الصباح اليمني_ ثقافة وهويّة|
| هناء الحاج*
تُعرَف اللّغةُ علميّاً أنها مجموع الكلمات التي نُعبّر بها عن أغراضنا. ولمّا كانت اللّغة هي مادّة الأدب الأوليّة ولمّا كانت تُعبّرُ عن الذات وعن الذات والآخر، تكون بذلك جانباً أساسيّاً من جوانب حياتنا يجبُ الوقوف عنده.
نلاحظ أنه في عمليّة التعليم والتعلّم انتقالٌ وتبادلٌ وتأثيرٌ وتأثّرٌ؛ تروحُ جميعُها من معلّم إلى متعلّم. وهنا تظهر هوّة الاتصال بين معلّم اللغة العربيّة ومتلقّيها أوّلاً، وبين المتلقّي ونفسِه أيضاً، إذْ أنّ الاوّلَ يرفض مجاراة المتعلّم في مبدأ التعاصرِ الذي يُنادي به، والأخير يصعب عليه تقبّل الأوّل في كلّ ما تحمله لغته من صعوبةٍ وتعقيدٍ وثقلٍ.
لا بدَّ من أن نعترفَ أنَّ “الحديثَ” الذي يُطالبُ به أقربُ إلينا شكلاً ومضموناً وتجربةً وحياةً لذا علينا أن نستوعبَ هذه المناداة كجزءٍ من عملية التصويب والتحسين للخروج من المأزق الذي تعيشه اللغة العربية تحت مبدأ مسايرة الجمهور خيرٌ من معارضته، وعليه فإنّ أسبابَ هجرة الكثير للغة العربية الفصحى عديدة منها:
الهوّة بين عربية القاموس وعربية الاستخدام العادي في الحياة اليومية، أضفُ الهوّة بين الفصحى والعامية، وبين اللسان العربي الفصيح في بناء الكلمات وبين اللهجة العامية وتلك لغة لا تكاد تُستعمل إلاّ بالقلم، بينما العامية هي للاستعمال اليومي، لغة العامة، أو هي اللغة الحيّة.
ونحن إذْ نستوعبُ تجارب القدامى في منهجيّة تدريس اللغة نرى أنّ التلميذَ الذي هو محور العمليّة التعليميّة يحتاجُ إلى لغة يألفُها تواكبُ ديناميكية مجتمعه الجديد، وهذا دور المؤسّسات التعليمية في تسهيل طرائق التعليم وتبسيطها، لنأخذَ معاً في التغيير والتطوير حتى نستطيع المُزاحمة في مُعترك هذه الحياة.
فالتمايز الموجود بين مجموعة بشرية معيّنة ومجموعة أخرى لا يُقوّمهُ إلاّ عقد المُصالحة بين لغة الكتابة ولغة الكلام وهذه مسؤولية علماء اللغة في تقريب اللغة من أفهام المتعلّمين والسامعين والمحدّثين، شرط التوفيق بين مصلحة الفرد ومصلحة المجموع لعدم الوقوع في مشكلة إرضاء لغة الرأي العام من ناحية وإرضاء لغة القرآن الكريم من جهة أخرى.
وهذا كله نضعه بأيدي المعلّمين والباحثين بأملٍ كبير، هو أملُ النجاح في الانتقال خطوة خطوة إلى اكتساب لغة حديثة يُحافَظ في بنائها على قديم اللغة وتماسكه.