بقلم:محمد صادق الحسيني*|
لن يطول الوقت كثيراً حتى يُكشف الغطاء ويُبان المستور من الفيلم الأميركي الجديد، بأن ما وراء «حفلة» قطر إنما هو تهيئة الأجواء لمواجهة أكبر تتحضّر لها إدارة ترامب بهدف استعادة زمام المبادرة الاستراتيجية المنفلت من يدها…!
وكلما يمرّ يوم جديد على العاصفة الرعدية الخليجية المنبعثة من صحراء الربع الخالي يتأكد للمتابع الفطن بأن ما يُسمى أزمة قطر ليست سوى حصان طروادة لتتويج «إسرائيل» إلهاً بديلاً في شبه الجزيرة العربية…!
وإليكم ما تقوله عيون الراصد:
أولاً: يجب أن لا يختلف عاقلان حول حقيقة أن ما يُطلق عليه اسم «الأزمة القطرية السعودية « ليست أكثر من «حلقة من مسلسل هوليودي مضبوط السيطرة» تم التخطيط له وتنفيذه من قبل صناع القرار في الولايات المتحدة، آخذين بعين الاعتبار حيثيات صراع الادوار والنفوذ بين الأداتين المحليتين المتنافستين على قيادة الوهابية والمختلفتين على شكل توظيف الحركات الإخوانية…!
ونعني هنا بصناع القرار الأميركي دوائر الدولة العميقة هناك مثل البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية الاميركية، وذلك لتحقيق أهداف عدة مجملها يرمي الى تعزيز الوجود الأميركي العسكري وترسيخه في غرب آسيا المسماة غربياً بـ «الشرق الأوسط» مع عدم تحمل التكلفة المالية لهذا الحضور العسكري الاستراتيجي من قبل الحكومة الأميركية…!
هل نسينا أن واضعي مخطط هذه «الأزمة» هم أنفسهم من كان كلّف ولا زال كلاً من السعودية وقطر بدعم التنظيمات الإرهابية في العالم بأسره وليس في سورية والعراق وليبيا والصومال واليمن فحسب…!؟
وعليه فإن السيد الأميركي هو الذي يقوم بتوزيع الأدوار في إطار خدمة استراتيجيته العالمية الثابتة والوحيدة ألا وهي الهيمنة على العالم ونهب خيرات شعوبه…!
وضمن خطوات هذه الاستراتيجية جاء تنفيذ هذه الخطوة بهدف تبرئة مملكة آل سعود من تهمة الإرهاب تمهيداً لدمجها السعودية في ما يُطلق عليه حلف الناتو العربي ومن خلال تسهيل إعلان خيانتها السرية للمبادئ العربية والإسلامية والاعتراف بالكيان الصهيوني والتنازل عن الحق العربي المسيحي الإسلامي في فلسطين…
وها هم عبيد السيد الأميركي في الرياض، وبأمر من سيدهم في واشنطن، يتفاوضون سراً وعلانية مع المحتل الصهيوني وبشكل مباشر، جنباً الى جنب مع رموز السلطه الفلسطينية والحكومه الأردنية، على تسيير رحلات جوية مباشره من مطار اللد الفلسطيني المحتل مطار تل أبيب إلى الديار المقدسة في الحجاز. ولا يُستبعد أن يتم إنجاز الترتيبات التقنية المتعلقة بتسيير هذه الرحلات قبل موسم الحج المقبل، مما يجعل مواصلة مسيرة الخيانة مع الكيان الصهيوني تتسارع وبشكل كبير.
ثانياً: وهذا يعني بالإضافة الى ما ذكر أعلاه أن المخططين الأميركيين قد اتهموا قطر بدعم الإرهاب ولكنهم لم يُبرئوا السعودية من التهمة نفسها، بل على العكس من ذلك تماماً، حيث انهم كانوا قد وجهوا لها هذه التهمة وبشكل اكثر جدية وقانونية عندما سنوا قانون «جاستا» الذي يخوّل متضرري تدمير برجي التجارة العالمية في نيويورك سنة 2001 مقاضاة السعودية امام المحاكم الأميركية وطلب تعويضات باهظة منها. حيث قام فريق محامي أهالي القتلى، الذي يتابع القضية، بتقدير المبالغ التي ستطالب حكومة آل سعود بدفعها بستة ترليونات دولار 6000,000,000,000 أي ستة آلاف مليار دولار وهو مبلغ يعادل ثلث قيمة الديون الأميركية.
