الصباح اليمني |تقرير: يونس أحمد|
لم تتخيل عبير في يوم من الأيام أن ذاك الباب الذي أملت أن يكون بوابة لطموحها قد يتحول في لحظة مفاجئة الى كابوس مرعب وما ان تبدأ الدخول عبره حتى تحيط بها أجهزة المخابرات التركية وترمي بها وبطموحها وراء القضبان بلا تهمة سوى أنها كانت تدرس في تتبع رجل الدين التركي المتهم بمحاولة الانقلاب على اردوغان فتح الله جولن.
حتى غيرت الجامعة والسكن لكن هذا لم يشفع لها لتنتهي القصة بترحيلها الى اليمن ووأد ثلاثة اعوام دراسية كأنها لم تكن.
عبير الرداعي طالبة يمنية، سافرت إلى تركيا قبل ثلاثة اعوام للدراسة، وكلها أمل في تحقيق ما عجزت عن تحقيقه في بلدها بفضل منحة حصلت عليها من جامعة تتبع رجل الدين التركي فتح الله كولن الرجل الذي لم تكن تعرف عنه شيئا في تلك الأيام سوى أنه زار اليمن وأدت بصوتها أغنية في حفل استقباله.
سافرت عبير معتقدة أن الحياة فتحت لها بابا آخر أكثر سعادة من وطنها الذي لم تجد فيه فرصة لتكون شيئا ولتحقق ما ترنو اليه لكن مع محاولة الانقلاب على النظام التركي الذي يتزعمه رجب طيب أردوغان واتهام الأخير لكولن بتدبير الانقلاب تحطم حلم عبير الرداعي في مواصلة الدراسة بنفس الجامعة واضطرت لمواصلة التعليم في جامعة أخرى.
خروج عبير من جامعة تتبع كولن لم يشفع لها أمام السلطات التركية لتنفذ ضدها حملة ملاحقة واستفزاز ثم نفذت الاعتقال بحقها وانتهى الأمر لترحليها إلى اليمن.
عبير الرداعي شأنها شأن الكثير من الطلاب اليمنيين الذين يدرسون في الخارج ولعلها المحظوظة من بينهم اذ تمكنت من العودة الى بلدها في حين هناك من يضطر للعمل الشاق لأجل سداد رسومه او يرهن جوازه ليأكل وجبة عشاء او يبقى رهن الاعتقال بدون تهمة حسب ما يقوله طلاب يمنيين في تركيا والهند وعدة دول اوربية وسط تجاهل رسمي لأوضاعهم الصعبة التي يعيشونها.
حرمان من التعليم
ضياء هو واحد من مئات الطلاب اليمنيين المبتعثين في الخارج والذين يعيشون وضعا مأساويا بعد انقطاع مستحقاتهم المالية، وضعا أحال احلامهم الى جحيم.
يذكر “ضياء” الطالب في سنة خامسة طب بجامعة في برلين ، أنه لم يتسلم مستحقاته المعيشية والرسوم الدراسية منذ سنة.
أدى ذلك – حسب حديث ضياء- إلى غرقه في المشكلات حين حان موعد تسديد رسومه، البالغة 3000 دولار أمريكي.
لكنه كما يقول: اعتبر نفسي أكثر حظا من بين بقية زملائي ، الذين تركوا الدراسة حين عجزوا عن تسديد ما عليهم، واستطعت أن اتدين الرسوم واكمل تسديد ما عليّ.
ويضيف: لكنني لم تنتهِ المعاناة عند هذا الحد، فأنا قادم على فصل دراسي جديد يتطلب رسوما جديدة، ولا أكاد أخرج من هم سنة الا لأنتقل الى هم جديد أكثر سوداوية من الذي قبله.
معاناة مكتملة الفصول
يقول أحمد الحسني عضو اتحاد الطلاب اليمنيين في اسطنبول عن معاناة الطلاب في الخارج بعد انقطاع مستحقاتهم والتي تتفاقم يوما بعد آخر: إن الطلاب يعيشون واقعا مؤلما لم يحتمله عديدا منهم، مما أدى إلى إصابتهم بأمراض نفسية، نتيجة للضغوط التي يتعرضون لها.
يضيف أحمد :يضطر البعض من الطلاب إلى التوقف عن الدراسة والعودة إلى اليمن، فيما يقوم آخرون بممارسة أعمال صعبة للغاية من أجل توفير الرسوم الدراسية حتى لا يتم إيقافهم عن مواصلة تعليمهم.
ويشعر “الحسني” بوجع كبير وهو يتذكر واقعهم المرير في الخارج، ويقول “كفى تشويه بسمعتنا كيمنيين، صرت أخجل أن أقول لكوني يمني بسبب المشكلات التي نعاني منها، خاصة بعد أن صارت تصل إلى هواتف الجميع في تركيا رسائل تحثهم على التبرع لليمنيين.
