عام جديد من اختبارات الشهادة العامة الأساسية والثانوية لمئات الآلاف من الطلاب، في ظل الظروف التعليمية والمعيشية الاستثنائية التي يمر بها اليمن، مع استمرار أزمة المرتبات التي أثرت بشكل كبير على المعلمين والانقسام بين وزارتين في كلٍ من صنعاء، التي بدأت امتحانها السبت، وعدن التي تدشن فيها الامتحانات الأحد.
ووفقاً لوزارة التربية والتعليم في صنعاء، تقدم لامتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية، أكثر من 450 ألف طالبا وطالبة موزعين على 3 آلاف و321 مركزاً امتحانيا، بما في ذلك 198 ألفاً و136 طالباً وطالبة للمرحلة الثانوية، موزعين على ألف و85 مركزاً امتحانياً، تتوزع في المحافظات الخاضعة لسيطرة «أنصار الله»، بما فيها مديريات في تعز وفي مأرب.
وخلال التدشين الرسمي في صنعاء، اعتبر رئيس حكومة «الإنقاذ»، عبدالعزيز بن حبتور، أن «الطلاب والطالبات يخوضون الامتحانات في أوقات صعبة»، مضيفاً «هذا يوم مهم في حياة الطالبات والطلاب ومهم أيضا في حياة الأسر، وينبغي أن نشيد بكل هذه الأطراف التي نجحت في تجاوز التحديات الداخلية الخاصة، وكذا التحدي الأكبر الذي تعيشه بلادنا في هذه اللحظة التي يخوض فيها أبناؤنا وبناتنا الامتحانات، فيما لا زالت الصواريخ والمدافع تنهمر على وطننا من الجو والبر والبحر».
وخلال الأيام الماضية، كانت امتحانات الحديدة، على رأس اهتمامات التربية، مع وجود نزوح وحرب في العديد من المديريات، حيث أعلن مدير مكتب التريبة والتعليم في أمانة العاصمة، أن المكتب استقبل نحو ألف و 873 طالبا وطالبة من النازحين من محافظة الحديدة والساحل الغربي، وتم تسجيلهم وتوزيعهم على كافة المراكز الامتحانية، ومع ذلك، فقد دشنت التربية في الحديدة الامتحانات لعدد 19 ألف و450 طالبا وطالبة. أما في عدن، فقد أكدت الوزارة، على أن يتقدم الطلاب النازحين من الحديدة لأقرب مركز امتحاني بالقرب من مناطق نزوحهم، وأن يتم تأجيل امتحانات المناطق التي تشهد مواجهات إلى فترة لاحقة.
وتأتي امتحانات هذا العام، في ظل ظروف انقسام الطلاب بين مركزين امتحانيين بجدول وإدارتين مختلفتين، حيث من المقرر أن يتم تدشين اختبارات الشهادة الثانوية في عدن والمحافظات الخاضعة لسيطرة حكومة أحمد عبيد بن دغر، الأحد، ولا تشمل امتحانات التاسع الأساسي، كما هو الحال في صنعاء، والذي تبدأ الامتحانات الوزارية له الأحد.
ويشدد المعلمون على أهمية إنجاح العام الدراسي وسط الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وقال صادق أمين، مدرس في إحدى المدارس الحكومة بصنعاء لـ«العربي»، إن «نجاح الاختبارات مسؤولية على الجميع، خصوصاً أنها تأتي بعد عام صعب مع استمرار أزمة المرتبات التي يعاني المدرسون»، مضيفاً «هناك وعي لدى الجميع بأن نجاح الامتحانات أمر يتعلق بمئات الآلاف، ويجب أن يبقى هذا الجانب بعيداً عن الصراعات».
من جانبه، يقول مستشار «المنظمة العربية للتربية» طاهر الشلفي لـ«العربي»، إن «ما يشهده الوضع التعليمي في البلد من اختلالات متعددة في اهم محاوره وفي اخطر مراحلة خلال السنوات القريبة المتتابعة، نتاج لما يشهده البلد من حرب مستمرة على كافة الجوانب، ويهدد مستقبل ملايين الطلبة ويؤثر على وضع اليمن التنموي بشكل اساس وكذا على كافة الجوانب، وهذا لايقلل من الجهود الحثيثة رسميا والتي تبذل في سبيل ديمومة التعليم واستمراره في ظل ظروف غير مستقرة وحرب عسكرية».
وأضاف أن «تنفيذ اختبارات المرحلة النهائية لشهادتي الاساسي والثانوي هذا العام، يعد إنجازاً كبيراً للقائمين على التعليم في ظل توقف اجور المعلمين منذ 24 شهراً تقريبا لما يقارب 75% من القوى العاملة، وكذا انعدام اي نفقات تشغيلية وانعدام الكتاب المدرسي…»، مضيفاً أن «الاهم في ظروف كهذه ولنجاح سير الاختبارات، كان الأجدر أن يتم تنفيذ اللائحة الخاصة للاختبارات لتحقيق مبدأ الثواب والعقاب للعاملين على تنفيذ الاختبارات للأعوام السابقة، وكذا الطلبة حتى لا تستمر بعض الانتهاكات الخطيرة وما يسمى بالتسهيلات التي تقدم، وكذا تفشي واستخدام ظاهرة الغش والتي حتما تؤثر في سير الاختبارات ولتكون عبرة للآخرين».
وتابع الشلفي أنه «هنا كان لابد من أن نلفت انظار الجهات الرسمية، وكل المعلمين كما استكملوا عام دراسي كامل في ظل وضع صعب للغاية بلا مرتبات، ووضع معيشي هدد الكثير في لقمة عيشهم، اضف الى ذلك تواجدهم في مدارس كثيرة في عدد من المحافظات في مناطق تماس ومواجهات عسكرية، عليهم ان يبذلوا جهدهم في استحضار ضمائرهم في تنفيذ الاختبارات كما هو مرسوم لها»، ويرى أن على الطلبة في الوقت ذاته أن «يتوجهوا الى مراكزهم الاختبارية بكل ثقة وشجاعة واطمئنان معتمدين على محصولهم العلمي وبذل جهدهم لا اكثر، فوجودهم في قاعات الاختبارات هو نجاح في حد ذاته، ليس تعليميا فحسب؛ بل تعدى كافة الجوانب في ظل مرحلة حرب مستمرة منذ سنوات».