كشفت مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» عن تراجع موجوداتها من النقد 22 مليار ريال بنهاية شهر يوليو الماضي، لتواصل الانخفاض للشهر الـ14 على التوالي وتسجل أدنى مستوى في 6 سنوات.
وبحسب صحيفة «مال» الاقتصادية، فقد تراجعت الموجودات بسبب تراجع الاستثمار في الأوراق المالية بالخارج بنسبة 10% مقارنة بشهر يوليو من العام الماضي.
وبحسب الأرقام فقد خسر المركزي السعودي في ثلاث سنوات 932 مليار ريال، أي ما يساوي 250 مليار دولار أمريكي تقريباً في الفترة ما بين أغسطس 2014 إلى يوليو 2017.
وتتكون موجودات المركزي السعودي من نقد أجنبي، وذهب، ونقد في الصندوق وودائع لدى البنوك بالخارج، واستثمارات في أوراق مالية بالخارج، وموجودات أخرى. وتوقّع تقرير لصندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي أن تشهد السعودية عجزاً في المالية العامة وانخفاضاً كبيراً في السنوات القادمة، إذ يتراجع من 17.2% من إجمالي الناتج المحلي في 2016 إلى 9.3% من إجمالي الناتج المحلي في 2017 وأقلّ بقليل من 1% من إجمالي الناتج المحلي مع حلول عام 2022، ويقوم هذا على افتراض الالتزام بالمواعيد التي حدّدها «برنامج تحقيق التوازن المالي» للإصلاحات الكبيرة في الإيرادات غير النفطية وزيادات أسعار الطاقة، وتحقيق وفورات التشغيل والإنفاق التي حدّدها «مكتب ترشيد الإنفاق» حتى الآن، ومن المتوقّع أن يستمرّ تمويل العجز بمزيج من عمليات السحب من الأصول والاقتراض الداخلي والخارجي.
ويلاحَظ ضعف نمو الائتمان والودائع ويتوقّع أن يتعافى بشكل تدريجي، واتفق المديرون التنفيذيون على ضرورة زيادة توظيف المواطنين السعوديين في القطاع الخاص، وأكّدوا أهمية النهوض بالتعليم والتدريب، كما أشاروا إلى أن التواصل الواضح بشأن الفرص المستقبلية المحدودة للتوظيف في القطاع العام من شأنه تحفيز المواطنين على البحث عن فرص عمل في القطاع الخاص.
ودعا المديرون إلى اتخاذ مزيد من الخطوات لزيادة توظيف النساء وتعزيز مشاركتهن في سوق العمل. وانخفض الاحتياطي العام للمملكة العربية السعودية خلال شهر يونيو الماضي بمقدار 10 مليارات ريال ليصل إلى 626.9 مليار ريال مقارنة بشهر مايو 2017، وذلك حسبما أظهرت البيانات الشهرية لمؤسسة النقد العربي لشهر يونيو. وسجل الاحتياطي العام للدولة بذلك أدنى مستوى له في أكثر من 8 سنوات، أي منذ يناير 2009 حيث بلغ آنذاك 333.4 مليار ريال.
وحساب الاحتياطي العام للدولة، يحوّل إليه ما يتحقق من فائض في إيرادات الميزانية، ولا يجوز السحب منه إلا بمرسوم ملكي في حالات الضرورة القصوى المتعلقة بالمصالح العليا للدولة. وذكر تقرير دولي أن الاقتصاد السعودي انكمش في الربع الأول من العام، مما يعكس تنفيذ صفقة خفض النفط في نوفمبر الماضي، وتتزايد الضغوط الأخرى داخل المنطقة بسبب الحصار الاقتصادي والدبلوماسي الذي فرضته المملكة العربية السعودية وحلفاؤها على قطر في 5 يونيو الماضي، ولا يمكن تجاهل تصاعد الأزمة.
وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يرتفع معدل البطالة في المملكة العربية السعودية 5.90 في المائة بحلول نهاية الربع الثاني من العام، وفقاً لاقتصادات التجارة العالمية النماذج الكلية وتوقعات المحللين، وبالنظر إلى المستقبل، فإن معدل البطالة في المملكة العربية السعودية سيصل إلى 5.60 في 12 شهراً، وعلى المدى الطويل، من المتوقع أن يتجه معدل البطالة في المملكة العربية السعودية نحو 5.90 في المائة في عام 2020، وفقاً لنماذج الاقتصاد القياسي.
وقالت الاقتصادية مونيكا مالك: «تظهر البيانات أن الاقتصاد لا يخلق فرص عمل كافية للداخلين الجدد إلى سوق العمل السعودي، وأن خلق فرص العمل سيكون التحدي الرئيسي لبرنامج الإصلاح»، وأضافت: «إن القطاع الخاص يعاني من الإصلاحات المالية وانخفض الإنفاق الحكومي، ورغم الضغط على المغتربين، فإننا لا نرى نمواً كافياً في الوظائف بين المواطنين لتعويض خروجهم من السوق».
هذا، وانخفض حجم الإنتاج في قطاع البناء والتشييد في شهر يوليو بنسبة 1.9٪، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما كان للتقلبات المستمرّة في سوق النفط وتدفق الأموال الأجنبية من البلد أثر سلبي على النتائج المالية، ويتوقّع المحللون أن تؤدّي جميع هذه العوامل إلى الانخفاض الأوّل منذ ما يقرب من ثماني سنوات في الاقتصاد السعودي، واضطرت الحكومة السعودية إلى الإعلان عن خطط لبيع أسهم أرامكو السعودية، ومن المعلوم أنّه منذ عقود، كانت أكبر شركة نفط في العالم هي أساس البلاد للاستقرار والثروة، وفي ظلّ تدهور الاقتصاد، بما في ذلك قطاع عائدات الحجّ والعمرة التي تراجعت بسبب حصار قطر، لا يمكن تجنب ظهور موجة جديدة من الاحتجاجات التي ستؤدّي إلى نتائج سياسية واقتصادية غير معروفة.