يواجه اليمن كارثة إنسانية حقيقية، حيث لم تقتصر الحرب القائمة هناك على تدمير البنية التحتية للبلاد وتفشي وباء الكوليرا والمجاعة، بل ساعدت أيضا على تنامي الإرهاب الطائفي، ما يضع التدخل العسكري السعودي محط تساؤل.
تجاوز الوضع الإنساني في اليمن حدود ما يمكن توصيفه بالأزمة، وبات البلد على شفا كارثة إنسانية مزدوجة.
إذ يهدد البلاد وباء الكوليرا، وأيضا المجاعة، بحسب ما أعلنت عنه العديد من منظمات الأمم المتحدة ومنها منظمة اليونيسيف، ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي في بيان مشترك. “هذا أسوأ حالة وباء للكوليرا في العالم ،” بحسب منظمات الأمم المتحدة الثلاث.
منذ نيسان/ أبريل 2017 كانت هناك 400 ألف حالة من الحالات التي يشتبه بإصابتها بالكوليرا. ويُرجح أن يكون 1900 شخص قد لقوا حتفهم بالفعل جراء الإصابة بهذا الوباء. بالإضافة إلى ذلك، يعاني ما يقارب من مليوني طفل يمني من سوء التغذية الحاد. كما أن 60 في المئة من السكان لا يستطيعون الحصول على قوتهم اليومي.
انهيار النظام الصحي
وما يفاقم الوضع في اليمن ويزيده تعقيدا هو النظام الصحي، الذي يوشك على الانهيار. فقد تم تدمير أجزاء مهمة من البنية التحتية للبلاد، بما فيها المرافق الطبية وإمدادات المياه والصرف الصحي، بحسب تقديرات الأمم المتحدة. وفي وسط حالة الفوضى هذه تطوع حوالي 16 ألف شخص لتقديم المساعدة الطبية.
ولم يتمكن أكثر من 30 ألف من العاملين في المجال الطبي من الحصول على رواتبهم لأكثر من عشرة أشهر. ومع ذلك، يواصل العديد منهم العمل. “بدون مساعدة هؤلاء المتطوعين ما استطعنا انقاد أرواح، من كان لا يزال لديهم فرصة للنجاة من الموت، ولهذا سنبذل قصارى جهدنا في مساعدة ودعم المتطوعين معنويا وليس فقط من الناحية المادية”، كما جاء في بيان أممي.
التعذيب والعنف
ولا يظهر في الأفق ما يبشر بدنو نهاية الصراع في اليمن، بل العكس هو الصحيح. فقد باتت الحرب هناك تأخذ أبعاداً أكثر حدة و وحشية. واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان دولة الإمارات العربية المتحدة، حليف السعودية في الحرب على اليمن، بدعم وحدات يمنية تعذب الأسرى المنتمين إلى القاعدة وتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش). بالإضافة إلى إدارة الإمارات العربية المتحدة لسجنين على الأقل، حيث يمارس فيهما التعذيب.
وفي هذا الصدد تقول المديرة التنفيذية لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس: “لا يمكن محاربة الجماعات المتطرفة مثل القاعدة أو داعش، عن طريق إخفاء العشرات من الشباب ورفع عدد العائلات التي اختفى أفرادها في اليمن”.
استهداف المدنيين
وفي الوقت نفسه، تتواصل عمليات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن بلا هوادة. وحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن غارات قوات التحالف لا تستثني المدنيين أيضاً. وقدمت الأمم المتحدة آخر الأسبوع الماضي تقريرا عن غارة جوية في جنوب غرب محافظة تعز اليمنية، وقُتل إثرها أكثر من 20 مدنياً، كانوا قد فروا قبل أشهر من القتال. ” كيف توجد أهداف عسكرية في منطقة مجاورة لمنزل مدمر”، يتساءل بيان للأمم المتحدة.
تبريرات السعودية
وتبرر السعودية، قرارها بخوض الحرب ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، بأنه لم يكن هناك بديل، كما يُستشف من كلام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال المقابلة، التي أجراها مؤخراً مع قناة العربية. “لا أحد يريد استمرار الحرب “، يقول ولي العهد ووزير الدفاع السعودي بن سلمان عن القتال في اليمن. ولكن عندما قررت السعودية قبل عامين التدخل عسكريا في بلد مجاور، لم يكن أمامها ” بديل”، حسب المسؤول السعودي.
ففي حالة هاجمت الجماعات الإرهابية الحكومة الشرعية في اليمن، و لم تتدخل السعودية في البلاد، لتعرض أمن المنطقة بأسرها للخطر. ولكن هذا التدخل لم يغير شيئاً، إذ على العكس من ذلك، فقد أودت الحرب حتى الآن بحياة أكثر من 10 آلاف شخص، وتفشت الوحشية بالمجتمع. حيث انتشر قبل أيام قليلة، مقطع فيديو، يُظهر القوات اليمنية وهي تُطلق النار على بعض الحوثيين الأسرى، وتقطع رؤوس الآخرين منهم.
“الإرهاب الديني“
ومع تنامي نفوذ الإرهاب الطائفي في عدن يطرح السؤال بشكل مستمر حول جدوى التدخل السعودي في اليمن. “بسبب تقييد حرية الدين، لا يبدوا أن يكون توفير الأمن والاستقرار من ضمن الأولويات المدرجة للسعودية “.