“نحن سفراء اليمن في الخارج، فلم الجوع والحرمان والإهانة للطلبة؟” هكذا أردف الحسني بأسى.
حكومة هادي.. أذن من طين وأخرى من عجين..
كما هو تعاملها اللامسؤول مع عدد من القضايا التي تهم المواطنين تتعامل مع الطلاب المبتعثين للدراسة، حيث تتجاهل السفارات اليمنية مع الطلاب المطالبين بحقوقهم معاملة سيئة تصفها الكاتبة الصحفية سمية دماج بالحقيرة. وتقول دماج عن السفارة اليمنية في تركيا كنموذج لهذا التعامل بمقال نشره موقع براقش نت الموالي للتحالف: سفارتنا الموقرة تتجاهل تماما قضية الطلاب اليمنيين المعتقلين في سجون السلطات التركية إلى اليوم بدون أي مبرر سوى الفساد الذي ينخر الدبلوماسية اليمنية منذ عقود للأسف الشديد.
وتضيف سمية: لا أغرب ولا أحقر من سفراء اليمن في الخارج؛ وما أكثرهم لكنهم عشرة بريال كما يقال؛ ووجودهم وعدمهم سواء طلاب يمنيين معتقلين منذ أسابيع في سجون أردوغان؛ مهددين بالترحيل بدعوى أنهم كانوا يدرسون في جامعات تابعة للفار عبدالله جولن.
وتتسآل سمية عن وظيفة السفارات إذا لم تلتفت لقضايا اليمنيين في الخارج؟ مضيفة: هل اقتصر دور السفارة والسفير على استلام رواتب ضخمة وبالدولار والجلوس في المكاتب المريحة لمشاهدة التلفاز؟ وما وظيفة وعمل السفير وطاقمه الدبلوماسي إذن يا حكومة هادي المريضة؟؛
وأشارت دماج إلى أن السفراء اليمنيين في الخارج عندما يتم التواصل معهم من أجل قضايا الطلاب لا يحركون ساكنا بل يتعاملون كأن الأمر لا يعنيهم.
ووجهت سمية مناشدة لوزير الخارجية في حكومة هادي عبدالملك المخلافي قائلة؛ اهتموا بقضايا الطلاب اليمنيين المعتقلين في تركيا ولو من جانب إنساني بحت؛ وحسب الله إن وظيفتكم تقتضي ذلك، عالجوا سوء اختيار السفراء وطواقم السفارات اليمنية في الخارج بإجراء بعض الاتصالات لإنقاذ مستقبل هؤلاء الطلاب الأبرياء، يا وزير الخارجية لقد كشفت قضية الطلاب اليمنيين المعتقلين في تركيا عن جنون نظام اردوغان وعن انحطاط شامل لسفراء اليمن في الخارج إلا قلة لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة؛ والطلاب الأبرياء هم الضحية للأسف الشديد.
تنهي حديثها بنبرة غاضبة: لم تعد للسفارات اليمنية في الخارج أي مبرر لوجودها بل إن ضررها أصبح أكثر من نفعها؛ ونرى ضرورة إغلاقها لتوفير ملايين الدولارات التي تصرف بدون أي فائدة تذكر.
أما عن رد فعل حكومة هادي تجاه الغضب الطلابي اكتفى وزير خارجيتها في تصريح لموقع “المدينة الان” بالتبرير بأن علاقة وزارة الخارجية هي تنسيقية واشرافية فقط ومهمة صرف مستحقات الطلاب هي من اختصاص التعليم العالي والمالية التي تعمل من خلال ملحقتين ثقافية مستقلة مكونة من مستشار أو ملحق ثقافي معين من التعليم العالي، ومستشار مساعد مالي معين من وزارة المالية، وفِي الغالب تعمل الملحقيات الثقافية من خلال مباني مستقلة ولها حساب مستقل تتلقى منه مخصصات الطلاب.
مضيفا تفهما منا لوضع الطلاب طرحنا الموضوع على رئيس الجمهورية لإعطائهم الأولوية وتوفير أي موارد رغم أن الدبلوماسيين أنفسهم لم تصرف مرتباتهم.
الجدير ذكره أن عدد الطلاب اليمنيين المبتعثين في الخارج نحو 9300 طالباً وطالبة، موفدين من 30 جهة حكومية إلى 38 بلداً، منهم 6139 طالباً وطالبة من وزارة التعليم العالي، في حين يبلغ إجمالي ما يصرف على الابتعاث الخارجي سنوياً 15 مليار ريال، بحسب إحصائية وزارة التعليم العالي اليمنية.
آخر وسائل الاحتجاج.. الاعتصام أمام السفارة
وإزاء هذه الأوضاع المزرية ليس أمام الطلاب من وسائل الاحتجاج إلا الاعتصام في السفارات وحتى هذا الحق منع عنهم في ماليزيا حيث استدعت السفارة اليمنية هناك الشرطة الماليزية لفض الاعتصام وذلك في يناير 2016م
خليك معنا