الصباح اليمني_موقف|
الحرب العدوانية التي شنتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على الجمهورية اليمنية مُنذ تاريخ 26 مارس 2015م، ولازالت مستمرة حتّى كتابة هذه الأسطر، لم تعد أهدافها ولا غاياتها تنطلي على أحد من المراقبين والمشاهدين من الرأي العام اليمني و الخارجي على حدٍ سواء، وبالذات من له علاقة اضطرارية للعمل في الساحات والميادين الإغاثية والإنسانية وحتى السياسية.
لقد أخذ الصراع الدائر بين الطرفين المتقاتلين (غير المتكافئين) من الناحية العسكرية والأمنية والسياسية وحتى الإعلامية الواسعة، والمتابع الحصيف سيجد تجليات تلك المديات في لُغة الحرب الإعلامية التي تنطلق من وسائل الإعلام التابعة لدول العدوان وهي القنوات التلفزيونية “العربية”، “العربية الحدث” و “سكاي نيوز عربية” وجميع ملحقاتها من القنوات العربية والأجنبية، كلها وبمفردات محدده مدروسة بعنايه يتم إطلاقها بشكل يومي في كل نشـرات الأخبار والتقارير الإعلامية التي تبث على مدار الساعة طيلة زمن الحرب ودون هوادة، لتغطية الفشل الذريع في المسارات العسكرية والأمنية تحديداً، وفشلها الذريع في سد فجوات وجرائم ما يتعرض له المواطنين الأبرياء من تجويع وتشريد وقتل، وهي ما تصرح به جميع المنظمات الإنسانية.
و لم تتردد تلك الجبهة الإعلامية المعادية من توظيف المفردات والخطاب الإعلامي في الترديد البليد وتكرار المفردات التي تُساق على المشاهد المتلقي بأن صنعاء هي عاصمة الانقلابين المتمردين، هي المسؤولة عن ما تعرَّضَ له ميناء الحديدة من إغلاقات وتضييق بسبب أن (القوات الحوثية) تقوم بتهريب الأسلحة الثقيلة من جمهورية إيران الإسلامية إلى اليمن عبر ميناء الحديدة وغيرها من الاتهامات الغبية التي أصبحت مكشوفة للقاصي والداني بأنها مجرد أكاذيب و ترهات ممجوجة تحاول من خلالها أن تُحرّفْ وعي المشاهد العربي الكريم عن تلك الخسائر الفلكية التي تمنى بها دول العدوان من الناحيتين السياسية العسكرية والأخلاقية.
ويضيفون عليها بأن الحكومة (الانقلابية المتمردة) في صنعاء وهي غير (شـرعية)، مع العلم بأن هذه الحكومة استمدت شرعيتها من تحت قبة البرلمان الشرعي باليمن، و من تلك الحشود الجماهيرية التي خرجت بميدان السبعين وعواصم المحافظات تأييداً للمجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني، وهكذا تتناسل المفردات والكلمات والعبارات والشائعات الموجهة بعناية للمشاهد المحلي على وجه الخصوص لتبرير عجزهم العسكري والأمني على طول الجبهات، وتبرير فشلهم السياسي والإداري والخدمي في جميع المحافظات الجنوبية والشرقية و أجزاء من تعز ومأرب والتي احتلوها بسبب الفارق الشاسع في العتاد والعُدَّة، وبسبب الغطاء الدولي التي وفرها لهم الأمريكان وحلفائهم من الدول الغربية الاستعمارية.
وفِي المقابل هناك حكومة تعيش في المنفى الحقيقي لا تتواجد باليمن إلا لأسابيع فحسب، قد انتهت ولايتها و وفقاً للدستور اليمني في فبراير 2014م، و تم التمديد لها بطريقةٍ (عشوائية) لمدة عام ينتهي في فبراير 2015م، ولازال هناك إصرار مستميت على تسميتها بالحكومة (الشرعية) ، و الأدهى من ذلك أن يتم اتخاذ قرار من مجلس الأمن الدولي برقم 2216 في العام 2015م، يصدر بشكل شبه إجماع من قبل مجلس الأمن الدولي وينطوي في حيثياته على تزكية المملكة السعودية بأنها صاحبة الحق في استخدام القوة المفرطة لمساعدة الحكومة (الشرعية) للعودة إلى صنعاء، حتى و إن كانت النتيجة قتل مئات الآلاف من المواطنين اليمنيين وجرح أضعافهم وتهجير الملايين من منازلهم وتدمير البُنَى التحتية التي استغرق بنائها أكثر من خمسة عقود من الزمان.
