الصباح اليمني_مساحة حرة|
لعبت دول الخليج وعلى رأسها قطر والسعودية دوراً بارزاً في الحرب على سوريا، فقد موّلت التنظيمات الإرهابية بمليارات الدولارات للنيل من سوريا الموقع والدور الإقليمي البارز، والداعِم لحركات المقاومة المُناهضة لدولة الكيان الإسرائيلي، وبدأت مخططاتها بالاشتراك مع أميركا وإسرائيل، وقوي تحالفهم، ولكن ومع مرور السنوات وسقوط الأقنعة، والتي كان للصمود السوري الدور البارز في تقويض الدور الاقليمي لدول الخليج الداعِمة للفصائل الإرهابية في سوريا، حصلت خلافات بين قطر والسعودية أدت إلى خروج قطر من مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي ساهم إلى حدٍ ما في زعزعة أركان الخطّة الصهيو-أميركية، والتي تقضي بإنشاء ناتو عربي تكون أولى أهدافه العمل على إلغاء مفاعيل الانتصار السوري، فضلاً عن محاولة التأثير على الوجود الإيراني في سوريا.
تَعمد أميركا برئيسها ترامب إلى دغدغة الحكّام العرب بتسميات تجذبهم بها إلى مرماها، والأمثلة كثيرة والناتو العربي الذي اقترحته السعودية، عاد ليظهر على لسان الرئيس “دونالد ترامب” بمُسمّى “التحالف الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط”، وفعلاً بدأ بالترويج له تحت قبّة الأمم المتحدة موضحاً أهمية إنشائه، ومن جهةٍ أخرى قام وزير خارجيته “مايك بومبيو” بعقد اجتماعات مع بعض القادة الخليجيين، بالإضافة إلى مصر والأردن وذلك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة ال 72وذلك لشرح ما يمكن ان يحقّقه هذا “الحلف” في التصدّي لما يُسمّى الأنشطة الإيرانية، ومن خلال هذه الاجتماعات الأميركية مع قادة دول الخليج تُعقَد صفقات السلاح بمئات مليارات الدولارات تحت ما يُسمّى التحالف السياسي والاستراتيجي بين الأميركي والسعودي، وما لا تُدركه السعودية أو أنها لا تريد أن تُدرِك أن الرئيس ترامب يعمل على جلب المزيد من الأموال من السعودية، ولا يعنيه أيّ شأن آخر لها، فـالسعودية تغرق في محيطٍ من الأزمات إن كانت الداخلية أو الخارجية، وما حربها في اليمن إلا شهادة على إجرامها بحق الشعب اليمني، ناهيك عن قضايا أخرى مع قطر والبحرين وعُمان، وداخلياً ضمن الأسرة الحاكِمة والعديد من الشخصيات السعودية المُعارِضة لحُكم الملك وأولاده.
السعودية ومحاولات الجَذْب..
تحاول السعودية إبراز قوّتها للدول العربية عن طريق التباهي بصفقات شراء الأسلحة الأميركية، عامِلة على استقطاب هذه الدول لتشكيل “الناتو العربي”، كما تعمد على تشهير علاقتها بإسرائيل وعلى تعزيز روابط العلاقات الاقتصادية وحتى الاجتماعية، ما يؤدّي ببعض البلدان العربية المُعتدلة إلى الإشهار والتطبيع مع إسرائيل، فـيضفي إلى التوافق في السياسات الخارجية تجاه دولة الكيان الإسرائيلي، وعليه التسمية الأصحّ لهذا “الناتو العربي”، هو “الناتو العربي الصهيو-أميركي”.
ما مدى احتمالات نجاحه…
بعد الهزائم المُتكرّرة التي لحقت بالسعودية في كلٍ من العراق وسوريا واليمن، أصبح تحقيق هذا الناتو بعيداً، فالخلافات أضحت أكبر بين الدول المُرشّحة لتشكيله، فـالتحالف العربي في اليمن وعجزه عن تحقيق مآربه في تشكيل حلف عسكري استخباراتي عربي وبدعمٍ أميركي لمواجهة طهران قد باء بالفشل أيضاً. ومن المُلاحَظ أيضاً أن سياسات السعودية في سوريا والعراق، لن تجعل لهذا الحلف حاضِنة شعبية فسجّلها مليء بالإجرام، ولن يكون آخرها قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، فضلاً عن أن القضية الفلسطينية وقضايا الأمّة العربية والإسلامية، ليست من أولويات الدول المُرشّحة لهذا الناتو المُزمَع إنشاؤه، ولا يعنيها من قريبٍ ولا من بعيدٍ فلماذا تُقحِم نفسها في تلك القضية؟.
أما العداء الحاصِل بين السعودية وتركيا على خلفيّة قضية الخاشقجي سيُسبّب للسعودية أعداء إقليمين ودوليين، وبالتالي احتمال قُدرتها على تشكيل ناتو عربي بدعمٍ أميركي يبدو بعيد المنال، وفي المقابل بات اللعب خلف الكواليس صعباً، فما يحدث لا يُخفى على أحد، لكن أحلام كل من السعودية وأميركا وإسرائيل في تشكيل هذا الحلف ما هي إلا أضغاث أحلام، لأن المُتابِع لتطوّرات المشهد العربي وتحديداً تصاعُد قوّة محور المقاومة، يُدرك تماماً أن فرصة تشكيل هذا الناتو صعبة إن لم تكن مستحيلة، لأن الواقع الميداني الذي فرضه انتصار سوريا وحلفائها، سيكون له تأثير مباشر في جسد هذا الناتو الذي إن ولِدَ، سيولد ميتاً لا محالة.
ربى شاهين _ الميادين
خليك معنا