تزامناً مع التقارير الدولية التي أكدتها منظمة الصحة العالمية حول انتشار وباء الكوليرا في اليمن الذي يرجع إلى تردي الأوضاع الطبية، والصرف الصحي والنظافة العامة وتلوث مياه الشرب في البلاد، جراء الحرب العدوانية المستمرة منذ أكثر من عامين على اليمن ،مازالت ايضاً اصداء نتائج وتداعيات العدوان السعودي – الأمريكي على اليمن تأخذ أبعادها المحلية والإقليمية والدولية، فتزامناً مع الاوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها اهل اليمن عادت من جديد محاولات قوى العدوان للتخطيط لمعركة الحديدة “لإغلاق اخر معبر يمد اليمن واهله بالحياة “، فهذه المعركة بحال حصولها فهي حتماً ستأخذ اليمن لا وبل المنطقة بمجموعها إلى نقطة اللاعودة .
واليوم وتزامناً مع كل هذه التقارير وكل تلك التطورات المتوقعة على الارض اليمنية ، عادت من جديد عدة مسارات على صعيد مواقف وخلافات مكونات هذا الحلف العدواني وأدواته في اليمن ” ما يجري بجنوب اليمن تحديداً … ينبئ بخلاف كبير بين الاماراتي والسعودي ”،وهنا وليس بعيداً عن هذه الخلافات يلاحظ كل متابع لما يجري باليمن كيف بدأ بشكل واضح أن تداعيات الحرب العدوانية على اليمن بدأت تأخذ مسارات خطيرة جداً، وبهذه المرحلة لا يمكن لأيّ متابع لمسار تحركات الحرب العدوانية السعودية- الأمريكية على اليمن أن ينكر حقيقة أنّ هذه الحرب بطريقة عملها ومخطط سيرها ستجرّ المنطقة بكاملها إلى مستنقع الفوضى والاحتراب ، والكلّ يعلم أنّ المستفيد الوحيد من التداعيات المستقبلية لهذه الحرب هو الكيان الصهيوني، ومع كلّ هذا وذاك ما زالت طبول حرب قوى العدوان تقرع داخل حدود اليمن براً وبحراً، وطائرات “الناتو الخليجي” تغطي سماء اليمن، والقصف يستمرّ والجوع يستمرّ ويموت أطفال اليمن ونساؤه ورجاله، ونستعدّ بفضل وبركة “ناتو الخليج” لحرب مذهبية تقسيمية جديدة مسرحها الجديد هو اليمن.
بهذه المرحلة يبدو واضحاً، أن تداعيات العدوان السعودي- الأمريكي على اليمن بدأت تلقي بظلالها على الوضع المأساوي والمعيشي بالداخل اليمني، فاليوم جاء المشهد اليمني ليلقي بكل ظلاله وتجلياته المأساوية واقعا جديدا على الواقع العربي المضطرب، فيظهر إلى جانب هذا المشهد العربي المضطرب واقع المشهد اليمني بكل تجلياته المؤلمة والمأساوية، والتي ما زالت حاضرة منذ اندلاع الحرب العدوانية السعودية -الأمريكية على الشعب اليمني قبل ما يزيد على العامين، وفي آخر تطورات هذا المشهد استمرار فصول هذا العدوان العسكري على الأرض، تاركاً خلفه عشرات آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى ودمارا واضحاً وبطريقة ممنهجة لكل البنى التحتية في الدولة اليمنية.
الأهم اليوم ،هو إنّ ندرك إنّ هذه المرحلة وما سيتبعها من مراحل دقيقة من تداعيات الحرب العدوانية على اليمن، تستدعي بكلّ تطوراتها وأحداثها من الجميع أن يقفوا وقفة حق مع ضمائرهم، وأن لا يكونوا شركاء في مشروع التدمير والتمزيق والإجهاز على هذه الأمة، فالحدث الجلل وعدوان ”ناتو الخليج” الشامل على اليمن يستدعي حالة من الصحوة الذهنية والتاريخية عند كلّ العرب والمسلمين، فالمرحلة لم تعد تحتمل وجود مزيد من الانقسام والتفتيت والتمزيق لهذه الأمة جغرافياً وديمغرافياً.
ختاماً، يمكن القول إن المشهد اليمني يزداد تعقيدا مع مرور الأيام، ولقد أسقطت حرب “ناتو الخليج” الأخيرة على اليمن الكثير من الأقنعة التي لبسها البعض من العرب كذباً ورياء وتملقاً أحياناً، وأحياناً أخرى بهدف تحقيق بعض المصالح الضيقة والسعي إلى اكتساب شعبوية كاذبة مزيّفة، فالبعض ذهب مرغماً إلى هذه الحرب لارتهانه لمشروع ما أو بهدف الانتفاع الشخصي، والتفاصيل تطول هنا ولا تقصر، ففكرة “الناتو الخليجي” الجديد، وأن يكون اليمن هو الساحة الأولى لاختبار نماذج نجاحات هذا “الناتو الخليجي”، فكرة حمقاء بكلّ المقاييس، وستكون لها نتائج كارثية وتداعيات خطيرة على المنطقة كلّ المنطقة.