بقلم / حيدرة محمد
لم ولن تمر حقبة سياسية راهنة في تاريخ اليمن الحديث كالتي تعيشها اليمن منذ عامين على الحرب التي لا يراد لها أن تنتهي وهي تحصد أرواح اليمنيين الغارقين في الصراع على الحكم وشكل النظام السياسي الذي عبر عنه خيار ما اتفق عليه الفرقاء قبل أن يحتربوا وقد نكثوا بعهود حوار الموفمبيك الذي حدد نظام وشكل الدولة الفيدرالية ذات الستة أقاليم!
وقد تكون كل الخيارات مرشحة للتصاعد متى ما توقفت الحرب التي سترسم نهايتها جغرافيا الأرض اليمنية بحسب اشتراطات الدول الراعية للحرب والسلام! والتي لن تتنازل عن فرض الحل بما يضمن استحقاقات البقاء لطرفي النزاع الشرعية والانقلابية معاً .
وقد لا ينتصر طرف على حساب طرف بشكل كامل ونهائي كما هو ساري مفعوله في اليمن التي بات لها عاصمتين وحكومتين وجيشين! ولا يستبعد أن نشهد إعلان عاصمة وحكومة ثالثة ورابعة وربما خامسة وسادسة! وما لم يتم بالحوار الوطني وتم الانقلاب عليه باتت الحرب تفرضه على واقع الأرض الذي يمضي متماهياً مع مشروع ( أقلمة اليمن عن طريق الحرب) !
وإلى قبل سقوط العراق الواحد كان العراق في نشرة خطة الضابط الانجليزي المتقاعد ( أرثربارتر )! في إدارج مكتب نائب الرئيس الأمريكي ( ديك تشيني )! عراق مقسم من ثلاثة أقاليم وهو ما تم بالفعل كبداية أولى يومها
للتأسيس ( لشرق أوسط جديد )!
ولا شك أن الضابط بارتر قد راق مشروعه كثيراً لمراكز الحضارة الغربية وعلى رأسها أمريكا وأوروبا التي تنفذ مشروع حدود بارتر الدموية بحذافيره التي رسمت جغرافيا اليمن كبلد فيدرالي من ستة أقاليم قبل ثلاثون عاماً!!
بيد أن العرب عامة واليمنيون خاصة لا يكترثون لما يرسم لهم فهم وكما قال موشيه ديان ( لا يقرأون..إلخ )! وهنا لا نتحدث عن مؤامرة كما دأب العرب عموماً واليمنيون خصوصاً على اعتقاده منذ سايس بيكو عقب سقوط الرجل العجوز وما يدور لا يعدو عن خطة معلنة حان تنفيذها!
وكم يبدو المشهد مأساويا لنا كيمنيين يختزل مستقبلهم بمصير نخب سياسية حاكمة بمنطق القوة ومراكز النفوذ والمال والارتهان للخارج الأقرب والأبعد! الذي في المجمل يضع نصب عينيه مصالح آمنة واستقراره فوق مصلحة اليمن واليمنيين الأكثر بؤساً بين العرب اليوم.
ولا أرى حقيقة أكبر من أن ( اليمن أكبر ) من فرقاء الحرب المجنونة التي تدار بعناية بكلفة باهظة كان من الممكن تجنيب اليمن وقوعها لولا حماقة الانقلاب والانقلابيين في رفضهم مشروع الست أقاليم سلمياً وهو يرسم
بالحرب عملياً حتى الساعة !
واليمن تدفع ما شقت على دفعه ومازالت وهي من أنجبت نابغة الزمان الذي مازال يتحدث العالم عنه بإبهار وإعجاب لم يسبق له عقل جبار أسس ركائز مستقبل الدول والمجتمعات وحضارتها في مفارقة يندئ لها تاريخ العظيم الذي تدرس ( مقدمته التاريخية ) وموطنه ومسقط رأسه يقتتل ويحترب ويحصد أجياله الموت الذي يناقض عبقرية الفيلسوف الذي شغل الدنيا والذي نقش اسمه على ديباجته العظيمة “مقدمه ” [ عبدالرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي ] !
واليمنيون يذوون نحو الانهيار الذي يجدو أنفسهم فيه لوحدهم بعد أن يتخلى العالم عنهم وعن حروبهم التي لا تنتهي وقد يأتي تاريخ لم يبقى فيه من حبر مسودة مشروع ( الأقلمة ) شيء بعد أن يشبع أرثربارتر موتاً .!!
المصدر : عدن الغد
خليك معنا