلف حكوماتهم الديكتاتورية لمواصلة مهامه في تنفيذ المخططات الصهيوامريكية في المنطقة. بل ان واقع الأمر يؤكد إلتئام تحالف يكاد يجمع اقوى دول شرق العالم بما فيها الصين وروسيا والهند وايران وباكستان وتركيا حول محور واحد، لأن قاسمهم الأكبر المقاطعات التي يواجهونها جراء سياسات ترامب المتهورة.
ذلك التحالف الذي انطلقت نواته بتشكيل الدول الضامنة لمحادثات الاستانة الداعمة لمفاوضات جنيف لايجاد حل سلمي سوري سوري للأزمة السورية المفتعلة. وكان آخر نجاح سجله هذا التحالف هو انعقاد القمة الثلاثية(الايرانية الروسية التركية) في العاصمة طهران والتأكيد على ضرورة تطهير ادلب وكل الارض السورية من دنس الجماعات الارهابية، الأمر الذي أظهر إعادة تريا للصف الإقليمي بعد ان حاول الغرب ضمها الى الصف الغربي في اطار “الناتو”.
النقطة الثالثة: وبعد فشل امريكا من تحيقيق اهدافها على أرض الواقع في سوريا، عمدت لإيفاد وزير دفاعها للمشيخات الخليجيات ليجتمع بنظرائه ويحذرهم من التقاعس عن دعم التحالف الأسمي الذي شكلته السعودية قبل اكثر من ثلاثة أعوام لدعم هجماتها على اليمن.
لكن التحالف المتصدع اساسا هو الآخر بات يعاني من عدة مشاكل داخلية أهمها رفض سكان جنوب اليمن للهيمنة السعو- إماراتية، وإعتبروها إحتلالا يجب مقارعته حتى طرده من الارض اليمنية.
كما ان ما يسمى بـ “الحكومة الشرعية” التي حاولت الامارات والسعودية فرضها على ارض الواقع في جنوب اليمن هي الاخرى شهدت مظاهرات احتجاجية عارمة طالبت بطرده من على الارض اليمنية، ما حمل التحالف المتصدع الى خطف “الشرعية” عبد ربه منصور هادي واخراجه من اليمن، الامر الذي شكل صفعة اخرى للسياسة السعودية الأمريكية الاسرائيلية في المنطقة.
علما ان بعض المراقبين رأوا ان تنامي الخلافات الإماراتية السعودية كان وراء طرد هادي أو نقله من جنوب اليمن بذريعة صحية، الامر الذي فاقم من الاوضاع على ارض الواقع.
فمهما كانت دواعي هروب هادي من الجنوب اليمني، فإنها ساعدت على تأجيج الخلافات السعودية الاماراتية إزاء اليمن، الامر الذي ينعكس بشكل مباشر على السياسات الأمريكية في المنطقة. وبالتالي يرى المراقبون ان الضجة المفتعلة في امريكا ضد لقاءات جون كيري ووزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف خلال الاشهر الاخيرة، هي للتغطية على الأزمات والإنهيارات التي تعصف بحكومة ترامب من الداخل والخارج. وما تكشفه الانتخابات النصفية الامريكية القادمة قد يكون اكبر مما ذهب اليه المراقبون. وغدا لناظره قريب.
عبدالهادي الضيغمي
خليك معنا