كيف يستقيم الأمر القانوني والأخلاقي؟ للقرار الباطل الذي بُني على باطل ونتج عنه كل ذلك الدمار والحصار والقتل والتجويع والمهالك التي تعرض لها الشعب اليمني جراء عدوان (أعـراب) الخليج(الفارسي) لتنفيذ أجندات خفية أخرى لهذا العدوان، ابرزها احتلال أجزاء من اليمن ومحاولة إعادة اليمن إلى زمن التشطير ليسهل تمزيقها وإضعافها ومن ثم ابتلاعها كلياً، بالاعتماد على فارق فائض القوة المالية والاقتصادية وحتى التسليحية.
أين المخرج من ورطة الحكام الجدد من أسرة آل سعود الطامحة لاعتلاء عرش المملكة؟.
وماهي الطموحات غير المشروعة للقادة الجدد الشباب الجامح من أسرة آل نهيان؟.
لقد حاول مستشاريهم في الجلسات الليلية الناعمة وصوروا لهم بأن غزوة اليمن لا تحتاج سوى لبضعة أيام أو أسابيع معدودة، وستكون الأمور ممهدةٍ لترتيب أمر دولهم القادمة دون معارضة تُذكر، لكن ها هي اليمن العظيم تصمد في وجه جحافل أعدائه في عامها الرابع بثبات وقوة وعزم ندر حدوثه في جميع الحروب الإقليمية والقارية وبكل المعايير العسكرية والاقتصادية واللوجستية مع هذا الغطاء السياسي الدبلوماسي غير المسبوق وغير الأخلاقي من دول الشرق والغرب و أن كانت بدرجات متفاوتة.
أين يكمن المأزق السياسي والأخلاقي لحلفي و وجهي العدوان على اليمن:
أولاً : كان الهدف المُعلن والخفي من اعتدائهم على الجمهورية اليمنية هو استباحة و احتلال العاصمة صنعاء لما لها من رمزية خاصه واستثنائية لكسر عنفوان الإرادة اليمنية في الحاضر والمستقبل ومحاولة تدمير سمعتها الحضارية والتاريخية كمدينة ظلت عصية على أي مُعتدٍ غاصب، وبهدف فرض الهيمنة السياسية والعسكرية والاستراتيجية من أوسع أبوابها على اليمانيون جميعاً بكل أطيافهم وطبقاتهم وقبائلهم.
ثانياً : يخشى جهابذة قادة دول العدوان بأن تُسجِّلْ عنهم كُتب التاريخ بأن هذا الاعتداء الفاشل الذي أقدموا عليه لم يحقق لهم شيئاً يُذْكَرْ، لا من الناحية التكتيكية و لا من الناحية الاستراتيجية، و إذا ما حسبنا الأمر وعملنا المقارنات الموضوعية نجد بأن العدوان فشل فشلاً ذريعاً من الناحيتين العسكرية و الأخلاقية.
ثالثاً : المنظمات الإنسانية الدولية والأجنبية وعددٍ من الدول التي تخشى الرأي العام المحلي في بلدانها جاهرت السعودية والإمارات بالقول بأن حربكم على أطفال اليمن اصبح عار على الإنسانية اجمع، ولهذا دخلت السعودية تحديداً القائمة السوداء باعتبارها مجرمة حرب ضد أطفال اليمن.
رابعاً : الخسائر المالية الفادحة التي تكبدتها و مازالت تتكبدها السعودية والإمارات، والتي تشير التقارير الوازنة بأن السعودية وحدها تخسر 200 مليون دولار يومياً، فكيف بمشيخة الإمارات المتحدة التي استثمرت المليارات في احتلالها للجزر والمدن الساحلية اليمنية، وهذا النزيف المالي سيستمر دون توقف إلى أن يعترف أمراء الحرب بالسعودية والإمارات بأن هذه الحرب لن تجلب لهم سوى الخراب.
خامساً : السعودية والإمارات مدانة حتى العظم في قتل الأبرياء من الشعب اليمني العربي المسلم في شهر رمضان المبارك و في العيدين المباركين من أيام العام الحُرُم، كيف يستقيم الأمر أن تكون قاتلاً للشعب اليمني و في ذات الوقت أن تكون حاكماً آمراً على أقدس موقعين لدى المسلمين جميعاً وهي مكة المكرمة والمدينة المنورة.
