الصباح اليمني_مساحة حرة|
قبل البدء.. لعلها المرة الأولى في تاريخ العرب الحديث التي تعرض فيها دولة عظمى، ممثلة في الصين، شراكة اقتصادية حقيقية.. دون شروط مذلة أو مشروع هيمنة..
تساؤلات صينية
هل سيغتنم العرب أخيرا فرصة الانفتاح شرقا لاستدراك ما فاتهم؟
كيف سطرت الصين أهدافها الاقتصادية من تلك القمم؟
كيف ساهمت الجزائر إيجابيا في إنجاح توجه العرب نحو الصين؟
ما هو موقف الغرب الرأسمالي من قمم الصين الثلاث مع السعودية والعرب والخليجيين؟
هل ستسكت أمريكا؟
روزفــــلت يبـكي فـــي قــــبره..
عندما ركب ملك السعودية حاملة طائرات أمريكا، ظن روزفلت أنه ضمن هيمنة دائمة على نفط المملكة.. لكنه لم يتوقع أبدا تراجع الدور الأمريكي عالميا إلى حد تمرد حليف استراتيجي كالسعودية.. حدث هذا بعد خطوات أوبك بلس وأخطاء ترمب وبايدن في حق العرب والسعوديين.. لم يكن العقل الاقتصادي الأمريكي مستعدا لتقبل مجرد احتمال تنسيق بترولي روسي سعودي.. غلب عليهم غرور غريب..
لم يكد الأمريكان يفيقون من الصدمة النفطية، حتى جاءت قمم الرياض مع الصين.. لقد أدركوا توجها عربيا نحو الشرق.. فالسعودية لم تعد حكرا على أمريكا.. إنها تسعى حاليا تنويع الشراكات.. إدراكاً منها أن مستقبل العالم سيكون في آسيا.. الصين هي قلب القارة الآسيوية.. رغبة المملكة واضحة جدا في تقديم نفسها المفتاح إلى المنطقة العربية.. خصوصاً في ظل تراجع دور مصر، وإضعاف سوريا والعراق في الشمال.. الطفرة الاقتصادية وتزايد المكانة الإستراتيجية للمملكة، خصوصاً بعد الحرب في أوكرانيا، زادها قوة.. كما تريد استكمال مشاريع التعاون بينها وبين الصين.. نتيجة لحاجة المملكة إلى التكنولوجيا الصينية لاستكمال خطة المملكة 2030 يضاف إلى ذلك أيضا رغبة المملكة في تطوير شراكات إستراتيجية شاملة وتعاون في مجالات الطيران والتمويل والطاقة النووية..
أهداف الصين الاقتصادية..
الحصول على عقود في مجال الطاقة مع عدد من الدول العربية.. رغبة بكين في أن تكون هذه العقود طويلة الأجل.. كي لا تتأثر بالتغيرات السياسية الفوز بمشاريع البنية التحتية، خصوصاً في مجال البناء والطرق والجسور والموانئ البحرية.. التوسع في مشروع الحزام والطريق.. إعطاء الدول العربية الفقيرة قروضا غير مشروطة سياسيا، عكس قروض صندوق النقد الدولي.. تحسين سمعة المنتجات الصينية في المنطقة العربية، عبر ترويج فكرة “التنمية عالية الجودة” التي طرحها الرئيس الصيني في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، والتي تعني التركيز مستقبلاً على الجودة لا على الكم.. توطين صناعة السيارات الكهربائية الصينية، التي يزداد الطلب عليها عالمياً على نحو كبير.. تشكل المنطقة العربية سوقاً مهمة لها.. بيع كميات من الأسلحة لجميع دول المنطقة، التي تحتاج إليها.. دون منح ميزات تفضيلية أو احتكار لإحدى تلك الدول.. التركيز على الجانب التقني، لاسيما ما يتعلق منه بالجيل الخامس، الذي تسعى بكين لنشره في جميع دول العالم..
دعــم جـــزائري قـــوي جـــدا..
بلد المليون شهيد حاول مرارا وتكرارا حث العرب على الاستقلالية والسيادة.. يبدو أن القمة العربية الأخيرة قد نجحت فعلا في بث روح جديدة في الحكام العرب.. لقد صاروا يقولون لا لأمريكا.. بحثوا عن مصالحهم، حتى لو كانت في الصين.. الجزائر كانت داعما قويا للسعودية وبقية دول أوبك في هذا التوجه البترولي الجديد.. قاومت كل الضغوط.. رفضت كل الإملاءات.. نسقت مع الجميع.. عملت في الكواليس على الجمع بين الأضداد.. تغليبا لمصلحة العرب.. الجزائر سبقت العرب في التعاون مع الصين اقتصاديا منذ زمن بعيد.. العلاقات التجارية بين البلدين ممتازة جدا..
بعـــد الخـــتام..
يمكن، بل يجب على بقية الدول العربية الاقتداء بالجزائر في تنويع شراكاتها عالميا.. الرهان على فرس واحد لا يوفر كل الفرص.. العولمة الاقتصادية الصينية بدأت.. على الجزائر وبقية العرب تعظيم استفادتهم اقتصاديا منها..
كاتب جزائري