لذا فإن الساحر الأميركي المسمّى ترامب لم يحل أزمة مملكة آل سعود بل إنه وظفها لجني المزيد من مليارات الدولارات العربية والتي ستوظف تمويل مشاريع توسعة قواعده العسكرية وتمويل زيادة إنفاقه العسكري الهائل ضمن عمليات الحشد العسكري الاستراتيجي ضد كلّ من روسيا والصين.
بمعنى أن ابتزازه قطر، بعد افتعال أكذوبة الأزمة وإرغامها على تنفيذ الجزء الأول من صفقة طائرات ف 15 والتي تشمل 72 طائرة من هذا الطراز تبلغ قيمتها الإجمالية اثنين وعشرين مليار دولار، حيث وقع وزير الدفاع القطري خالد العطيظة اتفاقيظة توريد نصف هذه الصفقة بقيمة 12 مليار دولار يوم 14/6/2017 في البنتاغون، نقول إن ابتزازه للقطري بعد إتمام ابتزازه للسعودي الذي سلّم الدفعة الاولى من الاتاوة المفروضة عليه أي أن القطري قد شرع في دفع الإتاوة المطلوبة منه لسيده الأميركي كما سبقته الى ذلك مملكة آل سعود وبالتالي بدأت مشاركته الفعلية في تمويل وتجهيز البنى العسكرية الأميركية الجديدة في الشرق الأوسط، والتي سيكون «الإسرائيلي» جزءاً أساسياً منها، بل وله دور قيادي فيها، والموجّهة ضد روسيا والصين وحلفائهم الإيرانيين والسوريين والعراقيين.
ثالثاً: كما تجب الإشارة إلى أن ما يقوم به البهلوان التركي، أردوغان، في اللعب على الحبال في إطار الموضوع القطري ليس إلا جزءاً من المخطط الأميركي لتعزيز الوجود العسكري الأميركي وأداته الشمال أطلسية، حلف الناتو، في المنطقة العربية إمعاناً منه في عمليات التطويق الاستراتيجي المباشر للجمهورية الاسلامية الإيرانية، حيث قواعده الكبرى في العديد والسيليه في مشيخة قطر، بالاضافة الى قواعده الاخرى في مملكة آل سعود وفي مشيخة البحرين، حيث توجد قيادة الأسطول الأميركي الخامس والذي صرّح قائده قبل يومين بأنه أرسل سفينتين حربيتين أميركيتين في زيارة لميناء الدوحة… فلماذا لا تقاطعون الدولة الراعية للإرهاب بدلاً من زيارتها، إذا كنتم صادقين…!؟
نقول إن الدور التركي ما هو إلا جزء من التحشدات الاستراتيجية ضد إيران وكلٍّ من روسيا والصين. وإلا فكيف يسمح السيد الأميركي لذنبه العثماني الجديد بإقامة قاعدة عسكرية وإرسال خمسة آلاف جندي تركي الى دولة تتهمها الولايات المتحدة بدعم الإرهاب!؟
وما هي حجة ترامب في تبريره فرض العقوبات الجديدة على إيران؟ بحجة تهمهم الباطلة لإيران بتمويل ودعم الاٍرهاب وهي الدولة الأكثر تضرراً من الإرهاب والأكثر تصدّياً لمحاربته في العالم كله!؟
إن السماح للسلطان العثماني بإرسال لواءي قوات بحرية خاصة إلى قاعدته في قطر إلى جانب قرار البنتاغون الصادر يوم أمس بإرسال أربعة آلاف جندي أميركي جديد الى أفغانستان لا يتساوق إلا مع خطط العدوان الأميركية ضد القوى الدولية والإقليمية المعادية لهيمنة القطب الواحد…!
