الصباح اليمني /تقرير خاص
بين التوتر والفتور تراوح العلاقات السعودية الاماراتية مكانها ، فالتاريخ والواقع يؤكد ان المصالح وحدها من جمعت الجارتين الخليجيتين ، واطماع النفوذ والسيطرة هي من ستفرقهما . اليمن كانت نقطة للالتقاء تلك المصالح ليس لدول الخليج فحسب بل للقوى والدول الكبرى ايضا بما في ذلك امريكا وبريطانيا وروسيا ، لكنها كما يبدو معتركا للصراعات والاختلافات والتي تحاول الدبلوماسية السياسية في البلدين اخفائها .
التحركات الاحادية لكل من الامارات والسعودية فيما يخص الشأن اليمني كانت كفيلة بفضح المستور وظهوره على السطح فالرياض لم تكن راضية منذ انطلاق “عاصفة الحزم ” عن الموقف الاماراتي الذي كان يحاول مسك العصا من المنتصف من خلال المشاركة في الحرب من جهة ودعم الرئيس الاسبق “صالح” من جهة ثانية حسب مراقبين سعوديين .
عملية الرمح الذهبي:
في محاولة لفرض نفسها واثبات قوتها حاولت الامارات البدء بعملية “الرُمح الذهبي”، مستغلة حلفاء الداخل من “الجنوبيين”، والتخلي عن شريك المملكة السعودية في الحرب ممثلا بحزب الإصلاح فتقدمت على السواحل الغربية، متعمدة اقصاء أهم حلفاء الداخل ومعلنة عدائها الواضح لما يسمى بــ “مقاومة تعز” لترضخ المملكة لإملاءات ابوظبي وتخفف من دعمها الكبير لجماعة الاخوان فرع اليمن
مناوشات سعودية اماراتية ساحتها جنوب اليمن:
الخلافات السعودية الاماراتية شهدت الكثير من التوتر في جنوب اليمن وبدأ الفريقان بتصفية حساباتهما عبر اياديها وعملائها داخل الجنوب من خلال دعم المليشيات المسلحة بما في ذلك تنظيم القاعدة وداعش وتنفيذ عمليات اغتيالات وتفخيخ سيارات لقيادات توالي هذا الطرف أو ذاك ،بل تطورت الامور الى مصادمات كما هو الحال في حادثة مطار عدن ، ورفض ورفض قيادة السلطة المحلية والامنية في عدن للكثير من قرارات هادي القريب من سلطات الرياض وهو ما جعل من بقاء هادي وحكومة بن دغر مستحيلا في المدينة الخاضعة لسيطرة الامارات ،وهو ما يبرر مكوث هادي وحكومته حتى اليوم في فنادق الرياض .
تقاسم الكعكة اليمنية:
المصالح الاستراتيجية باليمن للبلدين المتصارعين ،لا سيما عند تقاسم كعكة عدن فكل منهما يرى أنه ليس من صالحه أن ينفرد الأخر بالحل والعقد في جنوب اليمن، الامر الذي دفع أبو ظبي لدعم التيارات السلفية بالجنوب ما أثار ريبة المملكة، خاصة وأن الإمارات بدأت في التوغل في ملعب السعودية المتخصص بالجماعات السلفية، ناهيك عن المخاوف الإماراتية من فقدان السيطرة على ميناء عدن ومضيق باب المندب الامر الذي سيؤثر حتما على الدور الريادي الذي تلعبه الإمارات عبر ميناء دبي. اضافة الى ذلك تبرز اهمية بحيرة النفط الواعدة والممتدة من محافظة الجوف ومارب وحتى صحراء الربع الخالي، الذي تسعى السعودية للسيطرة عليه بمفردها، لزيادة إنتاجها النفطي إضافة إلى تأمين تصدير نفطها عبر بحر العرب بدلا من مضيق هرمز وذلك بالسيطرة على حضرموت . وهذا كله لايصب في مصلحة الامارات التي تبدي رغبتها ببقاء الحال كما هو عليه من صراع وقلاقل لتبقى عدن ومينائها تحت السيطرة.
تاريخ حافل بالصراع:
تاريخ حافل بالنزاع والصراع المتراوح بين الظاهر والخفي، ومنذ نشأة الدولتين فبين البلدين خلاف حدودي تاريخي على منطقة تسمى خور العديد والتي لم تنتهي إرهاصاتها بالتوقيع على ترسيم الحدود في عهد المؤسس الشيخ زايد ، فوصل الامر في 2010 إلى اشتباكات بين حرس الحدود في البلدين واحتجاز جنديين سعوديين،وقبلها في 2009 منعت السعودية دخول الإماراتيين إلى أراضيها بهوياتهم.
خلافات ثانوية:
الخلافات الاخرى تتمثل بمواقف ابوظبي وتقربها من العدو اللدود للمملكة والمتمثل بإيران ، على الرغم من احتلال الاخيرة لثلاث من جزرها الا ان بيانات اللجنة الأوروبية كشفت ان الإمارات في عام 2010 أصبحت ثاني أكبر شريك تجاري لإيران.كما ان نسبة الاستثمارات الايرانية في دبي بلغت مستويات قياسية أثارت إنزعاج السعودية ،فبدأت اللعب بذات الوتر من خلال التقاربات السعودية مع تركيا ومع باكستان.
وإضافة لماسبق فإن التنافس على لعب دور فاعل في المنطقة العربية يلقي بظلاله على مسار العلاقات بين البلدين وهذا ما كشفته الكثير من وثائق ويكليكس المسربة والتي اكدت حجم الهوة الوسيعة من الخلافات بين الامارات والسعودية لاسيما بعد وفاة الشيخ زايد والملك عبدالله ،حيث يطمح اولاد زايد للعب دور فاعل في صنع القرارات وبناء علاقات واسعة مع الدول الكبرى في محاولة منها للخروج من تحت العباءة السعودية التي لا تسمح بدورها باي تمرد خليجي عليها . كما ان الخلافات الشخصية بين امراء البلدين تلقي بظلال قاتمة على مستوى العلاقات والتعاون بينهما.
الخلاصة:
خلاصة القول بأن المصالح التي جمعت النقيضين (الامارات والسعودية)مع بقية الدول المشاركة في حربها على اليمن ، هي نفسها كفيلة بتفريقهما وهو الامر الذي تنبأ به محللون كُثر عرب واجانب عن إقتراب نهاية المغامرات السعودية الاماراتية وأنتهاء ايام العسل لتكون الايام المقبلة حُبلى بالمفاجئات ، ومن جمعتهم المصالح ستفرقهم المصالح ايضا.
خليك معنا