سادساً : دولتي العدوان السعودي الإماراتي وطيلة ثلاثة أعوام وأربعة أشهر استوردتا جميع مرتزقة وجيوش العالم لإسقاط الجمهورية اليمنية ولكنها فشلت، و كان آخرها أن يتم استدعاء جيش المارينز الأمريكي لمساعدتها لاقتحام الأسوار المنيعة لمدينة الحديدة واحتلالها، كيف يمكن فهم ذلك؟ مع العلم بأن الجيش الأمريكي ضالعٌ في العدوان منذ انطلاقة الرصاصة الأولى للعدوان و خبراء المارينز يقصفون الساحل الغربي من البوارج الحربية الأمريكية، واشتركوا في غرفة عمليات دول العدوان في الرياض، وطائراتهم العملاقة تزود المقاتلات السعودية والإماراتية بالوقود في الجو لتأمين ذهابهم وعودتهم من عدوانها على المدن اليمنية، و الأهم من كل ذلك بأن أميركا وفرنسا وبريطانيا لم تتوقف من تزويد دول حلف العدوان بالأسلحة والذخائر وقطع الغيار، وهذا إسهام مباشر في القتل المتعمد للشعب اليمني ومخالفٌ لجميع المواثيق والقرارات (الدولية).
سابعاً : تعاني السعودية من حرجٍ شديد جراء انكشاف حدودها الجنوبية أمام مقاتلي الجيش واللجان الشعبية، وأصبح العديد من المواقع العسكرية في جنوب الحدود للملكة السعودية تحت سيطرة الجيش اليمني واللجان الشعبية، وتتكبد يومياً خسائر من جنودها وحرس حدودها، لا بل أن العاصمة الرياض والعديد من مدنها أضحت غير آمنه جراء خوفهم من صواريخ الزلزال والبركان والبدر.
ثامناً : فشل الماكنة الإعلامية للقنوات الفضائية التلفزيونية للنظامين السعودي و الإماراتي في تبرير كل هذا الكم الهائل من الجرائم والدمار التي اقترفتها آلتهم العسكرية المجرمة، وظل المواطنين متمسكين بمشاهدة القنوات العربية والعالمية المقاومة للعدوان، وهذا دليل إضافي لعجزهم في تمرير أكاذيبهم وتدليسهم الإعلامي على الرأي العالم اليمني والعربي و الإقليمي.
تاسعاً : أظهرت التقارير الإعلامية الموثقة لمنظمات حقوق الإنسان و العفو الدولية في جنيف وعددٍ من العواصم الغربية، ووكالة الأسوشيتد برس، أظهرت أن مشيخة الإمارات العربية المتحدة لديها شبكة من المعتقلات السرية في مدينة عدن وعدد من المحافظات الجنوبية، كما تم إبراز الاحتجاز غير القانوني والاخفاءات القسرية والتعذيب والقتل، إلى درجة أن تلك المصادر شبهت ما يحدث في سجون عدن كما حدث و ربما أشد من سجن أبو غريب في العراق من قبل القوات الأمريكية ومرتزقتها.
عاشراً : قدّم الأمين العام للأمم المتحدة السيد/ أنطونيو غوتيرش، تقريراً لمجلس الأمن الدولي في يوم الثلاثاء الموافق 26 يونيو 2018م، جمع فيه و لأول مره كل أطراف الصراع في اليمن بأنها شريكة في قتل الأطفال اليمنيين، و وضع على رأس القائمة المملكة العربية السعودية ومشيخة الإمارات العربية المتحدة وقوات الرئيس هادي المنتهية ولايته والحزام الأمني الجنوبي المدعوم من مشيخة الإمارات العربية المتحدة في المحافظات الجنوبية والشرقية وتنظيم القاعدة الإرهابي، والجيش اليمني واللجان الشعبية (الحوثي)، كلها هي المسؤولة عن قتل الأطفال، ولكن التقرير الأممي حدد بوضوح أدق، بأن هناك أكثر من 83% من هجمات طائرات دول العدوان كانت ضد أهداف مدنية وليست عسكرية.
خلاصة القول بأن هذا العدوان القبيح الذي شنه (الأشقاء الأَعْرَاب) على الشعب اليمني الصابر الصامد، قد فشل فشلاً ذريعاً و أن المعركة الممتدة لسنوات ثلاث وثلاثة أشهر قد أظهرت مهارات المقاتل اليمني الباسل في الدفاع عن أرضه وعرضه وكرامته، و أن التباهي بقتل الأبرياء من أطفال ونساء وعجزه من أبناء شعبنا قد تحول إلى وصمة عار أسود يلاحق ملوك وأمراء دول العدوان، والله أعلم منا جميعاً.
﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾
عبدالعزيز صالح بن حبتور ـ رأي اليوم
خليك معنا