لا شك أن الجميع بات متأكداً من استحالة وصعوبة الحسم العسكري في اليمن وضورة البحث عن حلول سياسية وعلى رأس هؤلاء المقتنعين قيادة التحالف أنفسهم ومن خلفهم الولايات المتحدة الامريكية وقد ظهر ذلك جليا في تصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب في زيارته مطلع الأسبوع للسعودية عندما تحدث عن ضرورة محاربة “الانقلابين” في اليمن للعدول والقبول بالحلول السياسية، غير أن عنادهم وتكبرهم وسواء تقديرهم لانعكاسات واثار ذلك على مستقبل المنطقة برمتها وزيادة التطرف والإرهاب على وجه التحديد يحول دون اعترافهم باستحالة الحل العسكري علناً ويحول دون البحث عن حلول تحفظ لهم ماء الوجه وتحفظ الود بين شعوب المنطقة وليس ساستها!!
وبالعودة الى موضوع سطورنا والإجماع على استحالة الحل العسكري في اليمن فإن الحلول السياسية والدبلوماسية واردة وممكنة ومن السهل تحقيقها وإنهاء العدوان والمُعاناة والأثار المترتبة عليه وفي وقت قصير جدا شريطة وجود النية الصادقة والثقة المتبادلة والإرادة القوية والقرار الحكيم الذي يُغلب لغة الحوار والسلام على لغة الصواريخ والقنابل والعنف والتدمير والقتل والحصار، لأن الوضع شبه كارثي وفي شتى المجالات ولا بد من إعمال العقل والبحث عن حلول سياسية كاملة وشاملة وليس انصاف حلول وهُدن انسانية لم تثمر في شيء ولم يتم الالتزام بها في معظم الأحيان إضافة الى أنه لم يبق امام ابناء اليمن شيء سوى الصمود وليس هناك ما يخسروه..
نعم ثمة حلول سياسية ممكنة وعادلة وشاملة في نفس الوقت تبدأ بوقف العدوان بشكل كامل وإنهاء الحصار البري والجوي والبحري والعودة الى طاولة المفوضات من خلال حوار يمني سعودي بالدرجة الأولى لاستكمال الحلول الدبلوماسية ويأتي في مقدمة ذلك السماح وبشكل عاجل وفوري بدخول الأدوية والمواد الغذائية والسماح للعالقين والمرضى بالمغادرة والعودة من والى اليمن خصوصا وأن هناك حالات حرجة وامراض كثيرة في مقدمتها وباء الكوليرا الذي قارب المصابين وحالات الاشتباه 30 الف حالة، وقبل ذلك كله انسحاب قوات التحالف وعلى رأسها القوات السعودية والاماراتية من المناطق المحتلة تمهيدا لتطبيع الأوضاع فيها.
ولعل من الأهمية بمكان في هكذا وضع ضرورة قيام السعودية والامارات بالاعتذار لليمن وإعادة بناء ما خلفه العدوان وجبر الضرر من خلال تعويض كافة الحالات سواء الفردية أو الجماعية التعويض المناسب وعدم تكرار ذلك أو التفكير فيه مرةً أخرى واحترام سيادة اليمن وقراراها عبر قرارات وضمانات أممية في المقام الأول وإحياء اتفاقية الطائف بشأن الحدود مع السعودية وفي المقابل يلتزم الطرف اليمني بعدم ملاحقتها في المحاكم الدولية وإطلاق الصواريخ البالستية على اراضيها والتزام الطرفين بذلك وعدم الحشد والتجييش ضد الأخر تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان والا كيف نفسر صفقة الاسلحة السعودية الاخيرة مع امريكا التي بلغت قيمتها 110مليار دولار بالتزامن مع زيارة الرئيس الامريكي للسعودية وكيف نفسر التوقيع على استثمار قرابة 460 مليار ولار خلال العشر السنوات القادمة منها 110 مليار خلال هذا العام، ولماذا ستبيع السعودية شركة أرامكوا وبثمن بخس؟!
أي نعم إذا التزم الجانبين وتوفرت النيات للمبادرات السياسية والحلول الدبلوماسية فإن السعودية ستوفر الكثر من الأموال التي تذهب لأمريكا مقابل حماية وشراء أسلحة وستكسب جيرانها ومحيطها من خلال السلام لا العنف والعدوات واختلاق الازمات وستستغني عن الأسلحة وشراء الولاءات والمرتزقة من هنا وهناك بل يمكنها أن تستثمر جزء بسيط من هذه الأموال والثروة في المجال الصناعي والتجاري والتقني لتصبح دولة رائدة وليس راعية للإرهاب وصانعة للأزمات والحروب في معظم دول المنطقة.
إذا تحققت هذه الشروط والمبادرات واتفق الطرفين على الالتزام بالحلول السياسية واستبعاد واستحالة الحلول العسكرية فإنه بإمكان ابناء اليمن التوافق على شخصية محايدة تقود المرحلة الانتقالية والإشراف على الانتخابات المبكرة التي تحدد الشرعية الحقيقية والقادة الحقيقيون للبلاد وليس الأدعياء والمغتصبين في وطن يتسع للجميع باستثناء من تلطخت ايديهم بدماء الأبرياء ومن وتأمروا على الوطن وشاركوا في العدوان في ال26من مارس 2015م ، وبالإشارة الى زيارة ترامب للسعودية وتوقيتها وترأسه للقمة العربية والإسلامية والعودة بأكبر مبلغ على مر التاريخ وضمان السيطرة على المخزون النفطي خلال العقود القادمة فإن الشعب السعودي هو الخاسر الأكبر من خلال سواء استخدام القادة للثروة وستكون السنوات القادمة خير شاهد على ذلك وعليهم أن يتداركوا الأمر قبل فوات الأوان ووقوع الفأس في الرأس إن لم يكن قد وقع بالفعل!!