ولا تنسوا هنا تصريحات الثعلب التركي المراوغ الجديدة ضد إيران واتهامها بالتوسعية والطائفية…!!
رابعاً: ثم كيف لنا أن نفسر الوجود الكثيف للغواصات الأميركية في شمال النرويج؟ ذلك الحشد البحري الذي تطرّق إليه الرئيس بوتين في حواره التلفزيوني يوم أمس الأول مع الشعب الروسي!؟
هل تريد الولايات المتحدة محاربة كوريا الشمالية انطلاقظاً من القطب المتجمّد الشمالي!؟ أم هي خطوة ضمن مسلسل الاستعدادات الجارية تحضيراً لعدوان واسع على روسيظا بسبب فشل سياسة العقوبات الأميركية ضدها والتي ألحقت الضرر بأذناب أميركا الأوروبيين الذين انصاعوا لتنفيذ أوامر سيدهم الأميركي مما كلّفهم خسائر اقتصادية فاقت المئة مليار دولار، بينما تمكنت السياسة الروسية الحكيمة من الحدّ من خسائر روسيا الاقتصادية نتيجة ذلك الحصار وإبقائها في حدود الخمسين مليار دولار.
وما يعزز نظريتنا حول الاستعدادات العسكرية الأميركية الجارية في إطار تطوير ومراكمة الحشد الاستراتيجي المعادي لقوى ومكونات التحالف الصيني الروسي هي تصريحات الأدميرال هاري هاريس، قائد الأساطيل البحرية الاميركية في المحيط الهادئ والتي اتهم فيها روسيا بخرق اتفاقيات الحدّ من انتشار الصواريخ الاستراتيجية. هذا الاتهام الذي لا يمت الى الواقع بصلة وإنما هو تمهيد لنشر المزيد من الأسلحة الصاروخية الاميركية سواء في دول البلطيق او دول أوروبا الشرقية او دول «الشرق الاوسط»…
وما قيام الولايات المتحدة بتحريك بطاريات صواريخ HIMRAS البعيدة المدى من قواعدها في الأردن الى داخل الاراضي السورية وبحجة حفظ أمن قواتها هناك إلا جزء من الإجراءات العدوانية المشار اليها أعلاه. إذ ما هي حاجتهم لصواريخ يبلغ مداها 300 كم؟ خاصة أنهم يقولون بأنهم موجودون هناك لمحاربة داعش في معاقله في الرقة والموصل..!؟
إنها إذن صواريخ العدوان التي يريدون من ورائها التلويح بالقوة للجيش العربي السوري وحلفائه في الميدان السوري في محاولة لوقف او إبطاء سير الهجوم الاستراتيجي النهائي الذي ينفّذه السوري بمساعدة الحلفاء الروس، وتحت قيادة مباشرة للعمليات القتالية من قبل الجنرال قاسم سليماني إلى جانب إخوانه جنرالات الأركان في الجيش العربي السوري وقوات الرضوان اللبنانية وسائر القوات الرديفة…
إنها قاعدة جديدة او تعزيز وتوسيع لقاعدة أميركية موجودة على الأرض السورية أصلاً والتي لن يطول الزمن حتى يتم تدميرها وإبادة من فيها من جنود أميركيين ومرتزقة بمسمّياتهم المختلفة…
إن أرض سورية وبلاد الشام لن تكون لا ممراً ولا مقراً لكم، أيها الحمقى..
إنها معراجنا إلى السماء ومقبرة للغزاة كانت لنا وستبقى لنا..
لذلك ننصحكم أن احملوا أمتعتكم وارحلوا عن ديارنا سريعاً، قبل أن تصلكم عواصف أسودنا التي ستجعلكم كعصف مأكول فيما أموال وعديد عبيدكم الإقليميين هشيمٌ تذروه الرياح..!
ساعتئذ ستترحّمون على ما حصل لكم في بيروت في العام 1983م…!
هل تتذكّرون…!؟
بعدنا طيّبين قولوا الله. خليك معنا