ما يحدث هو أن محمد بن سلمان يشتري عرشه من الولايات المتحدة الأمريكية وبمبلغ 460 مليار دولار، في صفقة سلاح، وبمبلغ قريب منه في صفقات أخرى.
القادم الجديد للحكم، من خارج التوقعات، يشتري مُلكه ويدفع نقداً، كي يتجاوز مستحقين آخرين للعرش، وحلفاء أسبق منه لواشنطن.
هذا هو الجذر الرئيسي، وبقية الأسباب تنويعات عليه.
من يستنتج من مشهد استضافة السعودية لترامب مقولاتٍ من نوع إن المملكة تعيش أوج قوتها، وتكرس نفسها كقوة دولية يُعتد بها؛ فإنه يقرأ في السطح، فيما لا يحتاج أحد لأي عمق كي يستنتج أن دولة ذات سيادة تشتري عرشها واستقلالها وأمنها وحمايتها ووجودها، من دولة ذات سيادة مثلها، وبمثل هذه المبالغ المهولة، هي دولة في غاية الضعف، مهما رافق هذا السفه من بريق أو من استعراض للعضلات.
لا تحتاج السعودية لأسلحة بمثل هذا المبلغ، فهي لن تستخدم معظمها، وما ستستخدمه منها في قتل الأطفال والنساء في اليمن لن يعود عليها بأي نصر عسكري، فمعيار الحسم في عدوانها على اليمن تجاوز منذ فترة بعيدة مسألة السلاح.
هي صفقات كغطاء فقط لــ”الجزية” التي طالب ترامب المملكة بدفعها، والرفع من حجمها، منذ حملته الانتخابية “إذا أرادت أن نستمر في حمايتها” طبقاً لتعبيره وبالحرف.
و قد دفعت قيمة الحماية بالفعل، وحصلت على فائدة إضافية: دعم الأمريكيين لـ”ابن سلمان” كخلف فوري لوالده في العرش بدلا عن ابن نايف (وقد تتراجع واشنطن لتحصل على المزيد من الأموال بالطبع).
أين تكمن القوة الحقيقية..؟
تكمن في المشهد الديمقراطي الأكبر في المنطقة، والذي شاهده العالم كله في إيران: أكثر من أربعين مليون إيراني ازدحموا عند صناديق الاقتراع لاختيار من سيجلس على الكرسي الأول في البلاد لحكمهم، بينما كانت السعودية منغمسة في شراء هذا الكرسي من الأمريكيين؛ لا من الشعب.
و لو كان ترامب يمتلك ربع ما كان سلفه (أوباما) يمتلكه من منطق، لما انخرط مع الرياض في الردح المائع تجاه “إيران”، ولكان كرر فقط ما قاله أوباما في أذن الممملكة سابقاً: الخطر عليكم ليس من إيران بل من داخل شعوبكم؛ شعوبكم المقموعة والممنوعة من الديمقراطية والحريات و.. و..